سياسة عربية

إسلاميو الجزائر يعارضون داخليا ويؤيدون حكومتهم بـ"الصحراء"

حركة مجتمع السلم تجدد موقفها المؤيد لحق تقرير المصير في الصحراء- (الأناضول)

دخلت حركة مجتمع السلم الجزائرية على خط الخلاف المغربي-الجزائري بشأن مصير الصحراء الغربية، بتأكيدها أن "مبدأ تقرير المصير في قضية الصحراء الغربية مبدأ ثابت لا تزيله التطورات الدولية".

جاء ذلك في بيان لحركة مجتمع السلم نشرته اليوم في صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في ختام الاجتماع الدوري للمكتب التنفيذي الوطني للحركة، وبمناسبة الذكرى الـ60 لعيد النصر الذي يصادف يوم 19 آذار (مارس).

وأكدت "حمس"، التي تمثل النسخة الجزائرية لجماعة الإخوان المسلمين، أن "المستقبل الآمن الزاهر والعادل للدول المغاربية سيكون بالنسبة لحركة مجتمع السلم، ضمن مشروع المغرب العربي، وأن الاستقواء بالأعداء والاعتماد على التدخلات الخارجية لن يزيد المنطقة إلا تأزما".

ويأتي هذا الموقف من حركة مجتمع السلم تعليقا على الموقف الإسباني المستجد من الصحراء الغربية، الذي اعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي طرحتها الرباط حلا مناسبا لهذا النزاع.

لكن حركة مجتمع السلم عبرت عن اختلافها جذريا مع سياسات النظام الجزائري داخليا، و"دقت ناقوس الخطر بسبب ندرة المواد الأساسية، والارتفاع الجنوني للأسعار، والانهيار الكبير للقدرة الشرائية للمواطن، وحجم الاحتقان والسخط الشعبي على تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، والذي ينذر بتوتراتٍ على مستوى الجبهة الداخلية، وتداعياتها المستقبلية على الأمن والاستقرار".

ودعت الحركة النظام الجزائري إلى ضرورة مصارحة الرأي العام ـ رسميًّا ـ بحقيقة الاتفاقيات مع الاستعمار الفرنسي، وحقِّ الدولة الجزائرية في مراجعة أي اتفاق بما يضمن السيادة الكاملة والاستقلال التام، وعدم المساومة على الحقوق التاريخية التي لا تسقط بالتقادم.

وحذّرت الحركة من خطورة ما وصفته بـ"الضغط والابتزاز"، وقالت إن "الجزائر تتعرض له من طرف القوى الاستعمارية التقليدية، على خلفية الصدام الدولي بين روسيا والغرب"، ورأت أن ذلك "يدعو إلى الدفع باتجاه عالمٍ متعدِّد الأقطاب، وهشاشة سياسة النأي بالنفس أمام حدة الاستقطاب الدولي الذي لا مكان فيه للضعفاء".

ودعت الحركة النظام السياسي إلى المقاومة الدبلوماسية والاستفادة من تغيُّر موازين القوى الدولية لصالح القضاء على الأحادية القطبية، التي كبَّدت العالم فظائع مروِّعة بسبب الهيمنة الغربية، والتي كانت على حساب الإنسانية والقضايا العادلة ومصالح الشعوب، وهي فرصة تاريخية لاتجاه الجزائر شرقا حيث مهد الحضارات والبيئات الحديثة للتطور والنمو، وللانخراط الفاعل والمؤثر في محاور إقليمية ودولية جديدة على أساس السيادة والمصالح المشتركة.

 



وكان رئيس حركة مجتمع السلم الدكتور عبد الرزاق مقّري قد أكد في وقت سابق أن "ضحايا الحرب بين روسيا وأوكرانيا إنما هم الشعوب المغلوبة على أمرها، سواء الشعب الأوكراني الذي يذوق شيئا من الويلات والمظالم التي ذاقها الشعب السوري، أو الشعوب الأخرى التي سيتأثر مستواها المعيشي في أنحاء العالم بسبب تداعيات الحرب على الاقتصاد العالمي".

ورأى مقّري في تدوينة نشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "حقيقة المعركة القائمة ليست حربا بين بلدين، ولكنها بين الغرب والشرق، وهي حرب عالمية غير معلنة انخرط فيها الغرب بكل دوله وإمكانياته ضد روسيا، ومن وراء روسيا بشكل غير رسمي  الصين، التي تدرك أن هزيمة روسيا معناها نقل الحلف الأطلسي إلى حدودها الشمالية". 

وأضاف: "الذي يجب أن ندركه أن احتلال أوكرانيا أمر غير مقبول في ميزان العدل، غير أنه بانتصار الغرب سيكون حال العالم أسوأ مما هو عليه، إذ إن جل مصائب الدنيا من فقر وحروب وفتن وأوبئة إنما وراءها القوى الرأسمالية الغربية التي تحركها وتؤثر فيها وتتأثر بها "القوى المالية الدولية" و"الماسونية" و"الصهيونية" وكل المنظمات المنحرفة والشاذة عن الفطرة الإنسانية السوية، أكثر من أي مكان آخر". 

وتابع: "لئن كان من حق الشعب الأوكراني أن يغضب على روسيا ويقاومها بكل شرف فمن باب أولى أن يغضب كذلك على الغرب بزعامة الولايات الأمريكية المتحدة التي استعمرت أوكرانيا ثقافيا وسياسيا واستخباراتيا واقتصاديا، وورطتها في مواجهة بلد شقيق، من خلال حكامها الحاليين، قبل أن تستعمرها روسيا بشكل مباشر"، وفق تعبيره.

 



وكانت الجزائر، استدعت أول أمس السبت، سفيرها لدى مدريد سعيد موسي للتشاور؛ احتجاجا على ما اعتبرته "الانقلاب المفاجئ" في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء.

وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية: "تفاجأت السلطات الجزائرية بشدة، من التصريحات الأخيرة للسلطات العليا الإسبانية بشأن ملف الصحراء الغربية".

وأضاف: "نستغرب الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة بالصحراء الغربية".

وبحسب البيان، فقد "قررت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد فوراً للتشاور".

والجمعة، وصفت الحكومة الإسبانية، في رسالة بعث بها رئيسها بيدرو سانشيز، إلى العاهل المغربي محمد السادس، مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، بـ"الأكثر جدية" للتسوية في الإقليم المتنازع عليه، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.

واعتبر مراقبون ذلك "تحولا تاريخيا" في موقف مدريد من القضية باعتبارها المستعمر السابق للإقليم، لا سيما أنها كانت تتبنى موقفا محايدا في السابق.

ومنذ 1975، كان هناك نزاع بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.

 

إقرأ أيضا: الجزائر تستدعي سفيرها في مدريد للتشاور