بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اكتسبت الحكومة
العراقية دعما كبيرا من المجتمع الدولي للتحرك ضد الجهات المنفذة وضرورة محاسبتهم،
إضافة إلى التعاطف السياسي والشعبي الواسع الذي حظيت به، ومطالبات للسلطات باتجاه فرض
سيطرة الدولة.
زخم الإدانات الكثيرة للحادثة، أثار تساؤلات ملحة بخصوص مدى
قدرة الحكومة العراقية الحالية على استثمار ذلك، والتحرك عسكريا ضد المليشيات الولائية
(الموالية لإيران) التي وجهت لها أصابع الاتهام بمحاولة اغتيال الكاظمي.
خياران للحل
من جهته، قال الأكاديمي والمحلل السياسي، الدكتور عقيل عباس،
في حديث لـ"عربي21" إن "الأثر السياسي المباشر بخصوص عملية الاغتيال ليس ضبط المليشيات، وإنما المساهمة في حسم نتائج الانتخابات وترجيح خيار على آخر".
وأوضح عباس أن "هناك خيارين لإنهاء الأزمة، الأول تفضله
الفصائل وهو تشكيل حكومة توافقية حتى يدخل الجميع فيها بغض النظر عن أدائهم الانتخابي،
وهذا يعني أنهم سيحافظون على امتيازاتهم".
وتابع: "أما الخيار الثاني فهو ما يريده الكاظمي وزعيم
التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو حكومة الأغلبية، ما يعني أن الخاسرين لن يدخلوا في الحكومة،
وبالتالي يجري إخراج الكثير من قادة المليشيات لأنه ليس لديهم غطاء سياسي، وإعادة هيكلة
الحشد الشعبي فيما بعد في إطار تشكيل حكومة الأغلبية".
ورأى عباس أنه "على المدى القصير لن نشهد ضبط سلاح المليشيات
المسلحة، وإنما حسما لموضوع نتيجة الانتخابات البرلمانية، وكذلك شكل الحكومة المقبلة
وعلى أساس ذلك (أغلبية أو توافق) يمكن حسم موضوع الحشد لجهة ضبط السلاح".
وتوقع أنه "في كل الأحوال سيكون هناك شكل من أشكال الضبط
لنشاط الفصائل المسلحة سواء كانت حكومة توافقية أو أغلبية، لكن الفارق هو مدى هذا الضبط،
فالمليشيات ذهبت بعيدا وارتكبت حماقة كبرى، وارتكابها محاولة اغتيال رئيس الوزراء،
وإن لم تثبت لكن المؤشرات كثيرة بأنهم وراءها".
وأشار إلى أنه "خلال السنة الأخيرة كانت طريقة تعامل
حكومة الكاظمي معهم هو القضم التدريجي من دون استخدام كامل الأدوات المؤسساتية، رغم
أن هناك أمرا ديوانيا صدر في حكومة عادل عبد المهدي، يأمر بإعادة هيكلة الحشد الشعبي،
وإذا جرى ذلك فإنه ينهي مشكلة الحشد كقوة يمكن أن تقوض الدولة، بمعنى ضبط السلاح".
وأكد أن "هذه الآلية القانونية موجودة، لكن الفصائل
طلبت تأجيل تنفيذها، ثم حصل قصف في 2019 على مخازن الحشد الشعبي، إضافة إلى سخونة المواجهة
الإيرانية- الأمريكية، ثم احتجاجات تشرين، وأنها كفيلة بإعادة هيكلة الحشد الشعبي مؤسساتيا
وبشكل سلمي".
واستبعد الأكاديمي العراقي أي "احتمال استخدام الحكومة
للسلاح من أجل ضبط الفصائل المسلحة على إثر حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى
الكاظمي".
اقرأ أيضا: إدانة أممية لاستهداف الكاظمي.. واتهام لجماعة مدعومة إيرانيا
تحرك محتمل
وفي المقابل، شدد المحلل السياسي العراقي نجم القصاب، في
حديث لـ"عربي21"، على ضرورة أن "يستثمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي
هذا الدعم الدولي الأممي في محاسبة الجهات التي حاولت اغتياله".
