سلطت صحيفة "هآرتس" العبرية الضوء على رد فعل تركيا الغاضب من التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي تجاوز الموقف الإيراني.
وأوضحت الصحيفة في هذا السياق أن اتفاق التطبيع يطرح من قبل رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، "كفرصة اقتصادية ستفتح أسواقا جديدة أمام الشركات الإسرائيلية، وسيرسخ رسميا التعاون بين الطرفين في مجالات البحث والطب والحواسيب".
وأضاف الكاتب "تسفي برئيل": "هذا بلا شك إنجاز سياسي يحمل في طياته إمكانية كامنة لاتفاقات سلام مع دول عربية أخرى مثل البحرين وسلطنة عمان والسعودية"، منوهة إلى أن الرياض لم تنف تصريحات جاريد كوشنير، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أكد فيها أن "التطبيع بين إسرائيل والسعودية، أمر مفروغ منه".
لكن الاتفاق، في المقابل، "يضع إسرائيل على محور الدول المتورطة عسكريا وسياسيا في الحروب والعمليات التي تجري في الشرق الأوسط، وبهذا، يضعها على لوحة الهدف"، بحسب "برئيل".
وأوضح الكاتب أن "الإمارات تعمل مع مصر والسعودية وفرنسا وروسيا ضد تركيا وقطر".
ولفت "برئيل" إلى أن رد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على اتفاق التطبيع بين الاحتلال والإمارات، كان "أكثر شدة من الرد الإيراني، وأعلن أنه يفحص قطع العلاقات مع أبو ظبي، في حين أن طهران أدانت الاتفاق لكنها لم تهدد بقطع العلاقات".
وأوضح أن طهران بحاجة إلى الإمارات كمحطة لعبور البضائع، فضلا عن استضافة الأخيرة لثلاثة آلاف شركة إيرانية.
وفي المقابل، بالنسبة لأنقرة، فإن "أبو ظبي استأنفت العلاقات الدبلوماسية مع بشار الأسد، وخططت مع إسرائيل ومصر ولبنان من أجل مد أنبوب لنقل الغاز من الدول الثلاث، وقبرص، إلى إيطاليا، وهو المشروع الذي تم تجميده بسبب انخفاض أسعار الغاز جراء كورونا، وهو يستهدف المس ومنافسة المشروع التركي لنقل النفط والغاز من ليبيا إلى أوروبا".
اقرأ أيضا: هآرتس: تطبيع الإمارات أثار تركيا أكثر من إيران.. لماذا؟
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن التوتر بين أنقرة وأبو ظبي غير جديد، "ويسود عداء شديد لدرجة أن سفير الإمارات بواشنطن، يوسف العتيبة، أكد أن تركيا هي العدو الأكثر خطورة على الدول العربية"، لافتا إلى أنها هي التي "هبت لمساعدة قطر عندما فرض الحصار عليها من قبل السعودية ومصر والبحرين والإمارات، وأقامت قاعدة عسكرية في الدوحة وأدانت دول الخليج بسبب سلوكها مع الأخيرة".
"المبادرة العربية لفظت أنفاسها الأخيرة"
واعتبر الكاتب أن "الفلسطينيين يظهرون الآن كأكبر الخاسرين من الاتفاق، ولا يمكنهم الادعاء بأنهم تفاجأوا، كما أن برود الدول العربية وتجاهل الجامعة العربية التعهد بتحويل 100 مليون دولار شهريا للسلطة، ووقف الضغوط السياسية على إسرائيل من قبل مصر والسعودية، والهدوء النسبي المصاحب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بضم هضبة الجولان، كل ذلك ليس وليد السنة الأخيرة".
وقدرت "هآرتس"، أن "المبادرة العربية التي تمت المصادقة عليها عام 2002، بعد خطوة الإمارات، لفظت أنفاسها، كما يبدو أن السعودية حررت نفسها من قيود المبادرة التي تحمل اسمها، والتي أكدت أن التطبيع مع إسرائيل سيحدث فقط في حال انسحبت من جميع الأراضي الفلسطينية، وأيضا هضبة الجولان".
وأفادت الصحيفة العبرية بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي استدعى سفيره في أبو ظبي للتشاور، "وجد نفسه أمام عرض تطبيع فاقع، وهو لا يمكنه الذهاب بعيدا، لأنه في الإمارات يعيش ويعمل نحو 150 ألف فلسطيني، معظمهم في دبي، والأموال التي يحولونها إلى الضفة، هي مكون مهم في مدخولات الاقتصاد المحلي".
ولفتت الصحيفة إلى أن "رضا إسرائيل عن عزل الفلسطينيين، لا يمكن أن يخفي الفيل الكبير الذي يرابض في الضفة وغزة، ومثلما أن اتفاقات السلام مع مصر والأردن لم تمنع اندلاع الانتفاضات، هكذا الاتفاق مع أبو ظبي لن يزيح عن إسرائيل المسؤولية عن الحياة في الأراضي المحتلة".
خبير إسرائيلي يستشرف التداعيات الداخلية لتطبيع الإمارات
يديعوت: عوامل إقليمية مهدت لاتفاق الإمارات مع "إسرائيل"
هكذا تناولت الصحافة الإسرائيلية اتفاق التطبيع مع الإمارات