يأتي يوم العمال الموافق الأول
من أيار/ مايو 2020، على نحو 30 مليون عامل مصري في ظل معاناتهم من أزمات عدة بفعل
توقف الكثير من الأعمال والمصانع والمشروعات مع الإجراءات الاحترازية المفروضة لمواجهة وباء "كورونا".
ورغم تزامن قدوم شهر رمضان الذي
يصاحبه احتياجات مصرية خاصة بكل أسرة مع جائحة كورونا، إلا أن السلطات لم تقدم إلا
مبلغ 500 جنيه كدعم مؤقت للعاطلين بسبب توقف أعمالهم.
وفي حين يعد يوم العمال رمزا للنضال العمالي والمطالبة
بالحقوق والخروج في المظاهرات، إلا أنه يمر على المصريين مع استمرار اعتقالات وبطش الأجهزة الأمنية للمخالفين في الآراء السياسية والمطالبين بحقوقهم الفئوية.
وانطلقت فكرة يوم العمال من أستراليا
يوم 21 نيسان/ أبريل 1856، فيما شهد مطلع أيار/ مايو 1886 أكبر الإضرابات العمالية بأمريكا،
وأصبح فيما بعد يومهم العالمي، الذي أقرته مصر بالعام 1924، وأعلنه الرئيس جمال عبدالناصر
عطلة رسمية بالعام 1964.
اقرأ أيضا: في يومهم العالمي.. هذا حال العمال في ظل كورونا (انفوغراف)
وطبقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الحكومي، في شباط/فبراير 2020، فإن معدل البطالة بلغ 8 بالمئة في الربع الرابع من 2019، وبلغ حجم قوة العمل 28.950 مليون فرد خلال الربع الأخير من 2019.
إعانة لا تكفي
واستطلعت "عربي21"
أوضاع العمال المصريين في يومهم العالمي، ومن أمام مكتب بوستة قرية السعديين بمحافظة
الشرقية، أمسك عامل اليومية أيمن فائق، بمبلغ الـ500 جنيه التي حصل عليها كإعانة من
الحكومة المصرية، ورفعها لأعلى قائلا: "من تكفي؟.. وماذا تشتري؟".
وأضاف لـ"عربي21":
"أعمل باليومية مع مقاول أنفار في المعمار بالمدن الجديدة الشروق وبدر، ومع أزمة
كورونا توقف العمل ثم عدنا لعدة أيام، ثم توقف مجددا منذ قدوم رمضان، والمقاول لا يدفع
والشركة لا تدفع للمقاول، ولا ندري كيف ستمر هذه الأيام".
وسخر من مبلغ الدعم، الذي ناله
بعد عناء، بالقول: "كلها دعاية حتي يقول الإعلام إن السيسي لم ينس ولاد مصر وقت
الأزمة".
التعسف ضد العمال
واشتكى عشرات العاملين بشركة
"القاهرة للأدوية والصناعات الكيماوية"، مما طالهم من قمع أمني بعد وقفة
احتجاجية سلمية بمقر الشركة بمنطقة شبرا بالقاهرة الأسبوع الماضي، للمطالبة بمساواتهم
بزملائهم ببعض الأقسام.
وقال أحدهم عبر الهاتف لـ"عربي21":
"أصبحنا أمام خيارين إما أن نجوع وأبناؤنا أو نُعتقل"، مضيفا: "حاولنا
المطالبة بحقوقنا ولم نكن نعلم أننا ارتكبنا جريمة تخالف القانون والدستور اللذين يمنحان
العمال حق المطالبة بحقوقهم بشكل سلمي".
وأشار إلى أنه "بمجرد تجمعنا
أمام مكتب إدارة الشركة لعرض مطالبنا التي تم رفضها مرارا؛ حضر الأمن الوطني في لحظات
ليحاصر الجميع مهددا بكل أنواع الانتهاكات".
