سلطت صحيفة "
الغارديان" الضوء في تقرير لها على ما وصفته
بخيبة المعارضين
المصريين في الخارج من إدارة
بايدن التي فتحت ذراعيها لنظام عبد
الفتاح
السيسي المتهم بقمع المعارضين.
وتوجت إدارة بايدن تبادلها الدافئ مع السيسي بطلب 1.38 مليار دولار –
أعلى رقم ممكن من المساعدة السنوية لمصر، ومن أجل موافقة الكونغرس عليها.
وكتبت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن شريف منصور، المناصر القوي لحقوق الإنسان في لجنة
الدفاع عن الصحافيين بواشنطن تحدث عن قريبه رضا عبد الرحمن الذي اعتقل في شهر آب/أغسطس الماضي
في محاولة من قوات الأمن ابتزاز وإسكات منصور. وهو معتقل بدون توجيه اتهامات منذ 9
أشهر، وعلم منصور أنه ووالده متهمان بنفس التهمة وهي الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر
"الأخبار الكاذبة".
وتشير الصحيفة إلى أن منصور هو واحد من بين ناشطين ومعارضين ومحللين غاضبين
من الإدارة الأمريكية التي غيرت موقفها بشكل مفاجئ من مصر. وأشاروا إلى أن التغير الأمريكي
جاء مع أن نظام السيسي صعد من الحملة ضد نقاده، ومنهم الناشطون في الولايات المتحدة.
ومنذ اعتقال عبد الرحمن، تم اعتقال 12 فردا من عائلة منصور وحقق الأمن
المصري معهم. وقال منصور: "سألوا عنا ومتى كانت آخر مرة تحدثنا فيها" و"فحصوا
هواتفهم النقالة ولو لم يقدموا كلمة السر فإنهم يتعرضون للضرب من أجل البحث عن أي شيء
يربطهم معنا، بما في ذلك الحوارات على فيسبوك" و"لهذا السبب لم نتواصل معا،
وتوقفت عن الحديث مع عائلتي من أجل عدم إعطائهم مبررا للتحرش بهم".
واتصل الرئيس بايدن بالرئيس السيسي ولأول مرة في أيار/ مايو. وكمرشح للرئاسة
وعد بايدن بأنه لن تكون هناك "صكوك على بياض" للرجل الذي وصفه الرئيس دونالد
ترامب بـ "ديكتاتوري المفضل".
ولكن عندما تحادثا ناقش الرئيسان موضوع
حقوق الإنسان ضمن إطار "الحوار
البناء" و"أكدا على التزامهما بشراكة أمريكية- مصرية مثمرة" حسب الإيجاز
الذي أصدره البيت الأبيض.
وجاءت المكالمة بسبب الدور الذي لعبته مصر في التوسط بين حركة حماس وإسرائيل،
بما فيها زيارة نادرة من مدير المخابرات المصرية عباس كامل إلى تل أبيب ورام الله وغزة،
ثم تبعتها زيارة أخرى للقاهرة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، وهي
أول زيارة لوزير خارجية إسرائيلي منذ 13 عاما.
وقال أتش إي هيلير من وقفية كارنيغي للسلام العالمي إن "الأزمة الأخيرة
في الأراضي الفلسطينية والقصف الإسرائيلي ذكرت واشنطن بحقيقة حاضرة وواضحة: لا توجد
عاصمة في المنطقة لها علاقات عملية ومباشرة مع الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة والضفة
الغربية غير القاهرة".
وتوجت إدارة بايدن تبادلها الدافئ مع السيسي بطلب 1.38 مليار دولار
– أعلى رقم ممكن من المساعدة السنوية لمصر، ومن أجل موافقة الكونغرس عليها.
وعبر تحالف من منظمات حقوق الإنسان عن "خيبة أملهم القوي" من
قرار الإدارة. وقالوا: "كان شعار حملة الرئيس بايدن: "لا صكوك على بياض"
للنظام المصري، ولكن طلب هذا المبلغ الذي تقدمه الولايات المتحدة لمصر منذ عام
1979 برغم تدهور سجل حقوق الإنسان يعني أنها قامت وبشكل عملي بمنحه صكا آخر على بياض".
