في مؤتمر صحفي بالقاهرة، أعلن رئيس مجلس
النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري عن توصلهما لاتفاق
بشأن الأساس الدستوري للانتخابات، وأنهما أحالا القاعدة الدستورية للمجلسين
لاعتمادها، وأنهما سيعلنان عن خارطة طريق شاملة قريبا من إحدى المدن الليبية من
الراجح أن تكون طبرق شرق البلاد.
خارطة الطريق، كما أوضح عقيلة صالح وخالد
المشري، تتضمن موعدا لإجراء الانتخابات والتوافق على رئيس حكومة جديد، إلا أن
أسئلة ملحة بخصوص تفاصيل جوهرية للخارطة المرتقبة لم تجب عنها تصريحاتهما، كما أنهما
لم يتحدثا عن توقعاتهما بخصوص موقف المجلسين اللذين يترأساهما بخصوص إقرار القاعدة
الدستورية خاصة وأنها ظلت معلقة لأشهر بسبب النزاع الحاد حول عدد من النقاط في
مقدمتها شروط الترشح للانتخابات، خاصة الفصل في مصير المترشحين من العسكريين ومن
حملة الجنسيات الأجنبية بالإضافة إلى الجنسية الليبية.
تفاهمات عقيلة صالح وخالد المشري حتى عهد
قريب تدور حول تغيير المجلس الرئاسي وتغيير في المناصب السيادية خاصة منصب محافظ
المصرف المركزي وتغيير رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وتقديم الانتخابات البرلمانية
على الانتخابات الرئاسية، على ان يستمر بقاءهما في المشهد عبر عضوية المجلس
الرئاسي الجديد، فهل هذا هو محور ارتكاز الخارطة الجديدة، أم ان المعارضة القوية
التي عبر عنها خليفة حفتر في خطاباته وهو يزور مدن الشرق والجنوب ووسط البلاد،
ومعارضة الأعلى للدولة الذي رتب المسار السياسي وملامح الخارطة المنشودة حسب
أولويات لا يأتي في مقدمتها تغيير السلطة التنفيذية، رئاسي وحكومة، والمناصب السيادية.
القاعدة الدستورية ذاتها ما تزال محل خلاف
حاد، كما سبقت الإشارة، ولم يرد في كلام الرئيسين أي جديد يجعل التوافق حولها من
قبل النواب والأعلى للدولة أمر ممكنا، ولقد أشار المشري إلى اللجوء إلى آلية
الاستفتاء حول النقاط الخلافية في حال فشل التوافق حول القاعدة الدستورية، وهو ما
يدلل أن تمرير القادة الدستورية ليس راجحا.
اتفاق عقيلة صالح وخالد المشري وقع في القاهرة، ومعلوم المناكفة بين مصر وتركيا حول إدارة الأزمة الليبية واتجاه الحل، وبرغم أن المشري في بعض مواقفه ينسق مع الحليف التركي، إلا أن هناك ما يشير إلى رحجان كفة القاهرة في التوافقات الحالية، وهذا في حد ذاته تحدي.
لقد عطل الرافضون لمسودة الدستور التي أعدتها
هيئة وضع الدستور المنتخبة الاستفتاء عليها، ويمكن لمن رفض استبعاد العسكريين
ومزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات، وهو الأصل المعمول به في كل التجارب
الديمقراطية، أن يعرقل الاستفتاء.
اتفاق عقيلة صالح وخالد المشري وقع في
القاهرة، ومعلوم المناكفة بين مصر وتركيا حول إدارة الأزمة الليبية واتجاه الحل،
وبرغم أن المشري في بعض مواقفه ينسق مع الحليف التركي، إلا أن هناك ما يشير إلى
رحجان كفة القاهرة في التوافقات الحالية، وهذا في حد ذاته تحدي.
المنتظم الدولي الذي يعبر عنه العواصم
الغربية وتعبر عنه البعثة الأممية رد على إعلان القاهرة برسائل واضحة لم تعكس
تأييدا صريحا وقويا لعقيلة صالح والمشري، فالتركيز في تصريحات المنتظم الدولي كان
عن ضرورة تحديد موعد الانتخابات وأساسها الدستوري والقانوني ولم تقع إشادة بخارطة
الطريق التي تحدث عنها الرئيسان.. وقد يفهم من هذا أن هذه الأطراف ما تزال تنظر
بعين الحذر لما يصدر عن عقيلة صالح وخالد المشري.
عليه يمكن الخلوص إلى أنه لا جديد في اتفاق
القاهرة يبعث على الأمل لدى الليبيين الذين طحنتهم الأزمة المفتعلة وعمق معاناتهم
تنازع الساسة الذين، في نظر قطاع واسع من
الرأي العام، غلَّبوا مصالحهم الخاصة على
مصلحة الليبيين، فالغموض كان سيد الموقف في تصريحات عقيلة صالح وخالد المشري بخصوص
الخارطة الجديدة والتي يمكن أن تكون عامل عرقلة للمسار السياسي وليس سببا لتوافق
عادل وبناء.