لم تتمكن زوجة المعتقل أيوب حسونة من مدينة اللد المحتلة من التعرف على ملامحه حين توجهت لزيارته قبل أيام، فالرضوض والكدمات غيرت ملامحه بعد تعرضه للضرب والاعتداء على يد جنود الاحتلال خلال اعتقاله.
ويقبع في سجون الاحتلال أكثر من 200 معتقل فلسطيني من الأراضي المحتلة عام 1948 كلهم تعرضوا لوسائل قاسية من الاعتقال والتحقيق، وذلك على خلفية مشاركتهم في المواجهات التي اندلعت في أيار/مايو الماضي عقب انتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك والعدوان على قطاع غزة.
وتصف زوجة حسونة خلال تصريحات إعلامية دقائق الزيارة بالقاسية للغاية؛ حيث لم تتعرف على زوجها الذي عاشت معه عشر سنوات، فمعالم وجهه كلها متغيرة ومنتفخة جراء ما تعرض له قبل أيام قليلة من اعتداء وتنكيل، علما أنه كان اعتقل منذ عدة أشهر وهو قريب للشهيد موسى حسونة الذي قتله المستوطنون في مدينة اللد خلال تلك الهبّة الجماهيرية.
المحامي خالد زبارقة من مدينة اللد أكد أن أكثر من ٢٢٠ لائحة اتهام تم توجيهها لمعتقلين فلسطينيين؛ وكل الذين قدمت ضدهم لوائح اتهام ما زالوا قيد الاعتقال.
وقال لـ "عربي٢١" إن بعض المعتقلين أفرج عنهم بعد عدة أشهر من الاعتقال بشروط مقيدة أغلبها يتمثل في الإبعاد عن السكن والحبس المنزلي كاملا مع شروط أخرى.
اقرأ أيضا: مطالبات فلسطينية بالداخل المحتل للإفراج عن "معتقلي الهبة"
وأشار إلى أن مدينة اللد وحدها رصيدها ٤١ معتقلا كلهم وجهت لهم لوائح اتهام وأحدهم تم تحويله للاعتقال الإداري.
ووصف زبارقة لوائح الاتهام المقدمة ضد المعتقلين بأنها قمعية أكثر منها لكشف الحقيقة أو إجراء قانوني عادل أو نزيه؛ وأنها إن دلت على شيء فهي تدل على أن الدولة بدأت باستخدام الإجراءات القمعية ضد الشبان في الداخل المحتل.
وحول ما يتعرض له المعتقلون من أساليب تعذيب أكد المحامي أن عمليات التعذيب تبدأ بحقهم منذ اللحظة الأولى من مداهمة المنزل في ساعات الفجر الأولى؛ حيث يتم الاعتداء بطريقة همجية وصراخ وضرب على الأبواب من أجل التخويف ونشر الذعر وضرب المعتقل معنويا حتى قبل وصوله لأقبية التحقيق لدى جهاز المخابرات الإسرائيلية.
وأكد أنه يتم الاعتداء عليهم جسديا أحيانا في لحظات الاعتقال وهو ما يتنافى مع القوانين الدولية وحتى القانون الإسرائيلي نفسه الذي يخالف هذا السلوك.
وأضاف: "يتم تحويل المعتقلين لمركز التحقيق ويتعرضون فيه لتعذيب نفسي وجسدي كالشبح وساعات تحقيق طويلة جدا ومنعهم من النوم والأكل ومنعهم من دخول دورة المياه والتهديد والصراخ المستمر وخاصة في أقبية المخابرات".
وأشار إلى أن ضباط التحقيق يتعاملون مع المعتقلين بعد دراسة نفسياتهم وواقعهم ويتعاملون بالترهيب وضرب المعنويات، ويتعمدون ما يفعلونه ليجبروهم على الاعتراف بالتهم الموجهة لهم.
