عكست سرعة الطلب الروسي من النظام السوري وغيره إرسال مقاتلين للقتال في صفوفها بأوكرانيا مدى المأزق الراهن الذي تعيشه، أو الذي باتت تتوقعه في أوكرانيا، فدعت قوات من حلفائها لدعمها ومساندتها. القوات الحليفة في
سوريا ولبنان والعراق تجد هذه الطلبات جزءاً من ردّ الوفاء، كحال الشعار الذي رفعته لجان الدفاع الوطني في سوريا التابعة للنظام خلال حملتها لحشد
مرتزقة القتال.
النظام السوري أكثر ما يستشعر المخاطر المترتبة على استمرارية الحرب في أوكرانيا، إذ إنه سيُضعف تركيز
روسيا على سوريا التي استأثرت بمحورية السياسة الخارجية الروسية لسبع سنوات تقريباً، كما سيشتت الاستراتيجية الروسية. فالجغرافيا ستفرض عليها التعاطي مع أوكرانيا أكثر من سوريا، مما يعني حصول فراغ سوري قد تستفيد منه الثورة السورية، وهو ما دفع مدير مكتب الأمن الوطني علي مملوك إلى الطيران إلى إيران ليلتقي كبار المسؤولين فيها من أجل التحضير على ما يبدو لملء هذا الفراغ قد يخلفه.
الجغرافيا ستفرض عليها التعاطي مع أوكرانيا أكثر من سوريا، مما يعني حصول فراغ سوري قد تستفيد منه الثورة السورية، وهو ما دفع مدير مكتب الأمن الوطني علي مملوك إلى الطيران إلى إيران ليلتقي كبار المسؤولين فيها من أجل التحضير على ما يبدو لملء هذا الفراغ قد يخلفه
وعلى الفور بدأت مراكز باستقطاب المرتزقة، حيث حرص الاحتلال الروسي على التجنيد من القرى والبلدات المسيحية بريف حماة، وتحديداً السقيلبية ومحردة وكذلك مصياف. وكشفت تقارير عن لقاءات جمعت بين مسؤولين روس وكبار المسؤولين العسكريين من الفرقة 25 بقيادة سهيل الحس، وكذلك الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، والقوات الخاصة والحرس الجمهوري، ولم يمض يوم واحد على الكشف عن هذه الاجتماعات حتى أعلن عن مقتل أول ضابط للنظام السوري في أوكرانيا.
ويعتقد خبراء ومحللون أن روسيا تسعى إلى استقطاب
مليشيات من الشرق الأوسط، وتحديداً ممن خاضوا التجربة السورية لمعرفتهم بقنون قتال المدن، وبالتالي يمكن التعويل عليهم في قتال المدن الأوكرانية. وإن كان عامل اللغة سيشكل عائقاً كبيراً أمامهم، لكن يبقى قتلهم لن يخلق هزّات وخضات اجتماعية روسية، كما لو قتل من الشيشان أو من قواتها الروسية، لا سيما وأن الداخل الروسي يغلي بالمظاهرات والاعتراضات المجتمعية رفضاً لهذه الحرب، بينما مقتل هذه المليشيات لن يخلف أي تبعات اجتماعية داخلية.
ولاحظ مراقبون شريط فيديو حرص حزب الله في لبنان على الترويج له، وقد احتوى على تدريبات لمقاتليه على الثلوج، وفي أجواء تشابه أجواء أوكرانيا، وهي تدريبات تحصل لأول مرة، مما فسرها مراقبون على أنها استعداد لدخوله للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.
اللافت هذه المرة هو حديث الهيئات الإسلامية والعلمائية المشيخية السورية منددة بكل من يقاتل في أوكرانيا، بعد أن صمتت من قبل على نقل المتطوعين إلى أذربيحان وليبيا. فقد ندد المجلس الإسلامي السوري، وكذلك الشيخ العلامة كريم راجح، ومعهما الائتلاف الوطني السوري، الأمر الذي جعل النظام ومليشياته الطائفية في موقف محرج.
شكل الصمت العالمي والأممي على هذه الحالات قبولاً مباشراً بها، مما جعل منها عولمة حروب المليشيات، وهو ما يعفيها من الالتزام بالقوانين الدولية ومعايير اتفاقيات جنيف التي تحكم الحروب ومساراتها
بكل تأكيد فإن حروب المليشيات وعولمتها ستكون له تداعيات غير متوقعة على العالم أجمع، وقد بدأ منذ حرص الولايات المتحدة الأمريكية على شحن أسرى الحرب الأفغانية من طالبان والقاعدة إلى غوانتنامو الكوبية المستأجرة أمريكياً، وذلك لتكون الاعتقالات والمحاكمات خارج نطاق الأراضي الأمريكية ولا ينطبق عليها القانون الأمريكي. ثم بدأ إرسال قوات بلاك ووتر الأمريكية للقتال في العراق وأفغانستان، وردّت عليه روسيا باستخدام مليشيات فاغنر في سوريا وليبيا وأفريقيا الوسطى، وبالطبع من قبل ومن بعد ثمة مليشيات طائفية إيرانية يتم استعمالها عند الطلب ولعقود.
وقد شكل الصمت العالمي والأممي على هذه الحالات قبولاً مباشراً بها، مما جعل منها عولمة حروب المليشيات، وهو ما يعفيها من الالتزام بالقوانين الدولية ومعايير اتفاقيات جنيف التي تحكم الحروب ومساراتها.