ترقب كبير لنتائج زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى مصر، ولقاء رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ بجنوب سيناء، الاثنين، في زيارة هي الأولى لمسؤول إسرائيلي بهذا الحجم منذ عام 2010.
ووسط تكتم إسرائيلي حول موعد الزيارة، وبعد نحو 26 يوما من دعوة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، في 18 آب/ أغسطس الماضي، بينيت لزيارة مصر؛ التقى السيسي ورئيس وزراء الاحتلال، وسط توقعات بحل ملفات أمنية، وأخرى خاصة بالمقاومة الفلسطينية.
المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، بسام راضي، قال إن المباحثات تناولت تطورات العلاقات الثنائية، ومستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصةً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأكد السيسي لبينيت دعم مصر جهود تحقيق السلام بالشرق الأوسط، استنادا إلى حل الدولتين، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية.
اقرأ أيضا: بينيت يلتقي السيسي بشرم الشيخ لبحث "السلام" والجنود الأسرى
وأشار إلى أهمية دعم المجتمع الدولي جهود مصر لإعادة الإعمار في المناطق الفلسطينية، وضرورة الحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
الاحتلال الإسرائيلي أصدر بيانا، قال فيه إن اللقاء ركز على سبل التعاون بين البلدين، وتوسيع رقعة التجارة المتبادلة، مع بحث القضايا الإقليمية والدولية.
وأكد بينيت، وفق البيان، على الدور الملموس الذي تلعبه مصر في الحفاظ على الاستقرار الأمني في قطاع غزة، وفي إيجاد حل لقضية الأسرى والمفقودين.
من جانبها، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين في الحكومة الإسرائيلية، يارون بلوم، كان من بين أعضاء الوفد الإسرائيلي، ما يشير للتفاوض حول هذا الملف الشائك.
حراك دبلوماسي
وسبق زيارة بينيت حراك دبلوماسي كبير، إذ زار رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولتا، القاهرة، 8 أيلول/ سبتمبر الجاري، للتحضير لزيارة بينيت، فيما يأتي اللقاء بعد أيام من اتصال هاتفي بين السيسي ونظيره الإسرائيلي يتسحاق هرتسوج، 5 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وفي هذا السياق، استضافت القاهرة في 2 أيلول/ سبتمبر الجاري الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني عبدالله بن الحسين، لبحث العديد من الملفات، بينها القضايا الفلسطينية.
وذلك قبل أن تشهد القاهرة اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية مصر والأردن وفلسطين، 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، للتنسيق وتبادل وجهات النظر بشأن القضية الفلسطينية.
"اهتمام إعلامي"
الأذرع الإعلامية المصرية أشادت بالزيارة حتى قبل حدوثها، إذ أكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن لقاء السيسي وبينيت هام للغاية، وفي وقت شديد الحساسية، وله دلالات سياسية كبيرة، ويضاف لمصر ودورها كلاعب مهم بل أهم في الإقليم.
لكن، وعلى الجانب الإسرائيلي، قلل مقال بصحيفة معاريف من أهمية اللقاء، مشيرا إلى أن بينيت يصل القاهرة دون وجود ملفات مهمة يحملها، فضلا عن كونه قليل الخبرة، ويدرك المصريون جيدا نقاط الضعف هذه في صديقهم الجديد.
ومع ذلك، تحدث الإعلام العبري مبكرا عن فائدة لقاء بينيت لمصر، وأن دورها في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي يقلل الضغوط الأمريكية على نظام السيسي، ويقلل فرص قطع واشنطن جزءا من مبلغ 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوية للجيش المصري.
وأكد مقال بصحيفة "هآرتس" 13 أيلول/ سبتمبر 2021، أن تدخل مصر لوقف الحرب بين حماس وإسرائيل كان بمثابة (فرملة) لوقف ما كانت مقدمة عليه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من تعامل (شديد) أو قاس مع مصر.
"أثار سلبية"
وحول ما يمكن أن يقدمه بينيت لمصر وقضية فلسطين وكان قد رفضه نتنياهو سابقا، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني معين نعيم: "الكيان الصهيوني لا يملك الخير لمصر ولا لغيرها، وواقعه الحكومي غير المستقر، لن يوفر مناخ التراجع والتنازل لأي دولة عربية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يؤكد أن وصف الإعلام الإسرائيلي لبينت بأنه ضعيف وليس مثل نتنياهو، وأنه أقل خبرة من السيسي، حقيقي، مشيرا إلى أن "هذا أمر واضح على الصعيد الشخصي، كما أن وضعه الحكومي أضعف بكثير في حكومة ائتلاف متناقضة التوجهات".
ويضيف: "أما تقييم مستوى بينيت بمواجهة السيسي، بحسب الإعلام العبري، فأعتقد أن المقارنة في غير محلها من طبيعة الحكومتين".
وبشأن ما تمثله زيارة بينيت لمصر ولقاؤه السيسي علنا في العلاقات مع الكيان المحتل مستقلا، يرى نعيم أنها "مع الأسف تعمق التراجع العربي أمام الاحتلال، وتمكين للكيان في المنطقة"، متوقعا أن "يقوي هذا الأمر تيار التطبيع، ويضعف الموقف العربي المناصر لفلسطين".
