هل سيستفيد تنظيم الدولة من الأزمة بين ترامب وإيران؟

نشرت صحيفة "جورنال دو ديمونش" الفرنسية تقريرا قالت فيه إن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، الذي يحتضنه العراق منذ أسابيع، يصب في مصلحة تنظيم الدولة.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من المرجح أن يستغل تنظيم الدولة، الذي يلملم جراحه في الخفاء، الوضع الحالي الذي تمر به المنطقة. وفقد تنظيم الدولة أية سيطرة له في الشرق الأوسط منذ نهاية سنة 2017.

اقرأ أيضا: وثائق إيرانية سرية تكشف: هكذا استغل سليماني نفوذه بالعراق

ووفقا لوسيم نصر، الصحفي في قناة "فرانس24" وصاحب كتاب "الدولة الإسلامية، المهمة الناقصة"، "يشن التنظيم هجمات يومية في العراق وسوريا، ولا تعد هذه العمليات كبيرة من ناحية المقاتلين، ولكنها اقتصرت على إطلاق قذائف على قواعد تابعة للتحالف الدولي، وتنفيذ اغتيالات في شرقيَ سوريا، ونصب كمائن ضد الجيش العراقي في مناطق مختلفة أهمها محافظة صلاح الدين وديالى".

وأكدت الصحيفة أن مقتل قاسم سليماني في بغداد، الذي يعتبر شخصية رمزية ومهمة للنظام الإيراني، أعادت خلط الأوراق في المنطقة من جديد. وأقر البرلمان العراقي يوم الأحد، في غياب نواب أكراد وسنة، قرارا يطلب من الحكومة طرد القوات الأمريكية المتمركزة في العراق، التي تضم حوالي 5.200 جندي.

وفي السياق ذاته، أعلن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة أنه أوقف تدريبات القوات العراقية والعمليات العسكرية ضد التنظيم الإرهابي. وعللت قوات التحالف الدولي سبب اتخاذها لهذه القرارات بأنها "ستركز فقط على حماية القواعد العسكرية العراقية التي تنتشر فيها قواتها".

نعمة حلت على تنظيم الدولة

ذكرت الصحيفة أن قرار التحالف الدولي من شأنه أن يصب في صالح تنظيم الدولة. وفي هذا الإطار، أكد وسيم نصر، أنه "في ظل غياب الدعم الجوي للتحالف، من المرجح أن ترفرف الراية السوداء للتنظيم من جديد في بغداد. كما أن أجندة التنظيم الجديدة لن تكون هذه المرة احتلال مدن ومناطق برمتها، بل ستقتصر على التحرك والتواصل بحرية أكبر. علاوة على ذلك، سيكون لدى تنظيم الدولة قدرة أكبر على إعادة حشد مقاتليه لشن الهجمات".

ونوهت الصحيفة بأن الوضع الحالي يشبه إلى حد ما الوضع في سوريا، تحديدا في جنوب الفرات، حيث لا يتمتع التحالف الدولي بترخيص لشن ضربات جوية نظرا لأن هذه المنطقة خاضعة إلى سيطرة القوات السورية والروسية. وأضاف المختص وسيم نصر، قائلا: "لا زال تنظيم الدولة يواصل في شن ضربات عبر استخدام مدافع الهاون، والشاحنات الصغيرة، إما ضد قوات الجيش السوري أو قوات حليفه الجيش الروسي. ويستفيد تنظيم الدولة من الخلافات التي يشهدها التحالف الدولي بين أعضائه من أجل العودة إلى الساحة من جديد".

احتمال قيام انتفاضة سنية

أشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع يُضاف إلى التعقيد السياسي في العراق، حيث تفتك الميليشيات الشيعية مكانة مهمة لها في حرب العراق على تنظيم الدولة منذ السنوات الأخيرة. وأفاد الكولونيل السابق والمؤرخ، ميشيل غويا، بأن "قيام انتفاضة سنية في العراق سيناريو وارد، خاصة مع تفاقم التوترات التي فتحت الأبواب لتنظيم الدولة للبروز من جديد، على غرار الشعور بالاضطهاد والخطر والفوضى. وعموما، يعني ذلك إمكانية رفع العشائر السنية والتنظيمات المسلحة للسلاح من جديد والانضمام إلى تنظيم الدولة".

وقالت الصحيفة إن هذه الدوامة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على الدولة العراقية الهشة، خاصة إذا ما انسحبت الولايات المتحدة من البلاد. وفي هذا الصدد، أضاف ميشال غويا بأنه "ليس من المستبعد أن نشهد مرة أخرى انهيارا للجيش العراقي إذا غادرت الولايات المتحدة البلاد، حيث سيجد الجيش العراقي نفسه دون راع ومساعدة، مما سيتسبب طبعا في تشققه".

وفي الختام، أكدت الصحيفة أن المبعوث الأمريكي السابق إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، بريت ماكغورك، حذر من مخاطر "كارثة" قادمة إذا "غادرت القوات الأمريكية العراق، حيث سيكون ذلك بمثابة فسح مجال أكبر للميليشيات الشيعية والإيرانية للتحكم في البلاد، كما سيترك فراغا يستغله تنظيم الدولة. ولذلك، سنعود إلى نقطة البداية على الرغم من أن ترامب صرح منذ سنة بأنه قضى تماما على التنظيم".