أكبر صداع له سيكون استرضاء قاعدة أقصى اليمين بالحزب الجمهوري الذين لا يميلون إليه كثيرا، ويفضلون منافسه عليه.
يسعى حثيثا وراء منصب رئيس "
الكونغرس" الذي طارده منذ فترة طويلة وكان هاجسه منذ سنوات بعدما تعهد بالولاء للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقاعدة حزبه اليمينية المتعصبة.
تكمن قوته في قدرته على بناء العلاقات، لكنه يبدو متزلفا ومنافقا للوبي اليهودي بأمريكا في محاولته تقديم شهادة حسن سلوك جديدة عبر هجومه غير الديمقراطي وغير الدستوري على عضو الكونغرس المسلمة إلهان عمر، وهو هجوم رفضته المنظمات الليبرالية اليهودية.
كيفن
مكارثي المولود عام 1965 في مدينة بيكرسفيلد في كاليفورنيا لرجل إطفاء، حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام 1989، والماجستير في إدارة الأعمال عام 1994 من جامعة كاليفورنيا.
انتخب لعضوية مجلس ولاية كاليفورنيا في عام 2002 في أول موقع رسمي له وهو ما ساعده فيما بعد لينتخب في مجلس النواب الأمريكي في عام 2007 لأول مرة، وبعدها بعامين ساعدته شخصيته في أن يصبح نائب رئيس
الحزب الجمهوري، حيث وصف وقتها بأنه "سوط الأغلبية" وكانت مهمته التأكد من عدم خروج الأعضاء "الجمهوريين" في "الكونغرس" عن موقف الحزب خلال التصويت على القوانين.
كانت المرة الأولى التي يعلن فيها عن نواياه لرئاسة مجلس النواب الأمريكي في عام 2015 حين فشل بفارق ضئيل أمام منافسه بول رايان حينها. وما لبث أن انتخب في عام 2019 زعيما للأقلية الجمهورية في مجلس "الكونغرس".
ولم ينس مكارثي تطلعه الشخصي للجلوس مكان نانسي بلوسي، فقد بدا انتخابه زعيما لـ"الجمهوريين" في مجلس النواب بعد أن حققوا الأكثرية الضئيلة في انتخابات التجديد النصفي، خطوة كبيرة نحو رئاسة المجلس.
وسيكون كما هو متوقع رئيسا لـ"الكونغرس" في 3 كانون الثاني/يناير المقبل، عندما يجتمع النواب المنتخبون حديثا من "الديمقراطيين" و"الجمهوريين" لانتخاب رئيس لهم، وهو ثالث أهم منصب سياسي في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائب الرئيس.
فوز مكارثي بزعامة "الجمهوريين" في "الكونغرس" أبعد عنه كابوس عضو مجمع الحرية اليميني أندي بيغز الذي قد ينافسه على رئاسة مجلس النواب.
وسبق أن أوضح الجناح المحافظ في الحزب بأنه سيضع شروطا قبل دعم مكارثي.
كان مكارثي مدافعا صلبا عن ترامب الذي وصفه بـ"كيفن الخاص بي". مكارثي دعم ترامب لفترة طويلة، بعد الانتصار الذي حققه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، وأيد موقف ترامب في إنكار فوز بايدن. لكن مكارثي ما لبث لاحقا أن أدان اقتحام "الكابيتول" عام 2021 من قبل مؤيدي ترامب.
وعاد واعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية وهو ما يجعله على مشارف معركة مع ترامب الذي أعلن ترشحه للرئاسة الأمريكية في انتخابات 2024.
إذ سيكون لمكارثي، حال أصبح رئيسا لمجلس النواب، رأي كبير في ما إذا كانت لجنة التحقيق في أحداث "الكابيتول" ستواصل عملها، إذا حدث ذلك، فقد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى ترامب.
ويخشى مكارثي أن يتحول إلى ضحية لهجمات محتملة لترامب، كما حصل مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وربما يكون أكبر هم لمكارثي هو اختيار المرشح الجمهوري المقبل للرئاسة.
وفي حال تم الاتفاق الحزبي على ترامب، فسيضطر للعمل معه، وهو ما يعني حكما أن على الرجلين وضع الخلافات السابقة وراءهما.
