على خلفية الأصوات
الإسرائيلية التي تحذر من احتمال إفلاس
مصر، فإن
ذات الأصوات ترى أن لدولة الاحتلال مصلحة استراتيجية في ضمان الاستقرار لدى جارتها
الجنوبية، خاصة وأن تصدير الغاز الإسرائيلي من خلالها بات أكثر أهمية من أي وقت
مضى، مع العلم أن التقديرات الإسرائيلية تتحدث أن الوضع
الاقتصادي في مصر بات يشكل
ذروة التحديات الهائلة للنظام الحاكم، مع تزايد عدد المصريين، وندرة مصادر دخلهم،
وسياسته الاقتصادية الفاشلة بتعزيز الإصلاحات الأساسية.
مايكل هراري الدبلوماسي والسفير السابق والمحاضر في العلوم السياسية،
أكد أن "تفاقم الوضع المصري في السنوات الأخيرة بسبب أزمة كورونا وحرب
أوكرانيا، يتزامن مع زيادة صادرات الغاز من مصر، ووصولها كميات قياسية، وبيعها
بأسعار مرتفعة، إلا أن ذلك لا يكفي لمواجهة النفقات المصرية الباهظة، وفي الآونة
الأخيرة أصبح الوضع أكثر حدة، بحيث تسمع أصوات تحذر من إمكانية الإفلاس".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
معاريف، وترجمته
"عربي21" أن
"البيانات الاقتصادية المصرية مقلقة للغاية لإسرائيل، حيث يزيد دينها القومي
عن 220 مليار دولار، منها 155 مليارا ديون خارجية، ونصف ميزانية الدولة مخصصة
لسدادها، وبلغت خسارة الجنيه المصري لقرابة 32 أمام الدولار، حتى باتت مصر تعتمد
على قروض صندوق النقد الدولي ودعم دول الخليج، بالتركيز على السعودية والإمارات،
عبر ودائع ضخمة في مصر، مما يؤدي لتحسين ميزان المدفوعات وخزينة الدولة، وتقديم
ضمانات للقروض من المؤسسات الدولية".
وأكد أن "الدعم الدولي والإقليمي يستند إلى أهمية مصر الهائلة
للاستقرار، وحقيقة أن نظام السيسي يقف بحزم ضد الإسلام السياسي، وهي مصالح مشتركة
بين مختلف الأطراف، حتى الآن، ورغم ذلك باتت إسرائيل ترى تلميحات عن حدوث تغيير في
مواقف دول الخليج، وظهور بوادر مقلقة في ضوء غياب السعودية والكويت عن اجتماع طارئ
دعت له الإمارات لدراسة سبل مساعدة مصر والأردن، مما أعطى تعبيرات مثيرة للقلق عن
تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر".
وأشار إلى أن "فرضية تخلي قادة دول الخليج عن مصر تتزامن مع طرح
تساؤلات عما إذا كانوا يشكون بقدرة السيسي على التعامل مع الأزمة الاقتصادية
المتفاقمة في بلاده، في ضوء ما يسرده من مشاريع ضخمة مثل بناء العاصمة الإدارية
الجديدة، والسيطرة العسكرية العميقة على الاقتصاد، وسط استعادة للتاريخ المصري من
حيث مقارنة ديون مصر السيسي مع ديون الخديوي إسماعيل في القرن التاسع عشر، حين ترك
ديونًا ثقيلة زادت بشكل كبير من الاعتماد على الإمبراطورية البريطانية، صحيح أنها
مقارنة غير مألوفة، لكنها ذات دلالات إشكالية".
وأكد أن "القراءة الإسرائيلية للواقع المصري القائم تضع يدها
على المخاوف من تداعيات إشكالية على ساحتها الداخلية، وبالنسبة لإسرائيل فإن دعم
مصر مصلحة استراتيجية من الدرجة الأولى، فضمان استقرارها يعني استمرار سياستها
التي تقود استراتيجية إقليمية مشتركة في مواجهة التهديدات القائمة، وفي السنوات
الأخيرة تعمق بشكل كبير لقاء المصالح الاستراتيجية بين القاهرة وتل أبيب، بغض
النظر عن هوية الحكومة الإسرائيلية، وينعكس ذلك في قطاع غزة، وشرق البحر المتوسط،
ومواجهة السياسة الخارجية لطهران، وهنا يجب على إسرائيل أن تؤكد على بقاء
الاستقرار في مصر كما هو".
الخلاصة الإسرائيلية أن التعاون مع مصر في مجال الطاقة، وتصدير الغاز
الإسرائيلي إليها، وهو أحد قنوات الدخل الرئيسية للخزينة المصرية، أصبح أكثر أهمية
من أي وقت مضى في ظل الظروف الحالية، صحيح أن إسرائيل ليست في موقع للتأثير على
الطريقة التي يتصرف بها المصريون في الداخل، لكنها تسعى لاتباع سياسة خارجية لا
تغذي التصعيد الإقليمي، خاصة مع الفلسطينيين، حيث تلعب مصر دورًا بالغ الأهمية،
وتشهد على ذلك اجتماعات رئيس مخابراتها معهم.