تلقى الكونغرس الأمريكي التقرير السنوي لعام 2020، الصادر عن "لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين"، متضمنا تحذيرات غير مسبوقة و10 توصيات طارئة، للحد من تضخم العملاق الآسيوي وهيمنته على الساحة الدولية، من جهة، وللحد من اعتمادية واشنطن على بكين من جهة أخرى.
وبحسب التقرير الخاص، الذي اطلعت "عربي21" على نسخة منه، فإن الحزب الشيوعي الصيني يسعى إلى "مراجعة النظام الدولي ليكون أكثر ملاءمة لمصالحه ونظام الحكم الاستبدادي".
وحذر التقرير من أن الحزب الحاكم في الصين "يرغب في أن ترضخ الدول الأخرى لامتيازاتها ولكن أيضا أن تعترف بما تعتبره المكان المناسب للصين في قمة النظام العالمي الهرمي الجديد".
واعتبرت اللجنة الأمريكية الخاصة أن طموحات الحزب الشيوعي الصيني في التفوق العالمي كانت "متسقة طوال فترة وجوده"، وقد أعلن عن ذلك صراحة كل زعيم للحزب الشيوعي الصيني، بدءا بـ"ماو تسي تونغ" الذي قال إن الحزب سيثبت في النهاية تفوق نظامه الماركسي اللينيني على بقية العالم.
وأضاف التقرير المطول، فيما ترجمته "عربي21"، أن الصين، علاوة على ما سبق، أصبحت أكثر "عدوانية في السعي لمصالحها وتعزيز نموذجها دوليا"، منذ قدوم الأمين العام للحزب الشيوعي، شي جينبينغ.
ويهدف الحزب، وفق التحذير الأمريكي، إلى إنشاء نظام دولي يمكن لبكين من خلاله التأثير بحرية على سلوك والوصول إلى أسواق البلدان الأخرى مع تقييد قدرة الآخرين على التأثير في سلوكها أو الوصول إلى الأسواق التي تسيطر عليها.
وتابع بأن "مجتمع المصير الإنساني المشترك"، وهو نظام الحكم العالمي البديل الذي اقترحه الحزب الشيوعي الصيني، "يستند بشكل صريح إلى التقاليد الصينية التاريخية ويفترض أن بكين والمعايير والمؤسسات غير الليبرالية التي تفضلها يجب أن تكون القوى الأساسية التي توجه العولمة".
ويتزامن التحذير شديد اللهجة، والذي تطرق إلى جوانب سياسية واقتصادية واستراتيجية مختلفة، مع قرب احتفال الحزب الحاكم في بكين بمئوية تأسيسه، العام المقبل، وفي ظل جائحة فيروسية شكلت بذاتها ساحة تجاذب حاد بين البلدين.
اقرأ أيضا: بمثل هذا اليوم: انتهاء الحرب الباردة ونشوء "عالم جديد" (طالع)
وبشأن مبادرة الحزام والطريق (BRI)، فقد اعتبر التقرير أنها "عبارة عن مخطط ومعيار اختبار لتأسيس نظام عالمي محوري".
وأضاف: "لا تحتوي المبادرة على بروتوكولات عضوية أو قواعد رسمية ولكنها تستند إلى اتفاقيات غير رسمية وشبكة من الصفقات الثنائية مع الصين كمحور ودول أخرى كمتحدث".
وتابع بأن هذا الإطار يتيح لبكين التصرف بشكل تعسفي وإملاء الشروط على أنها الطرف الأقوى.
ووفق ما طالعته "عربي21" في التقرير الأمريكي، فقد استحوذت قضية الحضور في المؤسسات الدولية على اهتمام خاص، بعد فترة امتازت بخروج واشنطن من العديد من المنظمات الأممية والمعاهدة متعددة الأطراف، خلال فترة حكم دونالد ترامب.
ولفت التقرير إلى أن بكين لا تكتفي بملء المساحات في المنظمات القائمة، بل وتقوم بإنشاء أخرى رديفة تستثني الولايات المتحدة والقوى الأوروبية.
