قالت المحامية البريطانية المتخصصة في القانون الدولي وحقوق الإنسان، هايدي دايكستال، إن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أبلغت فريقهم القانوني في 29 آذار/ مارس الماضي بأنها قررت رسميا تولي زمام القضية التي رفعوها سابقا ضد النظامين المصري والإثيوبي بشأن تطورات أزمة سد النهضة.
وأضافت، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن "هذه الخطوة مهمة جدا، لأنها تعني أن اللجنة الأفريقية قد قررت أن قضيتنا تستند إلى أسس جيدة في الوقائع في الأدلة والقانون بحيث اقتنعت بأن تمضي قدما إلى المرحلة التي تنظر فيها اللجنة رسميا في مقبولية القضية وأهميتها".
تطور إيجابي
وتابعت دايكستال، التي عملت سابقا لدى المحكمة الجنائية الدولية: "ما ينبغي إدراكه هو أنه ليست كل الشكاوى المُقدمة إلى اللجنة الأفريقية قد اجتازت هذه المرحلة بنجاح، وبالتالي فهذا تطور إيجابي للغاية للمضي قدما في قضيتنا للمرحلة التالية من الإجراءات".
وأوضحت أن "هذا القرار الإيجابي يفيد بأن اللجنة الأفريقية ستتولى زمام قضية سد النهضة ثم يأتي الدور لفريقنا القانوني، نيابة عن حزب (أمل مصر) وحركة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية (غير حكومية)، لتقديم طلبات وأدلة مقبولة إلى اللجنة الأفريقية بما يخص القضية".
أما بخصوص الخطوات المقبلة، فقالت: "تم منح فريقنا القانوني 60 يوما لتقديم طلبات بشأن مقبولية القضية ووقائعها، ثم ستُتاح الفرصة للحكومتين المصرية والإثيوبية للرد في غضون 60 يوما، وبعد ذلك سيُمنح فريقنا القانوني فرصة للرد على أي ردود من الحكومتين".
قرار فاصل
وعقب انتهاء تلك الإجراءات ستتخذ اللجنة الأفريقية "قرارا فاصلا بشأن قضية سد النهضة للبت في ما إذا كانت حكومتا مصر وإثيوبيا قد ارتكبتا انتهاكات حقوق الإنسان المُشار إليها، وتحديد التوصيات حول كيفية معالجة أي انتهاكات تم العثور عليها"، وفق دايكستال.
وأردفت: "على الرغم من أن قواعد اللجان في اللجنة الأفريقية تحدد جداول زمنية للتقدم في الإجراءات، إلا أنه من المعروف جيدا أن الإجراءات أمام تلك اللجنة تستغرق وقتا ويمكن أن تتأخر طويلا في بعض الأحيان، بسبب التحديات العديدة التي تواجهها في الموارد والقضايا الأخرى المتراكمة لديها".
وواصلت دايكستال حديثها بالقول: "في نهاية المطاف ستتخذ اللجنة الأفريقية قرارها بشأن القضية ككل بما في ذلك ما إذا كانت حكومتا مصر وإثيوبيا قد ارتكبتا انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة وما هي التوصيات التي يتعين على اللجنة اتخاذها في حال تم العثور على أدلة تشير إلى حدوث انتهاكات".
انتهاك حقوق المصريين
وتابعت: "يؤكد فريقنا القانوني أن هذه قضية قوية فيما يتعلّق بالحقائق والقانون، ونأمل أن تحلها الهيئة الأفريقية في نهاية الإجراءات بنتيجة تؤكد حدوث انتهاكات لحقوق الفلاحين المصريين المتضررين مع توصيات بشأن سبل فعالة لمعالجة هذه الانتهاكات التي تمتد للحق في الحياة".
كما أشارت المحامية البريطانية إلى أن "الفريق القانوني سيستمر في اتخاذ جميع الخطوات للتأكد من أن القضية تمضي قدما أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بأسرع ما يمكن، وعلى النحو المطلوب، وسنوافي (عربي21) بأي مستجدات أخرى".
ولفتت إلى أن "المجلس القيادي لفريقهم القانوني، والذي يضم محامين من معهد حقوق الإنسان والتنمية بإفريقيا، يشدّد على أن حقوق إنسان قد اُنتهكت من قِبل النظامين المصري والإثيوبي في أزمة سد النهضة بموجب الميثاق الأفريقي"، مطالبة بضرورة احترام حق تمكين المصريين في مياه نهر النيل.
