أكدت
صحيفة عبرية، أن "
إسرائيل" التي تديرها حكومة يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو،
بدأت تفقد نفوذها الإقليمي وسيطرتها على توجيه مسار الأمور، حتى غاب من يمكن أن يتخذ
قرارات سياسية في تل أبيب.
وهاجمت
"
هآرتس" العبرية في تقرير نشرته للكاتب تسفي برئيل، وزيرة النقل والمواصلات
لدى الاحتلال، الليكودية ميري ريغيف المقربة من نتنياهو، بسبب تصريحها أنها "لا
تحب دبي"، ما تسبب في غضب
الإمارات وقلق رجال أعمالها وضجة في الشبكات الاجتماعية
التي امتلأت باقتباسات من أقوال ريغيف "المهينة".
ونوهت إلى أنه "لم يصدر أي نفي للتقارير بأن أبوظبي قد قررت تجميد صفقات أمنية مع إسرائيل.. الرئيس الإماراتي محمد بن زايد لا يخفي غضبه منذ فترة من سلوك حكومة إسرائيل، وكبادرة
تحد فإنه أمر بتحويل ثلاثة ملايين دولار للعائلات المتضررة من المذبحة في حوارة التي ارتكبتها
مجموعات المستوطنين، كما أنه أجرى محادثات هاتفية مع البيت الأبيض وقادة مصر والأردن والسعودية
بخصوص ما يمكن فعله أمام حكومة نتنياهو".
ولفتت
الصحيفة إلى أن "الإمارات التي وقعت على اتفاق تجارة حرة مع إسرائيل، تخشى من
التأثير الاقتصادي الذي يتوقع أن يكون للقوانين الجديدة على استقرار العلاقات التجارية
بين الطرفين، التي تبلغ الآن ملياري دولار تقريبا".
وحذر
رجال أعمال من الإمارات زاروا مؤخرا تل أبيب من "اختفاء إنجازات "اتفاقيات
أبراهام"
التطبيعية في حال خشي المستثمرون من عقد صفقات في إسرائيل"، مؤكدين
أن "الخسائر كلها ستكون من نصيب إسرائيل، لأن الإمارات لديها ما يكفي من الأماكن
في العالم التي يمكنها استثمار المليارات فيها".
وأشارت
"هآرتس" إلى أن "شخصيات إسرائيلية لا تخشى المس بـ"اتفاقات أبراهام"،
لكنها تعترف بأن أبوظبي، أصبحت هي التي تقدم الحماية السياسية الأساسية للفلسطينيين،
فقد سبق لها وبادرت لتقديم مشاريع قوانين في مجلس الأمن مع الفلسطينيين تطالب بإدانة
إسرائيل (بسبب المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال)، وسبق ذلك محاولة جهات رفيعة في
الإمارات إقناع نتنياهو بتهدئة المنطقة، لأن كل تطور عنيف يمكن أن ينزلق إلى مصر والأردن،
وإضافة إلى ذلك، فإنه مطلوب من أبوظبي تمثيل الأردن الذي صدم من أقوال وزير المالية بتسلئيل
سموتريتش، في باريس عندما نفى وجود شعب فلسطيني، وبعد ظهوره على خلفية خارطة إسرائيل
الكاملة التي تشمل الأردن".
وأشارت
إلى أن الأردن سارع إلى استدعاء السفير الإسرائيلي ايتان سوركس لمحادثة توبيخ ونشر
إدانة شديدة، وسوركس بدأ يتعود على محادثات الاستيضاح والتوبيخ، آخر محادثة كانت في
شهر كانون الثاني/ يناير، حين منعت قوات الجيش، السفير الأردني في تل أبيب، غسان
المجالي، من دخول المسجد الأقصى، وتمت تسوية الأمر، لكن ليس لفترة طويلة".
ورأت
الصحيفة أن تفاعل الأحداث في الأردن ومطالبة البرلمان هناك بطرد السفير الإسرائيلي؛
"يدل على المناخ الصعب السائد في المملكة"، منوهة إلى أن "العلاقات بين
إسرائيل والأردن والإمارات ومصر، هي الدعامة الأساسية لاتفاقات التطبيع وقبول إسرائيل
في الشرق الأوسط، حتى إن باقي الدول التي وقعت على الاتفاقات مع إسرائيل، وهي المغرب
والبحرين والسودان، هي توابع، وأهميتها هي بالأساس اقتصادية، وهي تعمل حسب سياسة الدول
الثلاث الهامة التي تقيم مع إسرائيل تعاونا عسكريا واستخباريا وسياسيا".