أما أثر الزيارة على ملف التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، فيعتقد الكاتب والمحلل أنه "غالبا لن يكون له أثر إيجابي، بل سلبي؛ حيث إن التقارب العربي مع الاحتلال يوصل له رسائل تطمين بأن عدم التزامه بالاتفاقيات مع الفلسطينيين غير مؤثر".
ويتابع: "وكل تجاوزاته ضد الحقوق الفلسطينية حتى التي قبلها المطبعون من حدود 1967، وغيرها، لن تؤثر على علاقاته العربية؛ ما يشجعه أكثر على إهمال العلاقات مع الفلسطينيين، بل ويرفع من وتيرة اعتداءاته ضد الشعب الأعزل وحقوقه ومقدساته".
زيارة أمنية بامتياز
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي المصري أحمد حسن بكر، أنها "زيارة أمنية بامتياز، تختص بملفات تبادل الأسرى، والتهدئة، وإعادة إعمار غزة، وتهريب السلاح لحماس، وتخفيف الضغوط الأمريكية على مصر فيما يخص ملف حقوق الإنسان".
ويضيف لـ"عربي21"، أن "زيارة بينيت لشرم الشيخ ولقاء السيسي جاءت بناء على دعوة مصرية حملها عباس كامل الشهر الماضي عند زيارته لإسرائيل"، متوقعا "تركيز بينيت على ملف تبادل الأسرى، والتهدئة الطويلة مع حركة حماس في قطاع غزة".
ويلفت إلى أن "ملف إعمار ما هدمته الحرب في غزة أحد أهم جوانب اللقاء"، مشيرا إلى أن بينيت "يبحث أيضا السبل الكفيلة لمنع وصول السلاح الإيراني لحماس".
ويلمح إلى أن "إسرائيل ترفض بشكل قاطع أن تتسلم حماس أي مبالغ نقدية من أموال المساعدة القطرية، كي لا تستخدمها لتعزيز قدراتها العسكرية والسياسية".
وبالنسبة لإحياء عملية السلام، يتوقع بكر "ألا تُطرح بشكل أساسي على طاولة التباحث بين بينيت والسيسي، لأن تل أبيب ليست الآن بحاجة ملحة لإحياء عملية السلام".
ويضيف: "ولم لا ودول عربية وقعت اتفاقيات تطبيع مجانية مع إسرائيل دون شروط، كما أن فلسطين لم تعد القضية المركزية للعالم العربي، بسبب التشرذم العربي، وحروب اليمن، وسوريا، وليبيا".
وبشأن ما قد تحمله زيارة بينيت من ملفات اقتصادية يمكن التعاون فيها بعد ملف استيراد القاهرة للغاز، يعتقد المحلل المصري "ألا يحمل بينيت معه أي ملفات اقتصادية"، مبينا أنها "فقط مفاوضات أمنية بامتياز".
ويقول: "بالنسبة لمصر، يمثل اللقاء فرصة بأن ترسل رسالة لإدارة بايدن مفادها أن القاهرة ستظل الوسيط الفاعل في حفظ التهدئة بين حماس وإسرائيل".
ويؤكد أن "مصر تسعى من اللقاء إلى استخدام النفوذ الإسرائيلي لدى الإدارة الأمريكية؛ لتخفيف الضغوط على الحكومة المصرية فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان".
وفي توقعه لمستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية في ظل حكم بينت، يرى بكر أنها "ستظل كما كانت في عهد نتنياهو، دون تغيير يُذكر".
وختم بالقول إنه "لا يجب التعويل كثيرا على ما يروجه الإعلام الإسرائيلي، من أن بينيت أضعف من نتنياهو، لأن أي رئيس وزراء إسرائيلي ينفذ سياسة دولة رسمت منذ القرن الماضي".
"قمة التنسيق"
وآخر زيارة علنية لرئيس وزراء إسرائيلي كانت عام 2010، عندما عقد الرئيس المصري الراحل حسني مبارك قمة مع رئيس الحكومة آنذاك بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزيرة الخارجية الأمريكية حينها هيلاري كلينتون.
وأدت القاهرة دورا حيويا في أيار/ مايو الماضي، عندما نجحت في التوسط لوقف إطلاق النار الذي استمر لمدة 11 يوما بين إسرائيل وحركة "حماس"، ونتجت عنه أضرار بالغة بقطاع غزة المحاصر.
وبلغت علاقات البلدين قمة التنسيق في عهد السيسي وخلال حقبة نتنياهو في الجانب الأمني وملف المسلحين في سيناء، إلى جانب عقد اتفاق استيراد الغاز الطبيعي، لأول مرة، من إسرائيل عام 2020، ولمدة 15 عاما بقيمة 15 مليار دولار.
هكذا قرأ محللون زيارة الكاظمي لإيران قبل الانتخابات بالعراق
ماذا ينتظر مصر من مخاطر على الهوية بعد كلام السيسي؟
هل يفرض السيسي جباية جديدة لتمويل صندوق "تحيا مصر"؟