اقرأ أيضا: "عربي21" تحاور محامية دولية أقامت قضية بشأن سد النهضة (فيديو)
ونوّهت دايكستال إلى أن "الشكوى التي تقدموا بها تركز على انتهاك حق الفلاحين المصريين في التنمية بسبب عدم التشاور مع المزارعين حول تأثير بناء سد النهضة وملئه وتشغيله وكيفية منع أي آثار سلبية تقع عليهم".
وقالت: "قدمنا هذه الشكوى أمام اللجنة الأفريقية بعد أن حاول حزب أمل مصر (تحت التأسيس) إثارة هذه الانتهاكات الحقوقية أمام القضاء المصري، لكنه لم يستطع ذلك".
وتابعت: "طالبنا اللجنة الأفريقية بأن تخلص إلى أن مصر فشلت في إجراء مشاورات فعّالة مع مواطنيها، وخاصة المزارعين المصريين في صعيد مصر فيما يتعلق بالسد وتأثيره، وبالتالي فقد اُنتهكت حقوق هؤلاء المزارعين من خلال الحق في التنمية الذي ينص عليه الميثاق الأفريقي، وتحديدا شرط المشاركة والتشاور المرتبط بهذا الحق".
خطوات مُقبلة
وبسؤالها عن احتمالية تعرض اللجنة الأفريقية لضغوط من السلطات المصرية أو الإثيوبية أو وجود فساد بداخلها إزاء تلك القضية، قالت: "لا نعتقد أن هناك فسادا داخل هذه الهيئة الأفريقية الهامة التي نستبعد رضوخها لضغوط من هذا الطرف أو ذاك".
وحثت دايكستال، اللجنة الأفريقية على "المضي قدما في كل الخطوات المتعلقة بهذه القضية بكفاءة وسرعة بهدف معالجة الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي أثيرت فيما يتعلق بالمزارعين المصريين".
وشدّدت على أن "معالجة هذه القضية في الوقت المناسب أمر مهم لضمان عدم إنكار المزيد من الانتهاكات لحق المزارعين المصريين في المشاورات؛ نظرا لاستمرار القرارات المتعلقة بملء وتشغيل السد، وأن كل قرار جديد يؤثر بشكل حاسم على حقوقهم بموجب الميثاق الأفريقي".
كما لفتت إلى أنه "في حال حدوث أي تغيير الحكومة المصرية أو الإثيوبية فلن تتأثر مجريات القضية لدى اللجنة الأفريقية"، منوهة إلى أن "التغيير في حكومة بلد ما لن يلغي التزام تلك الدولة بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة وعلاجها أمام الجهات الدولية المعنية".
الملء الثالث لسد النهضة
وأوضحت دايكستال أن "الملء الثالث المرتقب لسد النهضة سيعمّق هذه الأزمة من خلال تقليص حصة القاهرة من إمدادات المياه الخاصة بها، وسيكون الخطر الأكبر على المزارعين المصريين، خاصة أن مصر تحت خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة".
يُذكر أن أديس أبابا بصدد بدء ملء ثالث لـ"سد النهضة" خلال الفترة المقبلة دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي مع القاهرة والخرطوم بشأن السد الواقع على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لنهر النيل.
وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية أعلنت في تموز/ يوليو 2021 أن الملء الثاني لسد النهضة قد تم والكمية التي كانت مقررة من قبل بلغت 13.5 مليار متر مكعب.
جدير بالذكر أن رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، أعلن مؤخرا أن بلاده دخلت مرحلة الفقر المائي منذ سنوات، إذ تراجع نصيب الفرد من المياه إلى نحو 558 متر مكعب سنويا.
وكانت دايكستال قد تقدمت، في 24 أيار/ مايو 2021، بشكوى إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ضد النظامين المصري والإثيوبي على خلفية موقفهما من أزمة سد النهضة، وتولى حزب "أمل مصر" وحركة "المصريين بالخارج من أجل الديمقراطية" تحرير هذا البلاغ، بالتعاون مع 5 ضحايا مصريين اُنتُهكت على ما يبدو حقوقهم الإنسانية الواردة في اللجنة الأفريقية.
بسبب حرب أوكرانيا.. لافروف يستشهد بـ"مقولة عربية" و"نكتة"
مظاهرات واعتقالات بإثيوبيا عقب هجوم دام على مسلمين