وذكرت
الصحيفة، أن "تركيا أيضا انضمت للإدانة اللاذعة ضد سموتريتش؛ أهميتها تكمن في أنها
دولة محور تربط بين السعودية والإمارات، التي استأنفت معها العلاقات، وبين روسيا وإيران.
العلاقات العسكرية مع مصر وثيقة ومتناسقة، والتنسيق الأمني مع الأردن متواصل كالعادة
رغم الغضب، ومصر القلقة تجري حوارا مع إسرائيل مع المستوى العسكري والاستخبارات، اللذين
يشكلان اليوم القاعدة الأساسية للتنسيق بين الدول بسبب عدم اليقين وغياب الثقة بالمستوى
السياسي في إسرائيل".
وأكدت
أن القاهرة قلقة من تحطم اتفاقيات جديدة وسابقة تم التوصل إليها بشكل غير مباشر مع
حماس، بسبب سيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية، وسيطرة وزير الأمن القومي إيتمار بن
غفير على نشاط "حرس الحدود" والشرطة في الضفة الغربية والقدس.
ونقلت
الصحيفة عن مصدر عسكري رفيع مقرب من المحادثات مع مصر قوله: "قدرة تأثير مصر على
التنظيمات الفلسطينية يرتبط بدرجة سيطرة نتنياهو على هؤلاء الوزراء، ويكفي أن يقتحم
وزير أو عضو كنيست المسجد الأقصى في رمضان، كي يفتح علينا باب جهنم".
ونبهت
إلى أن "المصالح الاستراتيجية المشتركة بين تل أبيب والقاهرة، مثل تسويق الغاز
وحماية الحدود بين سيناء وغزة والاعتماد المشترك على الولايات المتحدة، كل ذلك يضمن
في الأوقات العادية تنسيق العمل الأمني، لكن المصريين مثلنا يشعرون بأننا نقف أمام
واقع جديد".
وأضافت:
"هذا الواقع الجديد لا يرتبط فقط بسياسة حكومة إسرائيل، بل أصبحت تنتج عنه تطورات
دراماتيكية، ربما تمر من تحت الرادار الإسرائيلي بدون أي رد أو إعداد؛ آخرها قرار السعودية
وسوريا استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، حتى إن السعودية فاجأت إسرائيل بقرارها
استئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران، وبذلك تم تحطيم أسس التحالف العربي ضد إيران".
وتابعت:
"يوجد للإمارات سفارة في طهران، والبحرين تجري مفاوضات بمساعدة سلطنة عمان لاستئناف
العلاقات، إيران تستثمر الجهود لإقامة العلاقات مع مصر"، موضحة أن "الشرعية
الإقليمية التي تحظى بها إيران وسوريا لم تولد تحت المظلة الأمريكية، الصين كانت العراب
الوسيط الذي أحدث الانعطافة الهامة في العقد الأخير، فهل بعد ذلك سيتم تقييد قدرة
إسرائيل على مهاجمة
سوريا؟ هل المعركة ضد إيران التي انسحب منها الحلفاء العرب وبدون
دعم أمريكي، ستتحول إلى شعار فارغ؟ الخطوات الجديدة تجعل التوقعات لا لزوم لها".
وفي
موازاة ذلك "تقف العلاقات بين مصر وتركيا على شفا الاستئناف، وهذا التطور يمكن
أن تكون له تداعيات على منظومة تسويق الغاز التي تشارك فيها إسرائيل ومصر واليونان
وقبرص والإمارات.. وتركيا يمكنها أن تحقق طموحاتها بأن تكون مركزا إقليميا لتسويق الغاز
إلى أوروبا، وهي في هذه الأثناء تواصل تسويق الغاز الروسي".
وأوضحت
"هآرتس" أنه "في نسيج العلاقات هذا، فإنه توجد لإسرائيل مصلحة في عدم تجاوزها
أو عقد تحالفات بدون معرفتها، ويبدو أن إسرائيل لم تفقد السيطرة فقط على توجيه مسار
الأمور، بل أصلا لا يوجد من يعنى ويحلل ويتخذ القرارات في تل أبيب، كما أن البرودة
الحارقة التي تأتي من البيت الأبيض، تضمن أنه في المستقبل القريب ستواصل تل أبيب كونها
متفرجة من بعيد على الحفل الذي لم تتم دعوتها إليه، عندما تفتقر للقوة السياسية من
أجل التأثير والتدخل.. بالتحديد عندما تكون بحاجة إلى أي رافعة تضمن أمنها".