ولفت زبارقة إلى أن هناك اعتداء تم على المعتقلين بعد انتهاء التحقيق معهم وبعد تقديم لوائح اتهام بحقهم؛ وهذا ما حصل مع معتقلي مدينة اللد تحديدا؛ حيث تم الاعتداء عليهم بالضرب في سجن مجدو وهم مقيدون ما أدى إلى ضرر كبير جسديا جراء الاعتداء عليهم.
وتابع: "نحن نعتقد أن هذا يدل على الغطرسة الإسرائيلية وسياسة القمع الإسرائيلية بكل أذرعها؛ ويدل كذلك على النفسية الإجرامية التي يتمتعون بها وعلى شعورهم بالفشل أمام هؤلاء الشباب، لأنهم ظنوا أنه تم محو وعيهم الوطني والديني فتفاجأوا أن الشباب الفلسطيني لديه وعي وطني وديني عال خاصة فيما يتعلق بالمقدسات وتحديدا المسجد الأقصى والقدس".
ولفت إلى أن تفاعل الشباب الفلسطيني في الداخل المحتل كان على أثر الاعتداء على الشبان في باب العامود والشيخ جراح والاعتداءات على الأقصى في رمضان، لذلك فإن الشباب في الداخل جزء من الشعب الفلسطيني يتألمون لألمه وتفاعلهم كان على هذا الأساس.
وأكد أن هذه الحقيقة أقلقت صناع القرار في المؤسسة الرسمية الإسرائيلية إلى أبعد الحدود؛ لذلك هم ينتهجون سياسة جديدة وهي سياسة القمع ظنا منهم أن ذلك يمكن أن يعيد الشباب إلى "حظيرة" الردع والخوف والتهديد الإسرائيلية.
حالة انتقامية
عضو لجنة الحريات توفيق محمد قال لـ "عربي٢١" إنه وبعد زيارة الأهل لأبنائهم المعتقلين في سجن مجدو لم تتعرف الزوجات والأمهات على أقربائهن؛ وذلك بسبب الكدمات والرضوض في أرجاء أجسادهم، وأنه من الواضح جدا أنهم تعرضوا لتعذيب قاس وضرب.
وأكد أن ذلك إن دل على شيء فهو يدل على أن هناك انتقاما من هؤلاء المعتقلين؛ لأنهم معتقلون على ذمة لائحة اتهام وليس على ذمة تحقيق، فعادة من الممكن أن يتعرض المعتقل لضرب خلال فترة التحقيق وهو أيضا أمر مخالف للقانون ويستدعي الناس أن يتظاهروا ضده، لكن بعد فترة التحقيق وحين يتم تقديم لائحة اتهام يتم وضع المعتقل في السجن ولا يتم التحقيق معه أو التعرض له بالضرب، مبينا أن ذلك يعني أنها مجرد حالة انتقامية لهؤلاء المعتقلين بسبب احتجاجهم الذي كان يتعلق بانتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك وفيما يتعلق بالعنف والهمجية التي تعرض لها الشعب خلال هبة الكرامة.
اقرأ أيضا: انتهاكات إسرائيلية متواصلة بحق فلسطينيي اللد.. 238 معتقلا
وأضاف: "أعتقد أن الاعتقالات لن تردع شعبنا عن المطالبة بحقوقه ومناصرة قضية القدس والأقصى وهي قضية كل فلسطيني، الاعتقال هو أداة ترهيب صحيح لكنه لم ولن يؤدي إلى هذا الهدف؛ فشباب الداخل لم يرهبهم هذا الأمر لأن ما يحصل أن الدولة تضع الناس إلى الحائط فليس هناك مكان يذهبون إليه".
وأشار إلى أن ما حصل خلال هبة الكرامة من اعتداءات على الفلسطينيين تم من قبل عناصر الشرطة الإسرائيلية وقطعان المستوطنين؛ ولذلك كانت هذه الهبة؛ مشددا على أن الاعتقالات التي حصلت لم ولن ترهب الناس عن الاحتجاج على السياسات العنصرية والاضطهادية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في كل الوطن.
