مع ارتفاع
عمليات المقاومة الفلسطينية، وتزامنها مع تنصيب
الحكومة اليمينية الفاشية في دولة
الاحتلال، زعمت أوساط إسرائيلية أن الوضع القائم يظهر أنه لا توجد علاقة مباشرة بين تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية، وطبيعة الحكومة القائمة في دولة الاحتلال، يمينية كانت أو يسارية أو من الوسط، رغم ما تعيشه من حالة فوضى سياسية منذ عدة سنوات.
واندلعت ظاهرة الهجمات المسلحة الفلسطينية رسميا في آذار/ مارس 2022، حين كانت الحكومتان السابقتان بقيادة نفتالي بينيت ثم يائير لابيد، وتواصلت بعد استلام الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، وبينهما حصلت قفزة في عدد الخسائر الإسرائيلية نتيجة هذه الهجمات، التي احتلت العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام طوال عام كامل.
دفير كرمون الباحث بجامعة بار-إيلان، أشار إلى أن "جميع الهجمات الفلسطينية تراوحت بين عمليات الطعن، وإطلاق النار، والهجوم بالفؤوس، ودفعت هذه القفزة الحادة في عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين بمعارضي حكومتي بينيت ولابيد لاتهامهما بأنهما تسببا بزيادة الهجمات، لكن إلقاء نظرة على التقارير الشهرية لجهاز الأمن العام- الشاباك، وبعد حوالي عام من هذه العمليات، يظهر أنه لا توجد وسيلة لإثبات هذه الاتهامات على أرض الواقع".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
مكور ريشون، وترجمته "عربي21" أن "الأشهر الأخيرة، وبعد تولي حكومة اليمين، يمكن ملاحظة أن عدد الهجمات الفلسطينية وصل ذروته، مما دفع معارضيها لاتهامها بالتخلي عن حياة الإسرائيليين، بسبب القفزة المتصاعدة في عدد الخسائر الإسرائيلية، والنتيجة الحقيقية أنه بغض النظر عن طبيعة الحكومة القائمة في تل أبيب، فإن المقاومة تتصاعد، وتودي بالخسائر، كما لو أن منفذيها لا يهتمون بمن هو على رأس دولة الاحتلال، لكن الشيء الرئيسي الذي يهمهم هو قتل الإسرائيليين".
وأشار إلى أنه "خلال حكومتي بينيت- لابيد، ومع نشر معطيات عام 2022 بخصوص عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقد وصل إلى المعدل الأعلى مما كان عليه منذ عقود، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، وبعضهم من المدنيين الذين لم يشاركوا في العمليات، وعند النظر إلى البيانات من منظور آخر، سنجد أن الشهور الثلاثة الأولى من عام 2023 هو دامٍ أكثر بكثير من عام 2022، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، بمعدل ثمانين حالة وفاة خلال شهرين ونصف فقط، فإن نهاية العام ستحمل معها أكثر من 350 شهيدا".
وأكد أن "هناك علاقة معينة بين تصاعد المقاومة وخطورتها، وعدد الشهداء الفلسطينيين، وهذا الارتباط متجذر في حقيقة أن الجيش الإسرائيلي يلاحق المسلحين داخل الضفة الغربية، ممن ارتكبوا عمليات فدائية، أو من كانوا على وشك القيام بها، وكلما تعمقت هذه الخسائر البشرية الفلسطينية، زادت قوة المقاومة، ومع مواصلة الجيش لعملياته العدوانية في الضفة الغربية، فمن المتوقع أن يزداد عدد الشهداء الفلسطينيين".
تجدر الإشارة إلى أن الساسة الإسرائيليين المتنافسين يعتمدون على الذاكرة القصيرة للجمهور الإسرائيلي، مما يجعل كل معسكر سياسي يستغل الوضع الأمني لصالحه على حساب المعسكر الآخر، ومع أن التجربة التاريخية تؤكد أن عمليات المقاومة تزامنت مع حكومات اليمين واليسار على حد سواء، في حين أن جيش الاحتلال بالكاد يغير سياسته العدوانية ضد الفلسطينيين بسبب التغييرات في الحكومة.
الاستنتاج الإسرائيلي من هذه القراءة أن الجدل السياسي المسيطر على حياة الإسرائيليين، وصل إلى مستويات غير مسبوقة باتهام كل معسكر للآخر بالتسبب بقتل الإسرائيليين، في ضوء أنهم عاصروا خمس جولات انتخابية، وحكومات استمرت لمدة عام بالكاد، ومظاهرات حاشدة على جانبي الخارطة السياسية، واشتدت بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.