بعد أن ورد اسمي في مسلسل المخابرات "
الاختيار 3"، وسرد الواقعة الخاصة بالوفد الرئاسي الذي زار
سيناء، وشرفت أن كنت أحد أفراده، وخوفا من التزوير المتعمد الذي دأب عليه
السيسي ورجاله، طلب مني بعض قيادات
المصريين في تركيا أن أوضح حقيقة الموضوع لله ثم للتاريخ.
دأب النظام الانقلابي على سياسية التشويه والتشهير بكل وطني رافض لحكم المؤسسة العسكرية، والذي يتم عبر الإعلام والمسلسلات ومنها مسلسل "الاختيار 3"، والذي تعرض لاسمي شخصيا في ما يتعلق بزيارة سيناء.
وقبل التعليق نتساءل: ما هي المعلومات عن اغتيال 16 جندي من أبنائنا المتوفرة لدى مدير المخابرات؛ الذي وقعت الجريمة وهو يشغل هذا المنصب (اللواء عبد الفتاح السيسي) ومسؤوليته المباشرة عن ذلك، فضلا عن مسؤولية وزير الدفاع حينها (المشير حسين طنطاوي)؟ وما هي التحقيقات التي أجريت وما نتائجها؟ وبكل تأكيد سيأتي اليوم الذي يفضح فيه هؤلاء المجرمون الذين يسفكون دماء أبنائنا بدم بارد. وكيف ينال إعلام الدولة من دورنا الوطني وهو لا يستطيع الإجابة على هذه التساؤلات؟
لقد كان مخطط الانقلاب يقوم على إشعال مصر كلها مبكرا، ومنها سيناء، عبر خلق توتر بين أبناء سيناء من جهة والجيش والشرطة من جهة أخرى، حيث وقعت منهما بعض الانتهاكات بحق أهالي سيناء. فقام الرئيس
مرسي بواجبه كرئيس في حقن دماء المصريين، فانتدب مجموعة من المصريين الوطنيين لتطويق هذا المخطط لحقن دماء المصريين.
تواصلنا مع مؤسسة الرئاسة التي كان على رأسها الدكتور محمد مرسي، وشرحنا لهم خطورة الأمر واتفقنا على تشكيل وفد ينطلق من رئاسة الجمهورية إلى سيناء لملاقاة الشباب هناك، وعلى عجل تم تشكيل الوفد وتوجهنا إلى قصر عابدين لكي تنطلق المأمورية بصورة رسمية وبالسيارات التابعة للرئاسة، وبمجرد أن وصلنا إلى قصر عابدين وجدنا قائد الحرس في انتظارنا، وقد رحب بنا بحفاوة بالغة وقد طلب منا بتلطف كبير أن نترك أي سلاح معنا في السيارات حتي نمر بسلاسة من البوابات الإلكترونية (كان ضمن الوفد بعض شيوخ العرب ونائب في البرلمان ممن معهم أسلحة مرخصة).
وبمجرد دخولنا إلى ساحة القصر خر الشيخ مهدي الغزلاني (رئيس اللجان الشعبية بكرداسة) ساجدا بين يدي الله شاكرا له على أنعمه، ولما قام أخذ يقول سبحان المعز المذل الخافض الرافع ويتلو: "وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها"، وطلب من جميع أفراد الوفد أن تلهج ألسنتهم بالحمد لله الواحد الأحد.
وانطلق الوفد إلى سيناء، وكان وفدا كبيرا عبارة عن ست سيارات، ثلاث سيارات من رئاسة الجمهورية وثلاث سيارات مدنية تابعة لأفراد الوفد، وبمجرد أن عبر الوفد الرئاسي كوبري السلام، وأصبحنا في الحدود الإدارية لسيناء، وجدنا حراسة شرطية كبيرة تنتظرنا بقيادة نائب مدير أمن العريش، وبسرعة قامت الحراسة بمرافقة الوفد وعمل كردون أمني على سيارات. الرئاسة وكانت السيارات تسير بسرعة كبيرة، ولما وجد قائد الحرس أن ثلاث سيارات مدنية تلاحق بسرعة سيارات الرئاسة، أشهر مسدسه بالتحذير، ولكن بسرعة تواصلنا مع مندوب الاتصال وأفهمناه أن الوفد مكون من ست سيارات وليس ثلاثا، وبسرعة كبيرة تم توسيع الكردون الأمني ليشمل السيارات الست.
