وسط
الاختلافات المتصاعدة في دولة
الاحتلال، ظهرت المزيد من التقديرات التي تتوقع أن
"تتفتت" إلى "قبائل"، مما يستدعي المسارعة المبكرة إلى
الانقسام لمناطق حكم ذاتي على أساس هوية مستقلة لكل قبيلة يهودية، على اعتبار أن
"السفينة
الإسرائيلية تغرق رويدا رويدا"، والوضع في الدولة أصبح أكثر
إثارة أمام العواصف الآخذة في التصاعد داخلها، مع تجمع المزيد من العيوب المحتملة
فيها.
ران إدليست
الكاتب في صحيفة
معاريف قدم شرحا لافتا عن أوضاع دولة الاحتلال من حيث إنها
"تمر في حالة من الأمواج العاصفة، والقبطان المخمور، والضباط المهملين،
والبحارة غير المبالين، وتسريب المياه الذي لا يأخذه أحد على محمل الجدّ، أما
الركاب فيأكلون ويشربون ويرقصون على متن السفينة، تمامًا مثل الحكومة اليمينية
الحالية التي تقرر مصيرنا وسط عاصفة 2023، بعض قادتها متعصبون، وبعضهم مجنون،
وبعضهم ساخر تمامًا، وهم جميعًا يهتفون بالوطنية الكاذبة".
ونقل في مقال
ترجمته "عربي21" عن البروفيسور أرنون سوفير الجغرافي والديموغرافي
المشهور أن "الواقع القائم يفيد بأن إسرائيل تضيع، فالأرثوذكس المتطرفون
سيدمرون الرؤية الصهيونية، ويساعدهم المستوطنون، من خلال إحداث حالة من الاضطراب
التي تذهب باتجاه تفكيك النسيج الاجتماعي الإسرائيلي بين أرثوذكس متدينين، وعرب،
وعلمانيين، ومقدسيين، وكأننا أمام نوع من الاتحادات القائمة على الهوية، وقد يكون
هذا هو الحل الصحيح لمآلات الوضع الإسرائيلي المتفاقم".
وأشار إلى أن
"الفكرة المنطقية للخروج من التفكك المؤكد للمجتمع الإسرائيلي هو الذهاب
باتجاه التقسيم الطائفي القبلي، وهي صالحة اليوم تمامًا، لأنه سيصعب على الدولة أن
تدير نفسها في حالة من العداء المتبادل بين قطاعاتها المختلفة، والتوقع باستمرار
هذه الحالة واضح للعيان، إما السماح لكل قبيلة بالعيش كحكم ذاتي جزئي في أراضيها،
أو سيتم عبور خط أحمر من العنف بين القبائل "الإسرائيلية" داخل الخط
الأخضر، الموازي للعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، المسمى بالعبرية "حربا أهلية"، وهي مسألة ضرورية من شأنها أن تؤدي للفصل الجغرافي بين القبائل التي
تعيش بين نهر الأردن والبحر المتوسط".
وأوضح أن
"شعار الحل هو "إسرائيل الفيدرالية"، القائمة على أرض الواقع فعلا،
وليس أدل على ذلك من وجود العديد من اللغات المحلية فيها، بين اليديشية
للأرثوذكس، والعربية لفلسطينيي48، والعبرية والإنجليزية ليهود السهل الساحلي،
والروسية لليهود الروس، والآرامية لليهود الأثيوبيين، وأي وصف لهذه الحالة بأنها
وحدة بين الإسرائيليين فهي هراء ذاتي يغذي الانقسام، وليس سوى كذبة وجود "عدو
مشترك" باعتبارها الصمغ النهائي للحفاظ على هذه الوحدة المتوهمة".
وطالب الكاتب
أن يكون "البروفيسور سوفير الرجل المناسب لرسم حدود الخريطة القبلية للقطاعات
الإسرائيلية المتقاتلة، لأنه يعتبرها الحل النهائي لدولة إسرائيل كما هي اليوم
مقارنة بالحل النهائي المتوقع لنا وهو التفكك الكامل، لأن من كان يعتقد من
الإسرائيليين أن لدينا "فيلا في غابة الشرق الأوسط"، فإنهم يدركون اليوم
أن "لدينا غابة في الفيلا".
تكشف هذه
الفكرة الغريبة عن مستوى حالة تراجع الثقة بين الإسرائيليين ودولتهم، فلم تعد هناك
ثقة حقيقية بما يقوله رئيس الحكومة والجيش وأجهزة الأمن، وكل مؤسسة رسمية، في هذه
الحالة يكون الانقسام قد وجد نفسه في الدولة، في ظل فشل جهود ترميم مستوى الثقة
القائم، وعدم القدرة على إدارة الأزمة القائمة والمتفاقمة، وفقدان الثقة المتبادلة
بين مختلف القطاعات السكانية الإسرائيلية، وانعدامها بالجهات التنفيذية ووسائل
الإعلام والحكومة، وليس واضحا كم سيحتاج الإسرائيليون من الوقت لكي يملؤوا هذا
الفراغ.