نشرت صحيفة "واشنطن بوست"
مقالا للصحافي جوش روجين، قال فيه إنه بعد أن أطلق مسلحون الاثنين الماضي صواريخ
على قاعدة جوية أمريكية في شمال العراق، أعلنت مليشيا شيعية عراقية مرتبطة بإيران
عن مسؤوليتها عن الهجوم، بينما تبدأ أمريكا تفاعلها الدبلوماسي الجديد مع إيران، ويجب
على الإدارة أن تصر على أن توقف طهران وكلاءها من مهاجمة الأمريكيين.
وعقد وزير الخارجية الأمريكي أنطوني
بلينكن، مؤتمرا بالفيديو مع نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني، وأصدروا بعده
بيانا مشتركا يستهلون فيه رسميا جهود إعادة إيران إلى المفاوضات النووية. وقال
البيان إن الهجمات مثل الهجوم بـ14 صاروخا يوم الاثنين على قاعدة للتحالف بقيادة
أمريكا في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق "لن يتم التسامح معها"،
دون أن يذكر الجهة التي نفذت هذا الهجوم. وقُتل في الهجوم مقاول غير أمريكي وأصيب
تسعة آخرون بما في ذلك بعض الأمريكيين.
وأكد مسؤولان بوزارة الخارجية أن
الدبلوماسيين الأمريكيين مستعدون الآن للجلوس مع المسؤولين الإيرانيين لاستكشاف
طريقة للعودة إلى الاتفاق النووي الذي أحبطه دونالد ترامب. ومع ذلك، لن يعترف أي
شخص في إدارة بايدن باحتمال قيام مليشيا مدعومة من إيران بمهاجمة القوات
الأمريكية للتو مرة أخرى.
هناك أدلة دامغة على أن "سرايا
أولياء الدم" مجرد واجهة لمليشيا "عصائب أهل الحق" المعروفة
والقوية، والتي لها علاقات قوية وراسخة مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري
الإيراني وحزب الله اللبناني.
واعترف زعيم عصائب أهل الحق، قيس
الخزعلي، بالعمل مع إيران لقتل الأمريكيين واعترف بأنه سمح شخصيا باختطاف وقتل
خمسة جنود أمريكيين في العراق عام 2007. وصنفت وزارة الخزانة بإدارة ترامب عصائب
أهل الحق أنها منظمة إرهابية أجنبية وفرضت عقوبات على الخزعلي بسبب انتهاكات
حقوق الإنسان في العراق والتورط في هجوم ديسمبر 2019 على السفارة الأمريكية في
بغداد.
اقرأ أيضا: إلغاء عقوبات واشنطن على طهران.. وبيان أمريكي أوروبي
ونشر مايكل نايتس، الباحث في معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقريرا يوضح دليلا مهما على أن عصائب أهل
الحق وراء الهجوم. فبعد أن تم فرض عقوبات عليها، أعادت العديد من المليشيات
العراقية تسمية مجموعاتها الفرعية في محاولة للادعاء بإنكار المسؤولية. فقد تنبأت
وسائل الإعلام الدعائية لـ"عصائب أهل الحق'' بالهجمات.
وأخبرني نايتس بأن المهاجمين عملوا من قاعدة
في بلدة واقعة تحت سيطرة عصائب أهل الحق. وقال إنه يعتقد أن فريق بايدن يؤخر
الاعتراف بأن جماعة مدعومة من إيران مسؤولة، لأن ذلك سيجبرهم على اتخاذ إجراء تجاه
ذلك، ما سيعقد جهودهم الدبلوماسية الحديثة.
وقال نايتس: "يتعلق الأمر بالحفاظ
على الظروف مواتية للتوصل إلى اتفاق نووي.. فأنت لا تتفاوض مع الأشخاص الذين
يقومون بمحاولة قتلك في نفس الوقت.. بطرق ملتفة".
وقال نايتس إن الحكومة الإيرانية نفت
أنها أمرت بالهجوم، ومن الممكن بالتأكيد أن عصائب أهل الحق كانت تعمل بمبادرة
ذاتية، لكن هذا لا يهم. إيران لها تأثير على وكلائها، ويمكنها أن تختار كبح
جماحهم. وأظهر الهجوم أن القادة الإيرانيين، على أقل تقدير، لا يحركون ساكنا. لذا،
فإن إيران حتى لو لم تكن تنوي ذلك كاختبار للإدارة الأمريكية الجديدة، فهو اختبار مبكر
حاسم لنهجها الجديد تجاه إيران.
وأخبرني مسؤول كبير في الإدارة أن إدارة
بايدن لا تتجنب عزو الهجمات ولكن ببساطة تتوخى الحذر حتى لا تستبق نتائج تحقيقات
مجتمع الاستخبارات الأمريكية. وعندما تؤكد الإدارة ما يبدو واضحا، فسيكون السؤال هو
ما إذا كانت ستفعل ما هو ضروري لوقف المزيد من الهجمات.
واتبع ترامب استراتيجية محفوفة بالمخاطر
تتمثل في الرد على المليشيات عسكريا واغتيال كبار القادة مثل قائد الحرس الثوري
الإيراني قاسم سليماني، على الرغم من أن ترامب لم يوافق على شن ضربات داخل إيران.
أما مستوى تحمُّل الرئيس بايدن للمخاطر فليس مرتفعا، لذا فإن من المحتمل أن يبحث فريقه
عن ردود غير عسكرية. ولكن إذا كان رد بايدن ضعيفا للغاية، فسوف يتشجع وكلاء إيران
في العراق وسيسعون لتحقيق مساحة أكبر للمناورة.
ويدعي فريق بايدن أنه تعلم من أخطاء عهد
أوباما. ومع إيران، يعني ذلك اتباع الدبلوماسية دون غض الطرف عن أذى الحرس الثوري
الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأماكن أخرى. إن السماح باستمرار هذه
الاعتداءات ليس هو ما جعل الصفقة ممكنة في المرة الأولى- إنه ما جعل الصفقة عرضة
للخطر.
وبشكل أكثر إلحاحا، بعد انسحابات واسعة
النطاق، فإن القوات الأمريكية المتبقية في العراق تعيش تحت مخاطر متزايدة. إذا شعر
وكلاء إيران أنهم يستطيعون مهاجمة القوات الأمريكية دون عواقب، فلن يمر وقت طويل
قبل الضربة التالية والأكثر فتكا. قد يشعل ذلك التصعيد والصراع الذي تحاول إدارة
بايدن جاهدة أن تتجنبه.
الغارديان: بايدن يواجه أول اختبار حقيقي بعد هجوم أربيل
NYT: مبعوث بايدن لإيران يثير جدلا كبيرا بواشنطن
FP: إحياء الصفقة النووية يمنح أمريكا نفوذا أكبر على إيران