تحدث
موظف حكومي ليبي سابق، عن تفاصيل مروعة لاختطافه واحتجازه من قبل أجهزة
الاستخبارات الليبية، وتوجيه اتهامات له بالتجسس.
وقال
وليد الحضري، إنه استدعي في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، للقيام
بترجمة فورية خلال اجتماع بين مسؤولين ليبيين وعدة سفراء أجانب في العاصمة طرابلس،
وقام بعد نهاية الاجتماع بمرافقة السفير الكونغولي سيرا على الأقدام نحو سيارته
وودعه، ثم عاد إلى غرفة الاجتماع لجمع أغراضه.
وأوضح
أنه بعد عودته إلى قاعة الاجتماع وجد أشخاصا بانتظاره، قاموا بضربه واختطافه تحت
تهديد السلاح، وبعد ذلك نقلوه إلى مكان مجهول.
وأكد
أن أجهزة الاستخبارات هي التي أرسلت الرجال الأربعة، الذين كانوا يرتدون زيا
مدنيا، واقتادوه إلى أحد سجون طرابلس السرية، التي تديرها في بعض الأحيان
مجموعات من المليشيا التي تسيطر على العديد من أجزاء العاصمة.
ووجهت
الاستخبارات الليبية له تهمة الحصول على أسرار عسكرية. ووضع في حبس انفرادي، ثم نقل
إلى موقع آخر وتعرض للتعذيب، وحرم من كافة مظاهر الحياة الطبيعية، بحسب هيئة
الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ولفت
إلى أنه حرم من المياه مدة ثلاثة أيام متواصلة، وكان عناصر الاستخبارات يأتون لضربه على الظهر ثلاث مرات يوميا، دون أن يسألوه عن شيء على الإطلاق. وبعد أسبوعين
بدأ الاستجواب.
وعرض
المترجم السابق على ممثل الادعاء. وبعد شهر، في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر عام
2020، نقل هو وزميل له كان محتجزا أيضا، إلى سجن الرويمي في ضاحية عين زارة
بطرابلس.
وأضاف:
"في اليوم الذي ذهبنا فيه إلى السجن شعرنا بأننا أحرار، فرغم أننا كنا في
السجن، فإننا على الأقل أضحينا داخل إطار منظومة محددة".
وكان
يعمل الحضري في قسم الترجمة بوزارة الشؤون الخارجية قبل اعتقاله، ورشح لشغل منصب
رئيس قسم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وهي الترقية التي كلفته أكثر بكثير مما
كانت تستحق.
واتهم
الحضيري بـ"اختراق نظام المعلومات السري للوزارة". وذكرت وسائل الإعلام
أنه وضع في الحجز منتصف تشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، ونشرت بيانا صادرا عن مكتب
النائب العام جاء فيه أن وكالات الاستخبارات ألقت القبض عليه.
ثم
اتهم هو وزميله سفيان مرابط الموظف بقسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالوزارة
فيما بعد بـ"استخدام وسائل الاتصال عن بعد بغرض الحصول على أسرار
دفاعية". واتهم الحضيري بتحميل نظم على الحاسوب الخادم بالوزارة (السيرفر)
وربطه بحاسوب خادم آخر في فرنسا حيث يعمل والده سفيرا.
ورفضت
وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية التعليق على القضية.
اقرأ أيضا: مطالب بالإفراج الفوري عن 5 آلاف مهاجر ولاجئ محتجزين بليبيا
وضع
مرابط في السجن تقريبا في نفس الوقت الذي سجن فيه الحضيري، وأطلق سراح الاثنين في
كانون الثاني/ يناير عام 2022، بعد محنة استمرت نحو 15 شهرا.
واتهم
الحضيري مدير قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ذلك الوقت -وهو رجل يصفه
بأنه "على صلة بشخصيات نافذة في طرابلس"- بأنه وراء التهم
"الباطلة" التي وجهت إليه، في محاولة، على حد قوله، لمنعه من أن يصبح
رئيسا للقسم، وهو منصب ينطوي على عدد من المزايا.
وبعد
أشهر من حملة شاركت فيها عائلته ومحاموه واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا
التي كان متطوعا فيها، قررت المحكمة أن الاتهامات "ليس لها سند في الواقع أو
في القانون، بل كانت (نتيجة) خلاف بين زملاء في العمل".
وجاء
في حيثيات حكم البراءة كذلك أن الحضيري ومرابط أجبرا على الاعتراف بالإكراه، وتعرضا
للقمع "الجسدي والنفسي" و"اختطفا واقتيدا إلى حيث لا يعرف أحد
مكانهما، ما دفع عائلتيهما إلى الاتصال بمكتب النائب العام وتقديم بلاغ بأنهما
مفقودان".
ولم
تستجب وزارة الخارجية الليبية أو النائب العام أو المدير السابق لقسم تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات لطلباتنا المتكررة للتعليق.
وفي
آب/ أغسطس الماضي، ذكر ديوان المحاسبة الليبي أنه رصد "انتهاكات" بما
يتعلق بالتعيينات القنصلية والدبلوماسية داخل الوزارة، وسلط الضوء على تعيين أفراد
من "خارج قطاع الشؤون الخارجية". وأصدر الديوان توصيات شملت
"التوقف عن زيادة عدد أفراد البعثات الدبلوماسية" في الخارج.
وقد
وثقت الأمم المتحدة بشكل مفصل ظاهرة الاختفاء القسري لعدد من الأشخاص في أعقاب
ثورة عام 2011، التي أفضت إلى الإطاحة بالزعيم معمر القذافي الذي حكم البلاد على
مدى أعوام طويلة، وأسفرت كذلك عن سقوط البلاد في براثن الفوضى.
غرق مركب مهاجرين يحمل 27 مصريا قبالة سواحل ليبيا
تقرير حقوقي: الكشف عن مقابر جماعية جديدة بترهونة الليبية