لا تزال القوى
السياسية الشيعية مصرّة على إقالة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، متهمة
إياه بتعطيل دور البرلمان التشريعي والرقابي و"تجيير المنصب" لتحقيق
مصالح شخصية، رغم مطالبة النواب باستئناف عقد الجلسات،.
تلك الحملة بدأها
تحالف "سائرون" (54 مقعدا) بقيادة مقتدى الصدر، والذي جمع 130 توقيعا
لإقالة رئيس البرلمان، فيما تطلب الأمر موافقة 165 نائبا، وهو ما اعتبره تحالف
القوى العراقية الذي يرأسه الحلبوسي، استهدافا سياسيا هدفه الابتزاز.
نفوذ متصاعد
لكن مصادر سياسية خاصة
كشفت في حديث لـ"عربي21" أن موضوع إقالة رئيس البرلمان لا يقتصر على
سائرون، وإنما هناك قوى سياسية شيعية أخرى تؤيد ذلك وتحديدا، تحالف
"الفتح" بقيادة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري
المالكي.
وأوضحت المصادر التي
طلبت عدم كشف هويتها أن "القوى الشيعية تسعى لإضعاف دور الحلبوسي المدعوم من
دول عربية وغربية أكثر من إقالته، لأنها بدأت تخشى من تعاظم نفوذه، ولا سيما بعد
دوره في تشكيل حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي".
ولفتت إلى أن
"الرئاسات الأربع في البلاد ومنها القضاء الأعلى كلها أصبحت بيد شخصيات
محسوبة على التيار العلماني، وأن التيار الإسلامي الشيعي متخوف من هذا الشيء،
ويسعى إلى ضرب أضعف حلقة وهي رئيس البرلمان لإخضاع الباقين لإرادته مجددا".
وبحسب المصادر، فإن
"الحملة الأخيرة ضد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، هدفها الأساس إضعاف نفوذه
المتصاعد في الدولة العراقية، ولكن لا تمانع الأحزاب الشيعية من إقالته فعليا إذا
تطلب الأمر".
إقالة مستحيلة
من جهته، أكد النائب
عبد الكريم الخفاجي عن تحالف "النصر" بقيادة حيدر العبادي في حديث
لـ"عربي21" تصاعد نفوذ الحلبوسي، بالقول: "بالفعل بدأ نفوذ رئيس
البرلمان يتوسع بالدولة العراقية وفي المحافظات الغربية وعند بعض النواب، وهذا
يحسب له ويعطيه زخما إضافيا وقوة أكثر مما هو عليه الآن".
لكن النائب رأى أن
"توقيت المطالبة بإقالة رئيس البرلمان الغاية منه ممارسة ضغوطات على الحلبوسي
والحكومة للحصول على بعض الوزارات الشاغرة في حكومة الكاظمي. البرلمان عمره سنتان
فلماذا لم يطالبوه بالاستقالة الآن".
وأعرب الخفاجي أن
"رئيس البرلمان يؤدي دوره بشكل كامل وجيد، فبالتالي إقالة محمد الحلبوسي صعبة
ومن المستحيل أن تتحقق، لأنه يجب أن يكون هناك توافق شيعي سني كردي حتى يتمكنوا من
إقالة أي شخصية في الرئاسات".
سلطة الشيعة
وعلى صعيد التخوف من
إضعاف سلطة الأحزاب الشيعية، قال الخفاجي إن "نفوذ الأحزاب الشيعية الإسلامية
من غير الممكن أن ينتهي، لأن لها حظوة وقوة داخل الدولة العراقية، فهي لها
امتدادات وأذرع في الوزارات ومؤسسات الدولة، ولكن من الممكن أن يضعف".
أما بخصوص حصر
الرئاسات حاليا بيد التيار العلماني، قال النائب إن "الرئيس العراقي يدير
الأمور بشكل جيد، ومنصب البرلمان يتحكم به السنة، أما رئاسة مجلس الوزراء فسبق أن
كان عبد المهدي بالمنصب وترك العراق في مهب الريح. وجئنا بحكومة جديدة ونأمل منها
أن تضع البلد على المسار الصحيح".
ورأى الخفاجي أن
"الحديث عن مخاوف الأحزاب الشيعية من ذهاب نفوذهم، غير مبررة وغير معقولة،
وهذا حديث اليائسين، والدليل أن التيار الصدري لديه القدرة على تحريك الشارع في أي
لحظة ولا أعتقد أن يقل نفوذه مطلقا، بل ربما يزيد في السنوات المقبلة".
صراعات سنية
وفي السياق ذاته، رأى
المحلل السياسي غانم العابد في حديث لـ"عربي21" أن "التيار الصدري
هو قاعدة شعبية تتبع رجل دين، فشعبية مقتدى الصدر لا تتأثر على اعتبار أنها تقلده
عقائديا، ولا يمكن للحلبوسي أن يحد من نفوذه أو ينهي دوره".
ولفت إلى أن
"التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، رغم الأخطاء التي حدثت بعد الاعتداء على
المتظاهرين، فإنه محافظ على جماهيره وشعبيته".
وأعرب العابد عن
اعتقاده بأن "المطالبة بإقالة الحلبوسي، تقف وراءه صراعات خفية كانت بدايتها
تحت عباءة المظاهرات الشعبية، وأن الصراع هو سني سني"، لافتا إلى أن
"الغاية من الإطاحة بالحلبوسي هو رغبة أطراف سنية أخرى للحصول على المنصب
بحكم قربها من تحالف الفتح (الشيعي)".
واستبعد العابد
"إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، لأنها ستطيح بأغلب الأحزاب السياسية
العلمانية والإسلامية الحالية، لأن الشارع أصبحت لديه رغبة حقيقية لاستبدالهم بعد
سنوات من الحكم".
وأردف: "أعتقد أن
الإطاحة برئيس البرلمان محمد الحلبوسي أو رئيس حكومة مصطفى الكاظمي وحتى رئيس
الجمهورية واردة، وذلك لمنع إجراء أي انتخابات برلمانية مبكرة".
وفي حديث سابق مع
"عربي21"، قال النائب رعد الدهلكي عن "تحالف القوى العراقية"
الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، إن المطالبة بإقالة الأخير "وسيلة للضغط عليه
وعلى تحالف القوى للإسراع في إكمال التشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء مصطفى
الكاظمي، وفق ما يخدم مصالحها (كتلة سائرون) ويحقق مآربها السياسية".
وأوضح القيادي في
"تحالف القوى" أن "مطالبات هذه الكتلة لا يوجد لها تأييد من باقي
القوى في البرلمان، بل هي وسيلة للضغط على الحلبوسي لا أكثر، أما بخصوص الحديث عن
أن الإقالة هي مطلب شعبي، فأذكرهم أن المتظاهرين لم يصل إليهم سياسي واحد سوى
الحلبوسي".
ولفت الدهلكي إلى أنه
"من يريد أن يصور الموضوع على أنه مطلب شعبي، فنحن نؤكد أنها مطالب كتلة
معينة لتحقيق ما تريده في التصويت على الحقائب الوزارية المتبقية، حتى يحصلوا على
أكبر حصة من الوزارات".