ويتفق منصور مع هذا الموقف ويقول: "لقد تخلوا عن خطابهم العام ومطالبهم
مصر باحترام حقوق الإنسان والموافقة على الحوار البناء"، وأضاف: "يثور الدم
في عروقي عندما أسمع هذه العبارة (الحوار البناء) تقال بطرق عدة. ليس لأننا نحن المصريون
والولايات المتحدة سمعناها من الديكتاتوريين السابقين ولكنها تؤكد على سذاجة وتردد
هذه الإدارة عندما يتعلق الأمر بمصر".
ومنذ وصوله إلى الحكم عبر انقلاب في عام 2013 أشرف السيسي على نظام قمعي
لم تشهد مصر مثله في أوقاتها الحديثة، وسجن عشرات الآلاف من المعارضين وقمع حرية التعبير
وسجن الناشطين لمجرد تعليقات على فيسبوك. وأشارت منظمة أمنستي انترناشونال إلى أن السجون
المصرية أصبحت مكتظة بالسجناء.
وتابعت "فريدم إنيشيتف" (مبادرة الحرية) التي أنشأها الناشط
الحقوقي المصري- الأمريكي محمد سلطان زيادة حالات استهداف النظام المصري لعائلات نقاده
الذين يعيشون في الخارج. فهناك زيادة في المكالمات الهاتفية التي تحمل التهديدات بل
والترهيب الجسدي. وتحدث علي حسين مهدي، المعارض المصري في الولايات المتحدة عن أساليب
النطام: "قالوا إنهم يستطيعون استئجار أحد لملاحقتي هنا في الولايات المتحدة".
ووصف مهدي الذي كان من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي كيف تم سجن
عائلته في بداية العام الحالي كوسيلة لوقفه عن الحديث ضد مصر على منصات التواصل الاجتماعي.
ولا يزال والده في المعتقل. وتحولت التهديدات لمهدي إلى مكالمات شريرة من شخص قدم نفسه
على أنه رجل مخابرات مصري، وذلك لأنه ناقش اعتقالات أفراد عائلته علنا.
وتصف منظمة سلطان ما تقول إنها "أساليب اتخاذ الرهائن" والتي
شملت خمسة مواطنين أمريكيين وتم اعتقال عائلاتهم في مصر من أجل إسكاتهم ووقف نشاطهم.
ووجدت المنظمة أن هناك عدة حالات من المواطنين الأمريكيين أو المقيمين في أمريكا ممن
اعتقل أفراد من عائلاتهم في مصر العام الماضي. وتعتقد المنظمة أن الرقم قد يكون أعلى.
ووجدت أن المواطنين الأمريكيين تلقوا تحذيرات من عدم الحديث مع المشرعين
في الكونغرس الذين يمثلون مناطقهم وإلا حدث مكروه لعائلاتهم. مع أن هناك قوانين في
الولايات المتحدة تحد من التعاون مع دولة تهدد المواطنين الأمريكيين والمعارضين.
وتضم هذه قانون "ليهي" الذي يمنع الولايات المتحدة من تقديم
الدعم لقوى أجنبية بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان. وهناك قانون "ماغنيستكي"
العالمي الذي يسمح للحكومة بفرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان ومنعهم من دخول الولايات
المتحدة. وكذا قانون "حظر خاشقجي" الذي يحد من منح تأشيرات دخول الولايات
المتحدة لمن شاركوا في نشاطات ضد المعارضين.
ولم يرد البيت الأبيض على الصحيفة للتعليق، إلا أن جلسة استماع في الكونغرس
لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، هذا الأسبوع، أخبر فيها المشرعين: "أعتقد أن هناك
تقدما حصل في بعض المجالات" المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر. "لكن عندما يتعلق
الأمر بحرية التعبير وعندما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني فهناك مشاكل مهمة ونحن بحاجة
لمعالجتها مع شركائنا المصريين، ونحن نقوم. ونأمل ونتوقع تقدما على هذا المجال".
وعبر الناشطون عن خيبة أمل من تردد المشرعين في استخدام العقوبات ضد المسؤولين
المصريين والذين يستحقون حسب رأيهم فرض إجراءات عقابية ضدهم. وعلق منصور: "كون
مصر تعتقد أنها قادرة على الإفلات في عمليات احتجاز المواطنين كرهائن، وقد فعلت ستظل
لطخة في إدارة بايدن".