في قلب العروبة التاريخية أي في جزيرة العرب والعراق وسوريا واليمن ولبنان وجناح العروبة المغاربي تتلاحق الأحداث الخطيرة ويتواصل مسلسل إعادة رسم الخرائط المصيرية من خلال تقرير (ميليس) المهدد للشرق الأوسط الإسلامي بالتقسيم والذي يكرر طريقة تقرير (هانس بليكس) و(سايكس بيكو) والعرب كأنهم نيام أو في غفلة من تلك الغفلات الكبرى التي سجلها تاريخهم منذ فشل محاولات الإصلاح في القرن التاسع عشر على أيدي محمد علي في مصر والوزير خير الدين باشا في شمال إفريقيا وعبد الرحمن الكواكبي في الشام والمهدي في السودان، إلى جانب تراجع حركات الشيخين الأفغاني ومحمد عبده على طول بلاد العرب وعرضها مع استفحال الاحتلال الاستعماري الفرنسي والبريطاني في ما كان يسمى تركة الرجل المريض، أي بقايا الولايات العثمانية العربية، بعد خراب الخلافة ودمار الباب العالي وظهور الجمهورية التركية الحديثة التي ألحقت مع مصطفى كمال أتاترك بالغرب شكلا وروحا.
انهيار في العقول أولا
وبدأ انهيار مفهوم الأمة في العقول قبل أن يتجسد في الواقع بل وشرع العرب في الالتحاق الشكلي بالغرب وتقليد الغالب كأمة مغلوبة على رأي العلامة ابن خلدون. ودخلنا من تلقاء أنفسنا مرحلة سماها محمد عابد الجابري المغربي ومالك بن نبي الجزائري وكمال أبو المجد المصري وعبد الله النفيسي الكويتي وجاسم سلطان القطري، مرحلة هزيمة العقل العربي.
يمكن الجزم بلا تردد بأن العقل العربي كان أفضل حالا تحت وطأة الاستعمار منه بعد الحصول على الاستقلالات، لأن العقل كان حرا وفاعلا ومستنفرا ضد عدو معلوم هو الهيمنة الأجنبية التنصيرية
علاقتنا بإيران
فالعالم العربي اليوم في مأزق لن تساعد على النجاة منه أوضاعه الداخلية المتأزمة، وهو في نظر المنظرين الغربيين المتطرفين باب لضرب إيران وتعويض العدو التاريخي المحتل بايران وإحكام الحصار حول عديد البلدان العربية وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا بصفقة القرن المشبوهة حسب المصالح الإسرائيلية لا حسب قانون العدالة الدولية ومصلحة السلام العالمي ومنطق الأمن الإقليمي، وقد كان الخبير البريطاني المرموق/ ديفد هيرست على حق حين قال في الغارديان بعد اغتيال المرحوم رفيق الحريري إن الشرق الأوسط يجد نفسه اليوم في مربع الانطلاق... انطلاق الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 وحروب إسرائيل ضد لبنان وقطاع غزة، وكأن التاريخ يصر على إعادة المأساة ذاتها لكن هذه المرة بأيدي القوة العظمى الوحيدة.
وكذلك الصديق اللبناني نبيل أبو شقرا على حق حين كتب في "النهار" قائلا: إن لبنان والعرب عموما مازالوا يعيشون في مرحلة الوهم الحلم ومرحلة المؤقت الدائم والمنطق المحنط: أي تلخيص الوطن في الدولة والدولة في النظام والنظام في القائد الأوحد على الطريقة الجمهورية العربية الخارجة عن عصرها، ثم ها نحن نستعيد نفس الشعارات التي قادتنا للهزائم وننفض الغبار عن نفس اليافطات القديمة التي رفعها الآباء في المظاهرات الشعبية التي أعقبت هزيمة حزيران (يونيو) 1967، وتلك التي رفعها الأجداد بعد نكبة 1948، كأنما الزمن توقف ومسخنا بسحر ساحر، فحولنا إلى أصنام تلك الأسطورة اليونانية.
فأين التنسيق العربي في حده الأدنى حول موقف عربي موحد من أجل ترشيده؟
حضرت ليبيا ولم يحضر الليبييون!
الدولة العربية بين الشرعية والتمرد عليها
هل يمكن أن يتحرك الشعب المصري ضد ظلم السيسي؟!