يتواصل الحديث عن العملية العسكرية التركية المرتقبة في الشمال السوري، إذ أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، الإثنين، اعتزام بلاده اتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30 كيلومتراً، على طول الحدود الجنوبية مع سوريا.
وبعد إعلان أردوغان عن خطوات بلاده تلك، تتجه الأنظار إلى أنقرة، مكان انعقاد الاجتماع الثالث لمجلس الأمن القومي التركي، الخميس، برئاسة الرئيس نفسه، وهو الاجتماع الذي سيناقش العمليات العسكرية الجديدة خارج حدود تركيا، والأعمال التي يتم تنفيذها لإنشاء منطقة آمنة على الحدود الجنوبية.
وكان أردوغان أوضح أن القرارات بخصوص التحركات الجديدة لقوات بلاده ستتخذ في الاجتماع، من دون أن يحدد موعد وشكل العملية العسكرية.
وتتهم أنقرة واشنطن وموسكو بعدم الالتزام بالتعهدات المتعلقة بسحب عناصر حزب "العمال" الكردستاني وفروعه في سوريا (PYD/ قسد)، عند التفاهمات التي وُقعت في منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2019، والتي جرى على إثرها توقيف عملية "نبع السلام" من دون أن تستكمل أهدافها، وتطالب بإبعاد التنظيمات الكردية عن حدودها لمسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً.
وحول إصرار تركيا على ضمان أمنها على هذا العمق، يقول الخبير والمستشار العسكري في "الجيش الوطني السوري"، العقيد أحمد حمادة، إن مسافة 30 كيلومتراً التي تطالب بها تركيا، تهدف إلى حماية أراضيها من التهديدات، موضحاً أن هذه المسافة تضمن عدم استهداف أراضيها بالقذائف المدفعية والصاروخية من داخل الأراضي السورية، حيث تعد هذه المسافة ضمن المدى المجدي للقذائف المدفعية والأسلحة القاذفة المتوفرة لدى "قسد".
ويستدرك حمادة خلال حديثه لـ"عربي21": "لكن على وجه الدقة لا أحد يعرف نوعية السلاح الذي حصلت عليه "قسد" من حليفتها واشنطن، وما إن كانت تمتلك أسلحة يصل مداها إلى أكثر من 30 كيلومتراً".
وثمة من يربط بين المسافة التي تصر عليها تركيا، وبين مضامين "اتفاق أضنة" التركي- السوري السري، الذي جرى التوقيع عليه في عام 1998، إلا أن حمادة يؤكد أنه وفق المعلومات المسربة من بنود ذلك الاتفاق السري، فإن لتركيا الحق بـ"ملاحقة الإرهابيين" في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر في عمق أبعد.
أما عضو مكتب العلاقات العامة في "الفيلق الثالث" التابع لـ"الجيش الوطني السوري" هشام سكيف، فيرى أن تركيا تعتقد أن أمنها القومي سيبقى عرضة للتهديد ما لم يتم إبعاد مسلحي "PYD" عن حدودها إلى مسافة كافية.
ما دور المعارضة السورية؟
وعن دور المعارضة في العملية الوشيكة، يقول سكيف لـ"عربي21"، إن التحالف بين تركيا والمعارضة بشقيها السياسي والعسكري غير خاف على أحد، موضحاً أن الجانبين لديهما أهداف ومصالح متقاطعة.
وأكمل بقوله: "لدى "PYD" علاقات واضحة مع النظام السوري، وفي وقت سابق اعترف القيادي البارز في "PYD" آلدار خليل بأن قواتهم ساعدت النظام السوري في السيطرة على حلب في العام 2016، من خلال المشاركة في حصار حلب عبر القوات المتمركزة في أحياء خاضعة لسيطرتهم ضمن مدينة حلب".
وينوه سكيف إلى أن المعارضة تُصنف "قسد/PYD" ضمن خانة الأعداء، شأنها شأن النظام والميليشيات الإيرانية والروسية.
وبذلك، يؤكد المسؤول في "الجيش الوطني" أن المعارضة ستخوض المعركة الوشيكة إلى جانب الجيش التركي، كما فعلت تماما في العمليات العسكرية السابقة ضد تنظيم الدولة و"PYD" بأرياف حلب وفي ريفي الرقة والحسكة.
اقرأ أيضا: هل تشن تركيا عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا؟
ما هي وجهة العملية الجديدة؟
وفي الشأن المتعلق بوجهة وأهداف العملية العسكرية المرتقبة، يقول سكيف إنه "من الصعب الجزم بهذا الجانب، لا سيما أن التحضيرات للمعركة لم تكتمل بعد".
ويردف بقوله: "الاحتمالية الأكبر أن تنطلق العملية ضد مواقع "PYD" في ريف حلب الشمالي، وتحديداً تل رفعت والقرى والبلدات المحيطة فيها، حيث تتخذ القوات الكردية من هذه المنطقة منصة لاستهداف مدن وبلدات الشمال السوري، مثل أعزاز ومارع".
وتدخل عين العرب (كوباني) في قائمة أكثر الأهداف الاستراتيجية للعملية، بحسب سكيف، الذي يرجع تقديره هذا إلى أن "موقع المدينة الاستراتيجي، وطرد "PYD" من عين العرب يعني تحقيق التواصل بين غرب نهر الفرات وشرقه".
ويتفق مع سكيف، العقيد أحمد حمادة، في وضعه لمنطقة تل رفعت على رأس أهداف العملية، ويقول: "هذه المنطقة استطاع "PYD" فرض سيطرته عليها بدعم جوي روسي (...) باعتقادي أن روسيا غير مهتمة بهذه المنطقة، وخصوصا بعد انشغالها بغزو أوكرانيا، ما قد يشكل فرصة لتركيا في هذه المنطقة".
وإلى جانب تل رفعت وعين العرب، لا يستبعد حمادة أن تكون مدينة منبج بريف حلب الشرقي، ضمن أهداف العملية.
وكان الجيش التركي بمشاركة "الجيش الوطني السوري" قد شنّ ثلاث عمليات الأولى (درع الفرات) في منتصف عام 2016 ضد تنظيم الدولة في شمال وشرق حلب، والثانية (غصن الزيتون) في مطلع 2018 ضد "PYD" في منطقة عفرين شمال حلب، والثالثة (نبع السلام) في خريف 2019 ضد "قسد/PYD" في ريفي الرقة والحسكة.
ما أسباب طلب فنلندا والسويد الانضمام للناتو.. هل تنجحان؟
لماذا تثير حرب روسيا بأوكرانيا مخاوف أردنية من جنوب سوريا؟
ما تداعيات عودة التوترات إلى مناطق "قسد" بدير الزور؟