وأكد أنهم "حاولوا الإيقاع
ببعض العمال لاعتقالهم ككبش فداء لإنهاء الوقفة، ما اضطرنا للتنازل عن حقوقنا بل واسترضاء
الإدارة لإبعاد الأمن الوطني وعدم اعتقالنا".
وأوضح أنه يعرف "أسماء عشرات
العمال بشركات القطاع العام وقطاع الأعمال والحكومة؛ دمر الأمن حياتهم بمجرد ظهورهم
في وقفة كهذه".
عمالة بطعم الاستعباد
وفي تعليقه، قال رئيس المركز
المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" مصطفى خضري: "منذ
أن اعتلى الجنرال السيسي سدة الحكم وهو يتعامل مع عيد العمال كمهرجان دعائي، حتى إن
جل قراراته التنفيذية تتعارض مع مصالح العمال".
وأضاف في حديثه "عربي21":
"نظام السيسي، اصطف مع مافيا رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات؛ التي تسعى
لتحويل مصر لفيتنام جديدة، حيث العمالة قليلة التكلفة، والقوانين الاستعبادية التي
تمنح تلك الشركات سلطات مطلقة على العامل بدون أي حقوق قانونية له".
وأوضح أن "مجالات الاستثمار
التي تستهدفها تلك الشركات في مصر؛ لا تنمي مهارات العامل المصري التكنولوجية والفنية،
بل تحوله لعمالة نمطية يمكن الاستغناء عنها بسهولة".
وأشار إلى تقرير الحالة المصرية
الذي أصدره مركز "تكامل مصر" مطلع 2019، وجاء فيه أن "نسبة استثمار الشركات متعددة الجنسيات
بالصناعات التحويلة والتكنولوجية لا تزيد على 13 بالمئة من إجمالي استثماراتهم بمصر،
والباقي عبارة عن صناعات استهلاكية تقليدية كالحلويات والسناكس والملابس الجاهزة والمنظفات..
إلخ".
اقرأ أيضا: في عيد العمال.. كيف ضاعفت كورونا معاناتهم بمصر؟
وتابع: "حتى النسبة الضئيلة
من استثماراتهم بالصناعات التحويلية والتكنولوجية، يحرصون فيها على استقدام مشرفين
ومهندسين أجانب؛ بحيث يصبح العامل المصري غير مؤهل لتوطين تلك الصناعات بمصر كاستثمار
وطني، وهو ما يعني تواطؤ نظام السيسي مع تلك الشركات في تقليل فرص إقامة أي صناعة حقيقية
بمصر".
وفي رصده لأوضاع عمال مصر في
ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، قال خضري: "طبقا لتقرير الحالة المصرية الذي أصدره
المركز في 2019، فقد بلغ متوسط أجر العامل المصري 60 سنتا بالساعة، في حين يبلغ متوسط
أجر العامل بفيتنام ضعفي المصري بما يساوي 1.25 دولار بالساعة".
ولفت إلى أن "العامل المبتدئ
في نيويورك يحصل على 25 ضعف هذا الأجر بما يساوي
15 دولارا بالساعة".
وأكد رئيس مركز "تكامل مصر" أن "تلك المقارنة الإحصائية البسيطة لأجر العامل المصري في عدم وجود مظلة
رعاية صحية وتأمينية وتعليمية مناسبة؛ خير دليل على ما يعانيه من قهر وظلم".
وختم بالقول: "حتى في أحلك
الفترات التي مرت على مصر، لم يتم استعباد العامل المصري بتلك الطريقة، فالنظام المصري
يتعامل كنخاس كريم يبيع المصريين مجانا للنظام العالمي".
حملات ترهيب وتهديد بمصر لمنتقدي تعامل الحكومة مع كورونا
هل تسبب وزراء الأوقاف والصحة والتعليم في تآكل شعبية السيسي؟
تعديلات مريبة لقانون الطوارئ.. هل يستغل السيسي أزمة كورونا؟