مكارثي لفت أكثر من مرة إلى أنه إذا أصبح رئيسا للمجلس، فسيتخذ إجراء لإصلاح "ما أفسدته نانسي بيلوسي بشدة" بحسب قوله. وأضاف أن عمل الجمهوريين في مجلس النواب سيبدأ على الفور بما يلي: "الوفاء بالتزامنا تجاه أمريكا، وتحميل هذه الإدارة المسؤولية، وتوقيف جدول أعمال بايدن".
يعتبر مكارثي من أهم المدافعين عن حق الإجهاض، لكن دون تحميل الخزانة الأمريكية الأمر باستثناء الحالات المتعلقة بإنقاذ حياة المرأة، أو في حال كان الحمل ناتجا عن زنا المحارم أو الاغتصاب.
وفي بداية ظهور فيروس كورونا "كوفيد19" أطلق بعض "الجمهوريين"على المستجد "فيروس ووهان" أو "فيروس الصين"، وصوت حينها مكارثي ضد قرار "الكونغرس" بتسمية الفيروس باسم المدينة التي ظهر منها.
لا يتوقف مكارثي عن الدفاع عن دولة الاحتلال ومهاجمة الفلسطينيين والجهات الداعمة لهم، وفي عام 2019 هدد باتخاذ إجراءات ضد النائبتين رشيدة طليب وإلهان عمر، اللتين انتقدتا ممارسات الاحتلال وسياسة الفصل العنصري وأيدتا مقاطعة "إسرائيل". وقال: "إن لم يتخذ الديمقراطيون خطوات في هذا الصدد، فأعتقد أنكم سترون ما يمكنني فعله".
وقبل أيام انتقدت ثماني منظمات يهودية ليبرالية، مكارثي، لإطلاقه وعدا بإقالة عضو "الكونغرس" إلهان عمر من مقعدها في لجنة الشؤون الخارجية .
وأوضح مكارثي للجنة اليهودية الجمهورية الشهر الماضي، أنه "لم ينس ما قالته إلهان عنه وعن إسرائيل.. لقد وعدت العام الماضي بأنها لن تكون في الشؤون الخارجية وسأفي بذلك".
وأبدى مكارثي دعمه في عام 2020 لضم الضفة الغربية المحتلة، موجها رسالة تهنئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولا يؤيد مكارثي أي قانون لتسهيل الهجرة أو إقامة المهاجرين غير النظاميين. كما أنه يعارض، كترامب، آراء العلماء حول التأثير البشري على المناخ العالمي، وعارض مرارا قوانين متعلقة بالبيئة وبتأثير الوقود الأحفوري على المناخ.
ولعل أكبر تحد سيواجهه مكارثي حال وصوله لرئاسة مجلس النواب هو إدارة التوازنات في المجلس مع وجود أغلبيته "جمهورية" جزء كبير منها من اليمين المتعصب في ظل وجود رئيس "ديمقراطي" في البيت الأبيض.
دوليا سيكون مكارثي مضطرا إلى تحجيم الدعم الذي يستعد مجلس النواب لتقديمه إلى أوكرانيا، في ظل بعض الأصوات الجمهورية الداعية إلى وقف التمويل عن كييف، وكان قد أعلن مكارثي نفسه بأنه سيعارض تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وقال إن "الشعب الأمريكي سيكون على الأغلب يعيش ركودا، وبالتالي هم، بكل بساطة، لن يوقعوا شيكا على بياض لكييف".
يأتي هذا بعدما قدمت الولايات المتحدة ما يزيد عن 60 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا، مع أكثر من 18.2 مليار دولار من المساعدات الأمنية منذ عام 2021.
تبدو طريق مكارثي نحو رئاسة مجلس النواب الأمريكي سالكة وممهدة لأنه لا يوجد مسار بديل لدى الحزب الجمهوري فيما يتعلق برئاسة "الكونغرس" وحتى في تحديد هوية المرشح المفضل للحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن في جميع السيناريوهات سيكون مكارثي قد جلس مكان نانسي بيلوسي ليقوم بدوره بمناكفة الرئيس "الديمقراطي" بايدن ووضع العصي في عجلات رئاسته وإفشال مشاريعه وبرامجه.