الشعب المصري يعاني منذ فترة طويلة من الظلم والقهر، وإهدار حقوقه، وسلب حريته، وإهانة كرامته، واستبداد حكامه، والاستيلاء على مقدراته على مر العصور، وخصوصًا في الفترة من العام 1952 حتى الآن، وازدادت وتوحّشت بعد الانقلاب العسكري الدموي في 3 تموز (يوليو) 2013 بتخطيط وترتيب من الجنرال السيسي المنقلب على المسار الديمقراطي، الذي اختاره عموم المصريين بعد ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، واستولى السيسي على السلطة وهيمن عليها، بدعم من بعض الدول في الإقليم، على رأسها الإمارات، وإسرائيل، والسعودية.
ما فعله السيسي بمصر!
يمارس السيسي أبشع أنواع الإقصاء لمعارضيه، بالسجن وتلفيق التهم، والإخفاء القسري، والقتل الممنهج، والإبعاد الجبري، والتشويه عبر ترسانة إعلامية جهنمية، بعد أن تمكّن من الحكم، وسيطر على كل مؤسسات الدولة المصرية بالقبضة الأمنية الحديدية، وبتغيير القيادات في كل المواقع المهمة في الدولة، بما فيها القيادات العسكرية، وإبدالهم بمن يُثبت له الولاء والانصياع لكل ما يريد!
بل وصل الأمر بالسيسي ونظامه إلى التعذيب الممنهج للمعتقلين السياسيين في سجونه بالغة السوء التي انتشرت في ربوع مصر، وخصوصًا سجن العقرب شديد الحراسة، مما أدى إلى موت العشرات داخل الزنازين، نتيجة للإهمال الطبي، وسوء المعاملة، وكان آخرهم موت المصري الأمريكي مصطفى قاسم المسجون من العام 2013، بتهم ملفقة، وغيره كثير.
وفي المجال الاقتصادي قام السيسي بإفقار الشعب المصري، من خلال التضليل والفساد واللعب بالأرقام والمشروعات عديمة الجدوى الاقتصادية، هكذا فعل نظام السيسي بمصر في نحو 6 سنوات، والمحصلة فقر متزايد، واقتصاد متداع، وديون لم تشهد مثلها البلاد.
وصل الأمر بالسيسي ونظامه إلى التعذيب الممنهج للمعتقلين السياسيين في سجونه بالغة السوء التي انتشرت في ربوع مصر، وخصوصًا سجن العقرب شديد الحراسة، مما أدى إلى موت العشرات داخل الزنازين،
كأنها أعوام النكسة
ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أن سنوات حكم السيسي، كأنها أعوام النكسة، التي شهدتها مصر بعد هزيمة 1967 أمام الاحتلال الإسرائيلي وضياع سيناء، قبل أن ينتفض المصريون ويزيلوا مرارة الهزيمة بعبور الخط المنيع الذي أقامه الاحتلال في تشرين الأول (أكتوبر) 1973.
كذلك تفاقم الفقر، ليطال نحو ثلثي سكان البلاد، الذين يتجاوز إجمالي عددهم 100 مليون نسمة، ووصول الديون إلى مستويات غير مسبوقة، حيث جلب السيسي في ست سنوات فقط ديونًا تتجاوز قروض 5 رؤساء تولّوا رئاسة مصر في 60 عامًا.
وأضحى شبح الإفلاس يلاحق البلاد، في ظل المخاوف المتصاعدة من عدم القدرة على سداد أقساط الديون والفوائد المترتبة عليها، بينما أقدم السيسي على طباعة مئات مليارات الجنيهات لتوفير السيولة المالية في حالة غير مسبوقة بهذا الحجم.
ناهيكم عن التفريط الرهيب في أهم شريان للحياة بالنسبة للمصريين وهو نهر النيل، من خلال الاتفاقية التي وقّع عليها السيسي في آذار (مارس) 2015، التي أدت إلى فقدان مصر لمليارات المكعبات من المياه، وهذا يؤدي إلى التصحر والفقر المائي الذي ستشهده مصر في الفترة القادمة، وخصوصًا بعد أن وصلت المفاوضات الأخيرة، في هذا الشهر، بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة إلى طريق مسدود، حسب بيان وزارة الخارجية المصرية!
استمرار الظلم والسكوت عليه يؤدي إلى الوهن
إن للظالم أدوات يستعين بها في ظلمه، وأول هذه الأدوات التي يستعين بها السيسي؛ مستشاروه ومعاونوه، ثم أدواته التنفيذية كالجيش وأجهزته الأمنية، وهناك من يروج له وينشر فضائله ويزين مساوئه كالإعلام، وهناك المؤسسة المشرِّعة لظلمه وهي البرلمان المصنوع على عين المخابرات، وشيوخ السلطان، وعلماؤهم، وقضاتهم، وكل هؤلاء يستخدمهم السيسي لفرض إرادته من جانب، وقهر الشعب المصري من جانب آخر.
ويخطئ من يظن أن السيسي يستثني أحدًا من الظلم والقهر الذي يمارسه، لأنه لا حياة له إلا بتعميم ظلمه، بل إنه ما أن يفرغ من إيقاع الظلم على الآخرين، فلابد أن يطال بظلمه من أعانه عليه سواء بالسكوت والرضا وغض الطرف، أو بالعمل والقول، وقد حدث ذلك بالفعل. وهذه سنة الله في الكون أن من أعان ظالمــًا سلّطه الله عليه.
أضحى شبح الإفلاس يلاحق البلاد، في ظل المخاوف المتصاعدة من عدم القدرة على سداد أقساط الديون والفوائد المترتبة عليها
إن لم تتحرك الكتلة الصُلبة من الشعب المصري، بكل الوسائل، مدعومة بالوعي، ضد ظلم السيسي وقهره وجبروته؛ فلن تتغير الأمور، ولن تتبدّل الأحوال، بل سيزداد السيسي في غيّه وانتفاشه،
مصر بين سندان النيل ومطرقة الغاز
يناير 2020.. هل أهل مصر مستعدون للثورة القادمة؟