نشرت صحيفة "
غازيتا" الروسية تقريرا سلطت خلاله الضوء عن اعتقاد بعض ممثلي الدول الغربية أن اتفاقًا بشأن وضع شبه جزيرة
القرم يمكن أن يصبح الحجر الأساس للوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة الروسية الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن صحيفة "واشنطن بوست" أن الجنرال البريطاني ديفيد ريتشاردز يرى أن إجراء استفتاء بشأن ملكية شبه الجزيرة قد يعجل بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
وذكرت عن "واشنطن بوست" أن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومستشاريه أوحت إلى وجود ميل نحو تقديم التنازلات الدبلوماسية في وقت مبكر من الصراع.
ففي المحادثات التي نظمت في إسطنبول في آذار/مارس من هذا العام، عبرت أوكرانيا عن استعدادها لمناقشة وضع شبه جزيرة القرم. بالإضافة إلى ذلك، أشارت "واشنطن بوست" إلى المطالب الملحة لكلا الجانبين بشأن شبه الجزيرة، العامل الذي يمنع إبرام معاهدة سلام وقد ينتج عنه إما غزو أوكرانيا لشبه جزيرة القرم، أو استفزاز القيادة الروسية لاتخاذ إجراءات قد تصل لدرجة استخدام الأسلحة النووية.
الوضع وجوانب المفاوضات
وأفادت الصحيفة أنه في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عبر الرئيس الأوكراني عن رأي مفاده أنه عن طريق المفاوضات، لا تسعى
روسيا إلى تسوية الوضع، بل إلى وقف الأعمال العدائية لفترة قصيرة المدى، قائلا: "إن السلام الحقيقي والدائم لا يمكن تحقيقه دون إزالة جميع عناصر العدوان الروسي".
وبحسب زيلينسكي تتطلب التسوية السلمية الالتزام بجملة من الشروط، أهمها ضمان الأمن الغذائي والطاقي لأوكرانيا والإفراج عن الأسرى والمرحلين، فضلا عن تنفيذ ميثاق الأمم المتحدة واستعادة وحدة الأراضي والنظام السلمي جنبا إلى جنب مع انسحاب القوات الروسية من أراضي أوكرانيا ووقف الأعمال العدائية والتعويض عن الأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية.
بالإضافة إلى تقييم الأضرار التي لحقت بالبيئة وضمان الأمن وتوقيع وثيقة تلزم بتحديد نهاية الحرب.
وتطرقت الصحيفة إلى المفاوضات التي جمعت بين رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والتي تطرق خلالها بحسب ما أفاد به ناريشكين إلى القضية الأوكرانية والأمن النووي والاستقرار الاستراتيجي.
وفي التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أعلن فلاديمير بوتين أن الاجتماع الذي دار بين ناريشكين وبيرنز تم بناء على طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن، بينما لم يكشف عن تفاصيل أخرى بشأن المفاوضات في وقت نفى فيه الجانب الأمريكي التطرق إلى المسألة الأوكرانية خلال الاجتماع.
والجدير بالذكر - بحسب الصحيفة - أن بوتين أعرب عن استعداد روسيا للتفاوض بشأن أوكرانيا مستحضرًا تصريح المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، التي ذكرت خلاله أن اتفاقيات مينسك قد أبرمت في عام 2015 من أجل منح أوكرانيا الفرصة للاستعداد لخوض صراع واسع النطاق ضد روسيا.
وأشار بوتين إلى غياب احتمال تجنب الاتفاقات، معربًا عن استعداد روسيا لذلك، غير أن العائق الوحيد يتمثل في الطرف الذي سيقع التعامل معه.
وتجدر الإشارة إلى الدور الذي تلعبه تركيا في تحقيق التسوية السلمية بعد إعلانها في العديد من المناسبات استعدادها لتنظيم منصة لعقد مفاوضات السلام.
خلال ذلك؛ عُقدت جولتان من المفاوضات بين موسكو وكييف في إسطنبول أثمرت بتوقيع صفقة الحبوب. ومع ذلك؛ تعتقد أنقرة أنه يتعين على موسكو إعادة جميع الأراضي التي استحوذت عليها بعد عام 2014، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. من جانبه؛ أشار مستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين نهاية آب/ أغسطس الماضي إلى ضرورة ورود عودة شبه جزيرة القرم إلى الولاية القضائية الأوكرانية في اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
وفي نهاية التقرير أشارت الصحيفة إلى محاولة فرنسا لعب دور كبير في عملية الوساطة بين روسيا وأوكرانيا. ففي شهر آذار/ مارس من العام الجاري، أجرى ماكرون مع نظيره الروسي تسع محادثات هاتفية بغاية مناقشة تسوية الوضع في أوكرانيا؛ ورغم إعلان ماكرون عن استعداده للمشاركة في المفاوضات غير أن مبادراته ظلت دون رد.