وحول الخطوات التي تقوم بها الأطر السياسية في الداخل المحتل رفضا لما يحدث بحق معتقلي الكرامة؛ قال محمد إنها بدأت منذ هبة الكرامة عبر تظاهرات إسنادية من ناحية ومن ناحية أخرى عبر تحضير ملفات والتوجه لمؤسسات دولية؛ لافتا إلى أن الهيئة الحقوقية في لجنة المتابعة بصدد التوجه لمؤسسات حقوقية دولية بهذا الخصوص، بالإضافة للنشاطات الجماهيرية والإعلامية والسياسية من ضمنها المسيرات ووسائل أخرى، الموجودة في البرنامج ومساندة المعتقلين والدفاع عنهم في المحاكم الإسرائيلية.
"أسرلة" الوعي
نظم الفلسطينيون في الداخل عدة فعاليات شعبية للمطالبة بوقف الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في سجون الاحتلال، ولكن حتى هذا التحرك يحتاج لمزيد من الجهود لإبقائه مستمرا.
وفي هذا السياق يوضح المحامي زبارقة أن هناك فعاليات في الداخل للتضامن مع المعتقلين؛ ولكن الشباب الفلسطيني وخاصة المجتمع الفلسطيني في الداخل لم يعتد على المواجهة المستمرة مع سياسات الاحتلال كما كان الحال في هبة الكرامة أو كما هو الحال دوما في الضفة وقطاع غزة والقدس.
وقال إن هناك حالات شعبية دائما تتصادم وتشتبك مع قوات الاحتلال في بقية الأراضي المحتلة ولكن في الداخل كانت المؤسسة الرسمية الإسرائيلية تحارب الشباب الفلسطيني بعدة طرق؛ منها نشر العنف والجريمة والمخدرات والمال الحرام وضرب الشباب فيما بينهم وإدخال الجريمة للمجتمع ومحاولة تفسيخ النسيج الاجتماعي وضربه في الداخل، بالإضافة للتضييق على مصادر الرزق والتعليم الممنهج لتغيير وعي الشباب الفلسطيني.
وتابع: "حالة الاشتباك التي كانت في هبة الكرامة لم تكن موجودة قبل ذلك، بعد الهبة قامت المخابرات باستدعاءات وكان هناك أكثر من ٣ آلاف معتقل وتحقيقات وضرب ومداهمات واستدعاءات للمخابرات الإسرائيلية من أجل تهديدهم؛ وعملية التهديد كانت واضحة في كثير من الأحيان؛ لذلك كان هناك تراجع في الفعل الجماهيري".
وأعرب عن اعتقاده أن الإرادة الشعبية ستستعيد عافيتها قريبا وسيكون هناك تفاعل أفضل، حيث أن التفاعل الشعبي بمفهوم المشاركة في المظاهرات لم يكن بالمستوى المطلوب كون المجتمع خرج من هجمة شرطية يهودية إرهابية كبيرة لم يعتد عليها، لذلك بدأ المجتمع الآن يستوعب المرحلة التي يعيش فيها.
ورأى أن حالة التشتت الفكري السياسي التي يخوضها بعض أعضاء الكنيست العرب وحالة الاندماج غير المفهومة وحالة أسرلة الوعي التي تقودها القوائم والأحزاب العربية المشاركة في الكنيست وخاصة الحزب المشارك في الحكومة الذي يقود حالة من تضليل وتشتيت الوعي الفلسطيني أثرت سلبا على التفاعل الجماهيري مع القضايا الأساسية.
حقوقي بارز لـ"عربي21": عزل الشيخ رائد صلاح محاولة انتقامية
معارض جزائري يتهم إسبانيا باعتقاله خدمة لأجندة نظام بلاده
تحذيرات حقوقية من وفاة مضربين عن الطعام بسجون مصر