ومن بين قارات العالم ومختلف مناطقه، أفرد التقرير جزءا خاصا بالنشاط الصيني في أفريقيا، عسكريا واقتصاديا وتقنيا، مع الأخذ بالاعتبار مواقف تلك الدول إزاء أكثر الملفات إثارة للجدل في سياسات بكين، وحصول مختلف حكومات القارة السمراء على مساعدات دولية، وذلك لبحث إمكانية فرض ضغوط للحد من نفوذ العملاق الآسيوي في المنطقة.
توصيات غير مسبوقة
وأطلق التقرير 19 توصية، ولكنه صنّف 10 منها على أنها عاجلة، وبرزت من بينها بشكل خاص إطلاق برنامج لتوفير الأساسيات الصحية والطبية والعلاجية للمواطنين الأمريكيين في منأى عن الواردات الصينية.
وخلص التقرير إلى ذلك بعد استعراض مدى اعتمادية الولايات المتحدة على غريمتها الدولية في هذه المجالات الأساسية، وهو ما ظهر تحديدا في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد.
اقرأ أيضا: 4 نقاط اشتباك بحرية محتملة بين أمريكا وروسيا (خرائط)
وفي تمييز بين سياسة البلاد تجاه كل من تايوان وهونغ كونغ، أوصى التقرير الكونغرس بتوجيه الإدارة إلى إزالة أي عوائق أمام حصول مواطني هونغ كونغ على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة لأسباب سياسية.
وفي المقابل، أوصى التقرير الكونغرس بسن تشريع لجعل اختيار مدير المعهد الأمريكي في تايوان ترشيحا رئاسيا يخضع لمشورة وموافقة مجلس الشيوخ، في ترسيخ لاعتباره كيانا يتبع حكومة الولايات المتحدة على أرض تعتبرها بكين جزءا لا يتجزأ من الصين.
كما طالبت اللجنة بتبني الكونغرس مبدأ المعاملة بالمثل كأساس في جميع التشريعات التي تؤثر على العلاقات الأمريكية الصينية، بما في ذلك: تحرير عمل الصحافة والمؤسسات غير الحكومية، والوصول إلى المعلومات المالية، والسماح، بشكل خاص، لتطبيقات التواصل الاجتماعي الأمريكية، وتحرير حركة الدبلوماسيين، وعمل الشركات والبضائع ورؤوس الأموال.
وأوصى التقرير كذلك بتوجيه وزارة الخارجية إلى إصدار تقرير سنوي يوضح بالتفصيل تصرفات الصين في الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها والتي "تخرب مبادئ وأغراض الأمم المتحدة"، بحسبه، فضلا عن توجيه الإدارة بواشنطن، "عند معاقبة كيان في جمهورية الصين الشعبية لأفعال تتعارض مع المصالح الاقتصادية والأمن القومي للولايات المتحدة أو لانتهاكات حقوق الإنسان، بمعاقبة الكيان الأم أيضا".
ويتوجب على الكونغرس أيضا، بموجب التوصيات، تعديل قانون الهجرة والجنسية لتوضيح أن الارتباط ببرامج نقل التكنولوجيا التابعة لحكومة أجنبية يمكن اعتباره أساسا لرفض تأشيرة غير المهاجرين إذا اعتبرت الحكومة الأجنبية المعنية منافسا استراتيجيا للولايات المتحدة، أو إذا كان مقدم الطلب قد شارك في انتهاكات قوانين أمريكية متعلقة بالتجسس أو التخريب أو ضوابط التصدير.
واشتمل التقرير على خمسة فصول رئيسية: المنافسة الأمريكية الصينية على الساحة الدولية، العلاقات الاقتصادية بين البلدين، الشؤون الأمنية والسياسية والخارجية، تايوان، هونغ كونغ.
موقع يهودي: أوباما عانى من "إيباك" وبايدن أقل استعدادا لتحديه
قانون أمريكي لمعاقبة معرقلي الحل بليبيا.. هل يستهدف حفتر؟
خبير أفريقي لـ"عربي21": حرب "تيغراي" قد تؤدي لتفكك إثيوبيا