وبمجرد دخول الوفد الرئاسي إلى مدينة العريش وجدنا مدير أمن العريش في انتظارنا، وبعد ترحيب كبير منه بأعضاء الوفد عرض علينا الضيافة في مديرية الأمن لكي نتجاذب أطراف الحديث عن مهمة الوفد وأهدافها والأماكن التي من المنتظرة زيارتها، ولكننا شكرناه ووعدناه أنه إذا أنجزنا مهمتنا ووجدنا وقتا سنمر عليه، وهو ما لم يحدث حيث تأخرنا جدا في الزيارة.
وانطلق الوفد قاصدا مدينة الشيخ زويد، التابعة لمحافظة شمال سيناء، وقبل الدخول إلى مدينة الشيخ زويد تشاور أعضاء الوفد بشأن الحراسة الشرطية الكبيرة التابعة لمديرية أمن العريش والمصاحبة لنا منذ أن دخلنا إلى سيناء، وتوقف الوفد فجأة لكي يبلغ أحد أفراده بعدم الحاجة لهذه الحراسات، وبالفعل تم شكرهم على وجودهم برفقة الوفد، ولكن طلبنا منهم الرجوع لعدم الحاجة إليهم، وبالفعل تمت عودة جميع الحراسات ودخلنا مدينة الشيخ زويد بنفس السيارات التي انطلقت من القاهرة.
وفي اليوم الثاني كتبت جريدة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية عنوانا غريبا عن الوفد الرئاسي الذي اختفى في سيناء، ولم يعرف أين ذهب ومع مَن تقابل.
وبمجرد دخولنا إلى مدينة الشيخ زويد وجدنا بعض مشايخ سيناء وبعض قيادات الحركة الإسلامية من أصدقائنا الذين تعرفنا عليهم في سجون حسني مبارك. كان استقبالا رائعا حيا فيه مشايخ سيناء الوفد الرئاسي بالتحية المعتادة في الأفراح والأحداث السعيدة، وكانوا في انتظارنا وهم على أتم الاستعداد في كل شيء، وخاصة كرم الضيافة العربي الأصيل، ونزلنا في مضافة كبيرة.
وبدأنا بكلمات من مشايخ العرب الذين كانوا معنا (عرب كرداسة وأبو رواش)، ثم استمعنا لكلمات الترحيب والمجاملات من مشايخ القبائل في الشيخ زويد، ثم تفرق الوفد مع المستقبلين، وجلسنا بصورة فردية مع قيادات الحركة الإسلامية من أصدقائنا وأخذنا نشرح لهم أبعاد المؤامرة التي تحيكها المخابرات للإيقاع بالحركة الإسلامية والثورة المصرية. ودار حوار طويل، ومناقشات حامية، حول حكم
الإخوان المسلمين والفرق بين الرئيس السابق حسني مبارك والرئيس محمد مرسي، ومدى جدية الاخوان في تطبيق الشريعة الإسلامية، ومدى قدرتهم على رفع الظلم والمعاناة عن أهل سيناء التي استمرت لسنوات، وكان الحوار يشتد أحيانا ويهدأ حينا.
وكان حزب النور قد ملأ الدنيا بالشائعات أن الإخوان المسلمون ليسوا أهل ديانة، بل أهل سياسة، وأنهم سيخونون الحركة الإسلامية بأسرها.
وبذلنا جهدا كبيرا في طمأنتهم إلى صدق الرئيس محمد مرسي كابن للحركة الاسلامية وأحد قادتها، وأننا نضع ثقتنا فيه، ونقلنا لهم بعض مواقف الرئيس وكلماته إلى مشايخنا، أمثال الشيخ فوزي السعيد، والشيخ محمد عبد المقصود، وغيرهم من زعماء الأحزاب السياسية ذات المرجعيات الإسلامية، ونبهناهم إلى المعلومات التي عندنا، من أن المخابرات تحيك خطة كبيرة للقضاء على الحركة الإسلامية والانقلاب على الثورة المصرية من خلال الوقيعة بين التيارات السلفية والجهادية والإخوان، والتي سيشعلون أوارها ويضرمون نارها، حتى إذا استعرت وتوهجت الفتنة زجوا بأحد رجالهم من المندسين في التيارات السلفية ليقوم بقتل أحد قيادات الإخوان (ممن يمجدون في الديمقراطية ونظامها التشريعي).
