نشر موقع "المعهد الملكي إلكانو" الإسباني تقريرا تحدث فيه عن قمة مجموعة الدول الصناعية السبع، حيث كان الهدف من أول اجتماع لقادة مجموعة السبع بعد تفشي الوباء تسليط الضوء على عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات متعددة الأطراف، في محاولة لنسيان الفترة الكارثية لدونالد ترامب.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أراد أن يُظهر للعالم القوة المفترضة للمملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي - مستفيدا من حقيقة أن الاجتماع كان على الأراضي البريطانية (كورنوال) - حتى أنه كان يطمح إلى تحويل "العلاقة الخاصة" التقليدية مع واشنطن (التي تفترض نوعا من التبعية) إلى علاقة بين طرفين متساويين من شأنها أن تثبت مكانتها كقوة عالمية.
لقد أراد المشاركون في هذه القمة أن يظهروا أنهم تعلموا من أخطاء أزمة سنة 2008 وتداعياتها من جهة، وأنهم يحاولون تسليط الضوء على حقيقة أن الديمقراطيات أكثر فاعلية من الديكتاتوريات (على غرار الصين وروسيا) في الاستجابة لاحتياجات العالم اليوم من جهة أخرى، وذلك دون ترك أي طرف يتخلف عن الركب.
أشار الموقع إلى أن النجاح قد يبدو في البداية مضمونا خاصة أن جو بايدن جعل الأمور لصالحه، وبذل كل ما بوسعه لاستعادة الانسجام الذي تحتاجه واشنطن لمواجهة بكين وموسكو، وهو ما يعكس إدراكه لاحتياج المهمة للقدرات الجماعية وأن الولايات المتحدة لا تستطيع فعل ذلك لوحدها. وقد قام القادة الآخرون المشاركون في الاجتماع بالشيء ذاته لأنهم، بعد تجربة ترامب الأحادية، فهموا أنهم ما زالوا بحاجة إلى القوة الأمريكية للدفاع عن أنفسهم ضد التهديدات في عالم تعرض لضربة مضاعفة (أزمة 2008 المالية وجائحة كوفيد-19) وتعاظمت قوة كل من الصين وروسيا.
اقرأ أيضا: من هي الفتاة المحجبة التي ظهرت في لقاء أردوغان- بايدن؟
وأضاف الموقع أن بوريس جونسون حاول إخفاء التوبيخ الذي تلقاه بسبب اتفاق الجمعة العظيمة، من خلال تغيير موقفه الذي يبدو الآن أكثر تصالحية. في هذه الحالة، سيكون من المستحيل على أي حال الاستمرار في إنكار أن لندن هي من يخسر أكثر من غيرها بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ما يتبقى هو أن نرى من الذي ستعتبره الولايات المتحدة محاورًا متميزًا في القارة العجوز، التي تخشى من الناحية الجيوسياسية أن تكون تابعة إلى الأجندة الأمريكية.
بموجب هذا الاتفاق، التزمت الدول السبع بالتبرع بنحو مليار جرعة لقاح لوقف الوباء في البلدان الفقيرة ولكن هذا الرقم سيتضاءل نظرا لأن التسليم سيكتمل بحلول نهاية 2022 من قبل الولايات المتحدة التي تعهدت لوحدها بتقديم 500 جرعة إلى جانب 100 مليون أخرى مقدمة من لندن.
واعتبر الموقع أن الأسوأ من ذلك هو مقارنتها بنحو 11 مليار جرعة التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها ضرورية على المدى القصير إذا كان الهدف تطعيم 60 بالمئة من سكان العالم بحلول نهاية هذا العام. في هذه الأثناء، ظلت مقترحات تعليق براءات الاختراع على اللقاحات (التي روج لها بايدن نفسه في البداية)، قبل إحجام ألمانيا والمملكة المتحدة عن ذلك حيث توجد المقرات الرئيسية لشركات الأدوية المهمة، معلقةً.
يبدو الاتفاق واضحا لبعض الحكومات الوطنية التي تحتاج إلى تحسين دخلها من أجل تلبية الاحتياجات الهائلة التي يطرحها الخروج من الأزمة الحالية. وفي ظل الأهمية المتزايدة للدولة في الاقتصاد الوطني، فإن برامج المساعدة والتحفيز الطموحة التي يقترحها بايدن في الولايات المتحدة هي تلك البرامج التي تحتاج بوضوح إلى إيرادات أعلى، ليس فقط لخلق فرص العمل وتحسين البنية التحتية والخدمات العامة فحسب وإنما أيضا لتغيير النظرة الشعبوية التي مثلها ترامب. على أي حال، لن يكون تنفيذ الاتفاق سهلا، طالما أنه لا يضم العديد من الحكومات.
وأوضح الموقع أن مجموعة الدول الصناعية السبع أرادت أن تُذهل العالم بالإعلان عن إطلاق مبادرة تسمى إعادة بناء عالم أفضل (B3W) لإنشاء بنية تحتية في عشرات البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. مع أخذ الصين ومشروعها الكلي لمبادرة الحزام والطريق بعين الاعتبار، يهدف المشروع إلى حشد التمويل الذي يتناسب مع الاحتياجات، الذي قدرته مجموعة السبع بنحو 14 تريليون دولار بحلول سنة 2035، واعدةً باتباع المعايير الدولية من حيث البيئة والعمالة، ومحاولة عدم الوقوع في فخ الديون - مع اعتبار الصين منافسا وليس شريكا.
وفي الختام، أشار الموقع إلى أن الضامن لإيجاد موقف مشترك مع الصين، مع اتخاذ كندا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة مواقف أكثر صرامة بينما تخشى ألمانيا وإيطاليا ازدراء بكين، وضمان الالتزام الحقيقي بتمويل المشروع يكمن في تحديد القيم المطلوبة لتحقيق ذلك. يسعى أعضاء هذه المجموعة، الأقل تمثيلا للثقل السياسي والاقتصادي الحالي، لإثبات أن الديمقراطيات أكثر فاعلية من الديكتاتوريات، وأنهم ملتزمون بقيم مثل الشفافية والمساءلة ورفض الفساد.
فورين أفيرز: هكذا يجب على بايدن التعامل مع بوتين
لهذا أصبح استمرار وجود تركيا بأفغانستان مطلبا دوليا
الغارديان: هل كافأ بايدن السيسي وتخلى عن حقوق الإنسان بمصر