نشرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية تقريرا حول ما قالت إنه صراع على النفوذ بين إيران وتركيا في العراق.
واعتبرت المجلة أن سبب الخلاف بين إيران وتركيا في العراق يعود لاعتبارات "توازن القوى"، وسعي البلدين إلى "نفوذ أكبر" في المنطقة، بالتوازي مع "سباق اقتصادي محتدم".
ووفق تحليل المجلة، فإن طهران تشعر بالقلق بشكل خاص من أن أنقرة التي قد تستخدم حملتها المناهضة للأكراد لتأسيس وجود عسكري طويل الأمد في سنجار، شمال العراق، كما فعلت سابقا في شمال سوريا ومحافظة دهوك العراقية.
وبالنظر إلى أن العراق وسوريا، المكونين الرئيسيين "لعمقها الاستراتيجي"، فإن إيران لديها "مقاربة صفرية لهذه الدول"، وهذا يعني أن طهران غير راغبة في الأساس في مشاركة مجال نفوذها الاستراتيجي المتصور مع الخصوم.
وفي المقابل، تعتبر تركيا أيضا المنافس الاقتصادي الرئيسي لإيران في السوق العراقية، وفق التحليل.
ففي عام 2019، صدّرت تركيا ما قيمته 10.2 مليار دولار من البضائع إلى العراق، متجاوزة بشكل طفيف صادرات إيران البالغة 9.6 مليار دولار خلال نفس الفترة، وفق المجلة نفسها.
كما استثمرت الشركات التركية حوالي 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي وبنية تحتية -بما في ذلك الطاقة والمياه والصناعات البتروكيماوية- في مدن عراقية مختلفة.
وهناك أيضا منافسة متزايدة بين طهران وأنقرة في إنتاج الكهرباء في العراق، التي كانت تهيمن عليها الشركات الإيرانية في السابق.
إلى جانب ذلك، تعتبر تركيا موقعها الجغرافي عند مفترق طرق أوروبا الشرقية وغرب آسيا ميزة جغرافية اقتصادية فريدة، وتسعى بشكل متزايد إلى احتكار طرق العبور في المناطق المجاورة.
هل يصل الأمر إلى مواجهة عسكرية؟
مع أن تركيا لا تسعى إلى مواجهة مع إيران في العراق، إلا أنها تتطلع إلى تعزيز نفوذها الاستراتيجي على جيرانها الجنوبيين على المدى الطويل، وفق التحليل.
لكن مسار التنافس الحالي ينطوي على مخاطر حدوث صدام غير مرغوب فيه، لأن المقاربات الإيرانية والتركية الصارمة تجاه مناطق نفوذهما الفعلية أو المتصورة يمكن أن تؤدي بسهولة إلى التصعيد، إذا قرر أحد الطرفين تحدي مصالح الطرف الآخر.
وفي شباط/ فبراير 2020، كانت إيران وتركيا على وشك مواجهة مباشرة في إدلب، بعد انتشار المليشيات المدعومة من إيران لأول مرة في محافظة شمال غرب سوريا؛ للمشاركة في القتال ضد المتمردين المدعومين من تركيا.
ووفق تحليل المجلة الأمريكية، فإنه إذا أدت حملة تركية محتملة في سنجار إلى مواجهة بين تركيا وجماعات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران، فمن الصعب الافتراض أن إيران ستجلس مكتوفة الأيدي، وتدع الأتراك يمضون قدما كما يريدون.
وعلى الرغم من أن طهران تشارك أنقرة مخاوفها بشأن التمرد الكردي في شمال العراق، إلا أن مخاوفها بشأن التداعيات طويلة المدى لحملة عسكرية تركية ممتدة قد وضعت الجانبين في خلاف بشأن الوضع في سنجار.
اقرأ أيضا: أزمة استدعاء سفراء بين تركيا وإيران
وفي أعقاب تهديد أردوغان بغزو سنجار، نشرت قوات الحشد الشعبي العراقية القريبة من النظام الإيراني آلاف الجنود في ثلاثة ألوية في سنجار؛ لمواجهة ما يرون أنها نية أنقرة لاحتلال أجزاء من بلادهم.
واعتبرت وسائل إعلام تركية هذه الخطوة تدخلا من قوات الحشد الشعبي لإنقاذ حزب العمال الكردستاني، ومؤشرا على دعم إيران للمسلحين الأكراد.
وفي 10 شباط/ فبراير، نفذت أنقرة عملية عسكرية في جبال غارا بمحافظة دهوك العراقية لإطلاق سراح عدد من الرهائن الأتراك المحتجزين لدى حزب العمال الكردستاني.
وبعد فشل العملية، ومقتل ثلاثة عشر رهينة، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن تركيا ستوسع حملتها ضد حزب العمال الكردستاني إلى سنجار، وهي منطقة استراتيجية تقع على حدود العراق مع سوريا.
يأتي ذلك التوتر رغم أن طهران وأنقرة شنتا، في حزيران/ يونيو 2020، ضربات جوية ومدفعية متزامنة ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق، ما أثار تكهنات بأنها عمليات منسقة بين الطرفين.
وفي الآونة الأخيرة، بات لدى القادة الإيرانيين انطباع بأن نفوذهم في العراق آخذ في الانحسار، وأن الجو المعادي لإيران يسيطر على الدولة.
وكانت الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق في العراق في أواخر عام 2019 ضد الدور الإيراني أول علامة رئيسية على هذا التدهور، بينما وجه اغتيال سليماني أشد ضربة لنفوذ طهران في العراق.
وفي أيار/ مايو 2020، تم استبدال رئيس الوزراء المدعوم من إيران، عادل عبد المهدي، بمصطفى الكاظمي، وهو أكثر استقلالية يحاول الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران وجيران العراق الآخرين، بما في ذلك السعودية، ودول شبه الجزيرة العربية وتركيا.
وفي 27 شباط/ فبراير، انتقد السفير الإيراني لدى العراق، إيراج مسجدي، التدخل العسكري التركي في العراق، داعيا أنقرة إلى سحب قواتها من هناك.
وقال مسجدي في مقابلة مع قناة "روداو الكردية" إن إيران "لا تقبل التدخل في العراق عسكريا، سواء كانت تركيا أو أي دولة أخرى".
ورد المبعوث التركي إلى العراق، فاتح يلدز، على تويتر، قائلا إن نظيره الإيراني "سيكون آخر شخص يلقي محاضرة على تركيا بشأن احترام حدود العراق".
وفي أعقاب هذا الخلاف، استدعت طهران وأنقرة السفراء؛ للتعبير رسميا عن غضبهما.
"مليشيات مدعومة شيعيا".. ماذا وراء المصطلح الأمريكي الجديد؟
WP: لا يمكن لبايدن التفاوض مع إيران بينما وكلاؤها يهاجمون قواته
"MEE": لماذا تعتزم إيران تطوير برنامجها الصاروخي؟