وأضاف القصاب أن "اليوم لا وجود لسلطة البرلمان للحيلولة
دون أي تحرك ضد هذه الجهات، وبالتالي صلاحيات رئيس الوزراء ليست مقيدة من هذه الجهة
الرقابية".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "الكاظمي اليوم يحظى أيضا
بدعم من قوى سياسية وشعبية، ولا سيما زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لذلك فهذه فرصة
تاريخية عليه أن يستثمرها ويصدر قرارا بعد الإرادة السياسية وجعل السلاح بيد الدولة
حصرا".
وتوقع القصاب أن "يقدم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على التحرك
ضد هذه الجماعات المسلحة، فكل المؤشرات والمعطيات والدلائل الموجودة حاليا على الأرض،
تؤكد أنه لابد أن يحاسب أولا من اغتال بعض موظفي الدولة".
ورجح الخبير العراقي أنه "ربما يجري خلال اليومين المقبلين
اعتقال من قام باغتيال ضابط المخابرات نبراس الفيلي في حزيران/ يونيو الماضي ببغداد،
ثم يقوم بعدها باعتقال من قام بإطلاق الطائرات على منزله في المنطقة الخضراء وحاول
اغتياله".
وتوعد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأحد، بالكشف
عن المتورطين في استهداف منزله، مؤكدا خلال جلسة طارئة لحكومته في بغداد عقب تعرضه
لمحاولة اغتيال أنه يعرف "جيدا" من يقف خلف العملية.
وصرّح الكاظمي: "تعرض منزلي لاعتداء عبر استهدافه بطائرات
مسيرة وجهت إليه بشكل مباشر، وهذا العمل الجبان لا يليق بالشجعان، ولا يعبر عن إرادة
العراقيين". وأردف: "سنلاحق الذين ارتكبوا الجريمة، نعرفهم جيدا وسنكشفهم".
دعم أممي
وعلى إثر الحادثة، أدان مجلس الأمن الدولي محاولة اغتيال
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، داعيا لمحاسبة مرتكبي هذه الأعمال "الإرهابية"،
بحسب بيان رسمي الاثنين.
وجاء في بيان أن "أعضاء مجلس الأمن أدانوا بأشد العبارات
محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي"، لافتا إلى أن "أعضاء مجلس الأمن
أعربوا عن ارتياحهم لعدم إصابة رئيس الوزراء في الهجوم".
وجدد مجلس الأمن "دعمه لاستقلال العراق، وسيادته، ووحدته،
وسلامة أراضيه، والعملية الديمقراطية، وازدهارها"، لافتا إلى أن "الإرهاب
بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين".
وشدد على ضرورة "محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية
المشينة، ومنظميها، ومموليها، ورعاتها، وتقديمهم إلى العدالة"، حاثا "جميع
الدول، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على التعاون
بنشاط مع حكومة العراق وجميع السلطات الأخرى ذات الصلة في هذا الصدد".
وأكد أعضاء مجلس الأمن في البيان أن "أي أعمال إرهابية
هي أعمال إجرامية وغير مبررة، بغض النظر عن دوافعها وأينما ومتى ارتُكبت وأيا كان مرتكبوها".
ودعوا إلى ضرورة أن "تكافح جميع الدول، بجميع الوسائل،
وفقا لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات الأخرى بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون
الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الدولي الإنساني، التهديدات
التي يتعرض لها السلم والأمن الدوليين عن طريق الأعمال الإرهابية".
اقرأ أيضا: NYT: مخاوف من تدهور الوضع بالعراق بعد حادثة الكاظمي
تحرك إيراني لاحتواء أزمة محاولة اغتيال الكاظمي.. ماذا وراءه؟
هكذا قرأ محللون محاولة اغتيال الكاظمي وتداعياتها على العراق
تفاصيل جديدة عن محاولة اغتيال الكاظمي (صور)