في موقف أثار غضب المصريين، اقترح سياسي وبرلماني مصري مشروعا بقانون لـ"مجلس النواب" للمساهمة في حل أزمة كورونا، اعتبره مراقبون عبئا جديدا على كاهل المصريين، ومخالفا للقانون والدستور، في ظل الجائحة العالمية.
رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري ورئيس حزب "الوفد"، بهاء الدين أبوشقة، دعا عبر مشروع قانون لخصم نسبة من رواتب المصريين تذهب لـ"صندوق تحيا مصر"، دعما للدولة في علاج آثار أزمة كورونا.
مقترح أبوشقة يتضمن خصم 5 بالمئة لمن يزيد راتبه عن خمسة آلاف جنيه، و10 بالمئة لمن يزيد راتبه عن عشرة آلاف جنيه، ومن يزيد راتبه على 15 ألف جنيه بنسبة 15 بالمئة، ومن يزيد راتبه على 20 ألف جنيه بـ 20 بالمئة وهكذا.
وأثار مقترح النائب جدلا كبيرا، اعتبره البعض إحدى وسائل فرض الضرائب على المصريين والاقتطاع من رواتبهم غير الكافية في الوضع الطبيعي، فيما طالبه آخرون بتطبيق هذا القانون على عناصر الجيش والشرطة والقضاة كونهم الأكثر رواتب بين المصريين.
"مخالف للقانون والدستور"
وفي تعليقه، قال السياسي المصري مجدي حمدان موسى: "لا يوجد شيء اسمه إلزام المواطنين بالتبرع"، مشيرا إلى أن "الدستور المصري ينهى عن هذا الأمر، كما أن باب الحقوق والحريات لا يوجد به إلزام للمواطن بدفع ما يخالف القانون أو العرف".
نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطية"، أضاف لـ"عربي21"، أن "معنى كلمة تبرع أنها تأتي بإرادة شخصية دون إلزام"، مستغربا "ألا يعرف رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان الفرق بين التبرع والإلزام"، مؤكدا أنه "جانبه الصواب وأخطأ بشكل كبير".
واعتبر أن "قول أبوشقة بخصم 5 بالمئة لمن يزيد راتبه عن خمسة آلاف و10 بالمئة لمن يزيد عن عشرة آلاف؛ مزايدة غير عقلانية"، متسائلا: "وهل يتبرع من يكون راتبه 100 ألف جنيه بنسبة 100 بالمئة منه؟".
اقرأ أيضا : "العمل الوطني": نمد أيدينا لكل مخلص لإنهاء الأزمة المصرية
وطالب موسى، نواب البرلمان بأن "يريحوا المصريين من أفكارهم الغريبة وآرائهم التي لا تتواءم مع الظروف الراهنة، خاصة وأننا نواجه ركودا اقتصاديا، وإن لم تعط الدولة الشركات والمؤسسات والأفراد منحة 6 شهور فلن تحصّل جزءا من واحد بالمئة مما تحصله سنويا من الضرائب بعد انتهاء أزمة كورونا".
وقال إن من المتعارف عليه أنه بعد الأزمات يحدث ما يشبه الركود الاقتصادي، متوقعا "إفلاس بعض الدول، وزوال أنظمة، وتغيرا كاملا على وجه الأرض، بل وعدم قدرة الساسة بمصر ودول العرب على التعايش مع متغيرات ما بعد كورونا".
وحذر السياسي المصري من وجود "نفور شعبي كبير إن لم يتم تطبيق قوانين الرحمة والتسامح ووقف السطو على ما بجيوب المواطنين الفقراء".
وفي تعليقه قال السياسي المصري طارق مرسي: "لسنا فقط في زمن وباء كورونا، لكن الشعب ابتلي بجائحة أشد، وهي السيسي وانقلابه ورموز حكمه"، مشيرا إلى أن "دعوى أبوشقة من المضحكات المبكيات، وليست جديدة على رجل تربح من كل العصور واقتات على موائد الطغاة والمستبدين"، حسب قوله.
عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري سابقا، تساءل بحديثه لـ"عربي21": "أليس هو رئيس حزب (الوفد) المفترض أنه معارض؟"، مضيفا أن "مثل هذا الموقف يبرر منح السيسي له رئاسة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان".
وأكد أنهم "لا يخدمون إلا الانقلاب، ويفترض أن يتكلم أبوشقة باسم الشعب بدلا من ممارسة التزلف وخدمة السلطة"، مشيرا إلى أن "من يدير البرلمان علي عبدالعال معروف، وأبوشقة أيضا لا ينطلق إلا بتعليمات جهات سيادية تدير مجلس النواب المصنوع على عين نجل السيسي".
ويرى القيادي العمالي، أن "أبوشقة وأمثاله كارثة على شعب يعيش أكثر من 60 بالمئة منه تحت خط الفقر بحسب تقرير البنك الدولي، وذلك قبل كورونا التي جعلت أكثر من 80 بالمئة من الشعب يعاني ويتضرر".
وقال إنه "كان من الأجدى لأبوشقة أن يعلن عن ثروته ويتبرع بجزء منها، ومن رواتب وبدلات النواب والمنح والعطايا التي تتنزل عليهم بدلا من الشعب المنهك الذي لا تكفيه رواتبه أصلا قبل الأحداث".
وتابع مرسي: "أليس الأجدى أن يطالب السيسي وحكومته بتحمل فاتورة كورونا بدلا من الطائرات والمعونات التي تذهب بها وزيرة الصحة للصين وإيطاليا بشكل مستفز".
وتساءل: "لماذا لم يطالب أبوشقة بتحميل أصحاب الملايين من جنرالات المجلس العسكري وكبار ضباط الجيش والشرطة والقضاء المسؤولية؟".
وأضاف أنه "لم يكن يجرؤ أن يطالب السيسي بإرجاء بناء بعض قصوره، فضلا عن فساتين واكسسوارات زوجته، لكنه يمتلك الجرأة فقط ليلقي العبء على الشعب الضعيف".
وقال البرلماني السابق أخيرا إن "أبوشقة وأمثاله ينسف ما تبقى من تاريخ لحزب الوفد إن كان قد بقي له تاريخ، ليجعل من حزب كان حزب الشعب الأول يوما ما؛ مجرد ألعوبة بيد السلطة على حساب شعب مقهور".
على من يطبق؟ وما علاقة الديون؟
واعتبر الخبير الاقتصادي المصري محمود وهبة، أن خطوة أبوشقة هي "فرض ضرائب جديدة بمسمى تبرعات"، مستنكرا فرض ضرائب شهرية وليست سنوية على الرواتب رغم عدم كفايتها، منتقدا في المقابل عدم فرض النظام ضرائب تصاعدية على الأثرياء.
وأكد عبر "فيسبوك"، أن هذه الضريبة أو التبرع هي لدفع القروض وتسديد أقساطها، لأن الموارد في الميزانية لن تكفي لدفع الفائدة على الديون، ولأن 90 بالمئة من الموارد هي من الضرائب وتحصيلها الآن غير مؤكد، ولذلك يتم تحصيل الضريبة من المنبع.
هل أجّل كورونا حلم السيسي بالعاصمة الجديدة أم أنقذه؟
تساؤلات بشأن دور رجال أعمال نظام السيسي مع انتشار كورونا
كيف انفرط عقد مصابي "كورونا" بالجيش المصري إلى وفيات؟