قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" إن
اندلاع الدسائس في القصر الملكي في الأردن، ووضع الأخ غير الشقيق للملك الأمير
حمزة قيد الإقامة الجبرية، بسبب كثرة تململه وسط مؤشرات على تدخل سعودي في الأزمة، يعد
"نذير شؤم" على البلاد.
وأشارت الصحيفة، في تقرير ترجمته
"عربي21"، إلى أن الملك عبدالله
الثاني، والدور المحوري للأردن في الدبلوماسية الإقليمية، تعرضا للتقويض على يد
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحلفائه المقربين في كل من إسرائيل، رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي المملكة العربية
السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن
سلمان.
وفيما يلي نصر
التقرير:
ينذر بشؤم اندلاع
دسيسة القصر في الأردن في الأسبوع الماضي، التي تمخض عنها وضع الملك عبدالله أخاه
غير الشقيق حمزة، كثير التململ، تحت الإقامة الجبرية. وكذا هي المؤشرات على تدخل
المملكة العربية السعودية.
لقد تم حتى الآن
احتواء ما تقول عمان إنه مخطط يتهدد "أمن واستقرار" البلاد، وما يسميه
الملك عبدالله بالفتنة. لو كان السعوديون متورطين في الأمر، والحكومة الأردنية
مقتنعة بأنهم كانوا كذلك، فيبدو أن الطرفين عازمان على كتم خلافاتهما. ومع ذلك
فقد بات الغموض يكتنف مستقبل الأردن، أقرب حلفاء الغرب من العرب وأكثرهم ثباتا.
عادة ما يوصف الأردن
بأنه واحة من الاستقرار في منطقة يغشاها الاضطراب. يقع البلد في الوسط بين الشام
والخليج، تحده من الشمال سوريا، ومن الجنوب المملكة العربية السعودية، وتحيط به من
الغرب والشرق مراجل تغلي في كل من إسرائيل / فلسطين من جهة، والعراق من جهة أخرى.
وكما أثبت الراحل الملك حسين، يحتاج حكام البلد ليس فقط إلى حسن الطالع والحكمة
والحصافة، ولكن أيضا للمهارة في التعامل مع الرياح التي تهب من مختلف أرجاء
المنطقة وتمر عبر الأردن.
كان الملك عبدالله
خيارا مفاجئا عندما خلف حسين في عام 1999، إذ وقع عليه الاختيار بشكل أساسي؛ لأنه
كان الآمر الأصيل لقوات النخبة الخاصة، والتي تشكل تقاطعا ما بين الجيش ووكالة
المخابرات، الركنين الأساسيين اللذين يقوم عليهما النظام الملكي الهاشمي. وحينها
تم تنصيب الأمير الشاب حمزة، الابن البكر للملك حسين وزوجته الرابعة الملكة نور
وليا للعهد. ولكنه ما لبث أن استبدل به في عام 2004 الأمير حسين، الابن البكر للملك
عبدالله، فانطلقت أحداث ملحمة سطر فصولها طموح تعرض للإحباط، ومزاحمة مستمرة بين
الأشقاء.
يتمتع
الأمير حمزة،
الذي يشبه والده خلقا ومظهرا، بالشعبية. وعلى الرغم من أنه لا يملك النفوذ، إلا
أنه تمكن من استمالة القبائل الأردنية المحلية إلى جانبه. تعتبر هذه القبائل الشرق
أردنية، على النقيض من الأغلبية الفلسطينية التي تنحدر من الضفة الغربية، الأساس
الذي يقوم عليه النظام. إلا أنها تنتفض بشكل منتظم، وما الجيش المضغوط ماليا في
واقع الأمر إلا عناصر قبلية في زي رسمي.
لا يتمتع الملك
عبدالله بالشعبوية الملكية أو السحر الأبوي الذي كان لوالده. والأهم من ذلك، لم
يعد بإمكان الأردن، البلد الأبي الذي يعتمد عادة على المنح الخارجية، الاستمرار في
الوفاء بالتزاماته تجاه العقد الاجتماعي الذي يحصل بموجبه أبناء شرق الأردن على
وظائف الدولة في الجيش والخدمة المدنية، بينما يقوم الفلسطينيون بإدارة قطاع خاص
ضعيف. وفي الأسبوع الماضي، انتقد الأمير حمزة في مقطع فيديو "الفساد وانعدام
الكفاءة خلال الخمسة عشر إلى العشرين عاما الماضية." تجد هذه التهم صدى لها
بشكل خاص في الجنوب الموالي.
أضف إلى ذلك أن الملك
عبدالله والدور المحوري للأردن في الدبلوماسية الإقليمية تعرضا للتقويض على يد
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحلفائه المقربين في كل من إسرائيل، رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي المملكة العربية السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن
سلمان.
فقد نجم عن دعم ترامب
لقائمة رغبات اليمين الإسرائيلي، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة، ومباركة ضم
إسرائيل للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، زعزعة استقرار الأردن، من خلال
إثارة المخاوف إزاء احتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفلسطينيين. وبينما تعززت
ارتباطات إسرائيل مع الخليج، ساور الأردنيين إحساس بأن آل سعود يرغبون في وضع
أيديهم على مهمة الإشراف على الأماكن الإسلامية داخل القدس، وانتزاعها من الهاشميين -الذين كان جد الأمير محمد بن سلمان قد انتزع منهم الأماكن المقدسة في المدينة
ومكة في عام 1925- وذلك كثمن مقابل السلام مع إسرائيل.
كان الملك عبدالله أول
زعيم عربي يتصل به جو بايدن عندما كان رئيسا منتخبا، والذي امتنع لشهور عن
الحديث مع نتنياهو، ورفض التعامل مع الأمير محمد بن سلمان. ينبغي على بايدن وحلفاء
الولايات المتحدة التأكيد بوضوح على أن التلاعب باستقرار الأردن خط أحمر. إلا أن
أمام الملك الآن منصة للتظلمات أنشأها الأمير حمزة، يتم من خلالها التعبير عن
الشكاوى التي تصدر عن قبائل الضفة الشرقية، لكنها في نفس الوقت تعكس الحالة
المرضية التي يعاني منها الأردن، الذي يحسن به أن يبدأ في علاجها.