وهنا تكون الفتنة قد بلغت ذروتها؛ فتقوم أجهزة المخابرات وأمن الدولة بإحداث مجزرة في تلك الجماعات المعتدية، ويستغل مدبرو الفتنة نظام الرئيس محمد مرسي كواجهة يستندون إليها ويقومون بإحداث جرائم واعتقالات وانتهاكات؛ فالمعتقلون والمعذبون إسلاميون والنظام الحاكم من الإسلاميين، وبكل تأكيد أن الذي سيقوم بكل ذلك هي الأجهزة المخابراتية والأمنية التي تكره الإسلاميين ككل، وتكره الثورة والثوار وتتحين الفرصة للانقضاض عليها.
وبعد أن تبلغ الفتنة ذروتها بالاقتتال بين النظام الحاكم الإخواني والجماعات الخارجة عليه تكون الفرصة قد جاءت وحان قطف ثمار الفتنة؛ بقيام وسائل الإعلام المخابراتية بتشويه صورة كل الأطراف الإسلامية التي تتقاتل وتبرز عيوب كل منها تمهيدا لكفر الناس بها جميعا وقيام ثورة شعبية تنحيها عن الحياة ككل وليس عن السلطة فحسب.
ومن فضل الله علينا حققنا نجاحات كبيرة جدا في إفساد خطط المخابرات والأجهزة الأمنية، ومن هنا كان الغيظ والحقد علينا، والذي ظهر في المسلسل المخابراتي "الاختيار 3"، والذي ذكرونا فيه بالاسم، أنا والأستاذ مجدي سالم، لدورنا في إفساد مؤامراتهم الخبيثة.
التغطية الإعلامية
وبعد رجوع الوفد الرئاسي من زيارة محافظة شمال سيناء قمنا بعمل تغطية إعلامية كبيرة للزيارة؛ فكنت أنا على قناة الحياة مع الإعلامية لبني عسل ومحاوري اللواء أحمد عبد الحليم (لواء جيش)، وكان عضوا الوفد مجدي سالم ونزار غراب على قناة المحور مع الإعلامي عمرو الليثي، ثم بعد أن انتهيت أنا من لقاء قناة الحياة دخلت مباشرة لأستوديو قناة الحافظ للتعليق على الزيارة مع مداخلات مشايخ العرب من شمال سيناء.
ومن السخرية والكذب الهابط، أنه جاء على لسان بطلي مسلسل "الاختيار 3" أحمد السقا وكريم عبد العزيز قولهما: "رصدنا سيارة من رئاسة الجمهورية بها الغزلاني ومجدي سالم"، وكأن الأمر كان سرا أو يجري في الخفاء بعد كل هذه التغطية الإعلامية وعدد الوفد الكبير الذي يشمل ست سيارات.
وحقيقة يتضح مدى حقد وغيظ السيسي شخصيا من أعضاء الوفد الرئاسي الذين أفسدوا مؤامراته الدنيئة، وأنه رغم مرور ثماني سنوات على الانقلاب على الثورة المصرية إلا أن السيسي ما زالت عقدة الفشل تطارده وتؤرق نومة، خاصة أن الله منّ على أعضاء الوفد الرئاسي بالعافية وفشلت أجهزة مخابرات السيسي من النيل منهم.
فعقدة الفشل التي تطارد السيسي شخصيا وأجهزته المخابراتية هي التي كانت السبب في ذكر أعضاء الوفد الرئاسي بالاسم في مسلسل المخابرات الفاشل "الاختيار 3"، وخاصة أن أعضاء الوفد لم يفسدوا مؤامرة المخابرات الدنيئة فحسب، بل إن الله أكرمهم بالعافية وفشلت أجهزة السيسي على مدار سنوات من النيل منهم؛ فعقدة النقص التي تطارد السيسي تحاول أن تجعله بطلا في الدراما ينال من خصومه على شاشات التليفزيون، بينما هو فاشل في أرض الواقع.