وقفت العدالة غاضبة في قاعة المحكمة بحيفا وصاحت في القاضي بنجو:
أيها القاضي بنجو!!
هل وعيت جيدا ما قال لك وللنيابة الشيخُ رائد صلاح، عندما أكدّ لكم أن حكمك الظالم ما زاده إلا يقينا بثوابته وتمسكا بها حتى الموت!! هلّا وعيت أن الشيخ الذي أكد لكم أن الرباط في المسجد الأقصى من ثوابته لأنه عبادة، حضّ عليها القرآن الكريم والسنة النبوية ولذلك لا تنازل عنه؟!!
وهلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن الشهادة في سبيل الله تعالى من ثوابته، لأنه درجة إيمانية ضمّها القرآن الكريم إلى درجات النبيين والصدّيقين والصالحين في قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا). وللشهادة في سبيل الله تعالى معناها الواسع الذي تحدّثت عنه عشرات الأحاديث النبوية، وقد شرحها لكم الشيخ في سياق إفادته المطولّة، التي استغرقت أكثر من عشر جلسات في قاعة المحكمة!!
وهلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن المشي في جنازات الأموات وتأبينهم عند قبورهم والدعاء لهم، عبادة حضّ عليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن ظروف موت أي ميت!! وهلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية وحضّ الصغار على حفظهما، من الثوابت التي لا ينتطح عليها عنزان!! وأن حفظ المسجد الأقصى المبارك كحق إسلامي خالص ووحيد حتى قيام الساعة، لا يماري فيه إلا كل سفيه!! وأن الوجود الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المحتلَين، هو وجود باطل لأنه وجود احتلالي، ولا سيادة له!!
أيها القاضي بنجو
هلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن القرآن كلام الله تعالى، وأن السنة النبوية كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك شروط محددة ومفصّلة في الإسلام لمن يحق له تفسير القرآن أو شرح السنة النبوية، وبما أنك لا تتوفر فيك هذه الشروط، فلا يجوز لك أن تفسّر القرآن أو أن تشرح السنة النبوية، ولذلك فقد أخطأت خطأ شنيعا عندما أعطيت لنفسك الحق في تفسير القرآن وشرح السنة النبوية، كما اتضح ذلك في سياق حكمك الذي أصدرته!!
وهلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن اللغة العربية أفصح لغة في الأرض، ويكفي أنها لغة القرآن الكريم، وهناك شروط محددة ومفصلة في علوم اللغة العربية لم يحق له الخوض في معانيها وبلاغتها، وبما أنك لا تتوفر فيك هذه الشروط، فقد أخطأت عندما أعطيت لنفسك الحق في سبر معانيها كما يتضح ذلك في سياق حكمك!!
وهلّا وعيت أن الشيخ أكد لكم أن لكل شعب فلكلوره، ولذلك فإن للشعب الفلسطيني فلكلوره، وهو ليس مشاعا حتى يتلاعب البعض في شرحه!! وبما أنك يا قاضي بنجو لا تملك مؤهلات شرح هذه الفلكلور الشعبي الفلسطيني، فقد أخطأت عندما خضت في شرح معانيه، كما يتضح ذلك في سياق حكمك!!
أيها القاضي بنجو
لأنك خضت في معاني القرآن والسنة النبوية واللغة العربية والفلكلور الشعبي الفلسطيني وأنت لست مؤهلا لذلك، مما دفعك إلى تجريمها وأنت ظالم لها، فإن حكمك الذي أصدرته هو اعتداء على القرآن والسنة والنبوية، وهو اعتداء على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو اعتداء على اللغة العربية والفلكلور الشعبي الفلسطيني.
أيها القاض بنجو
لأنك خضت في هذه المتاهة التي جمعتَ فيها على نفسك الظلم والجهل، فإن حكمك الذي أصدرته لم يكن ضد الشيخ شخصيا، بل كان ضد الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني. ولأن حكمك لم يعد سرا بل بات معروفا في كل الأرض، فإن كل مسلم وعربي وفلسطيني بات يسأل بغضب بعد أن قرأ مسوغات حكمك: من هذا القاضي بنجو الذي تجرأ واعتدى على القرآن والسنة والنبوية واللغة العربية والفلكلور الشعبي الفلسطيني!! وهلّا علمت أن حكمك سيصل (حتما) إلى الأزهر الشريف والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة العالم الإسلامي ومجالس الإفتاء الإسلامية العالمية، وإلى كل وزارة أوقاف ومفتي كل دولة مسلمة وعربية، وستسأل كل هذه المؤسسات بغضب: من هذا القاضي بنجو الذي تجرأ على ديننا وثوابتنا وعبادتنا، وقد تصدر هذه المؤسسات بيانات رسمية تعتبرك فيها منتهكا لحرمة الإسلام. وقد لا يتوقف إصدار مثل هذه البيانات حتى بعد مرور عشرات السنوات على إصدارك لحكمك!!
أيها القاضي بينجو
هلّا وعيت ما قال لكم الشيخ يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر 2019 عندما أكد لكم أن هناك قانونا في القرآن الكريم يتحدث عن إهلاك الله تعالى للظالمين، وحول هذا القانون يقول القرآن الكريم: "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا"، وإن أبشع الظلم هو الظلم الذي يصدر عن جهاز قضاء أية دولة!! وكم كان حكمك ظالما لأنه اعتداء صارخ على القرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية والفلكلور الشعبي الفلسطيني، ولذلك ما أغبى من فرحوا عند صدور حكمك هذا، ولو أدركوا عاقبته لوجب عليهم أن يبكوا، لأنه يعجّل في إهلاك الله تعالى لهم!
أيها القاضي بنجو
على هذه الأرض المباركة سُجن الآلاف من العلماء والدعاة دفاعا على الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، التي انتصر لها الشيخ في هذا الملف الذي خضتَ فيه جامعا بين الجهل والظلم!! فظلّت تلك الثوابت حية بعد سجنهم كما كانت حية قبل سجنهم، وهكذا ستبقى هذه الثوابت حية حتى لو سجنتم الشيخ رائد عاما أو أربعة أعوام أو أكثر.
أيها القاضي بنجو
الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان، واعلم أن الله تعالى يعلم السرّ وأخفى، ولذلك لا يخفى عليه ظلم الظالمين، ولا عدوان المعتدين ولا إثم الآثمين، سواء كانوا من المحققين أو النيابة وشهودها أو جهاز القضاء، والله تعالى يمهل ولا يهمل، لذلك أضم صوتي إلى صوت الشيخ وأقول: لا أستبعد أن يُسخّر الله تعالى في قادمات الأيام، جهة تحاكمهم بالعدل على ظلمهم الصارخ الذي أوقعتموه على الشيخ بالبث المباشر!! فلا تستعجل الفرح والسرور والغرور لأنك أصدرت هذا الحكم الظالم، بل حريّ بك أن تتذكر قول الشاعر الحكيم:
إذا خان الأمير وكاتباه*** وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثمّ ويل ثمّ ويل*** لقاضي الأرض من قاضي السماء
أيها القاضي بنجو
كما كتب الله تعالى ثم كما كتب التاريخ انتصار الشيخ عمر المختار على الاحتلال الطلياني الذي حكم بإعدامه وأعدمه، فسيكتب الله تعالى ثم سيكتب التاريخ انتصار الشيخ عليكم، لأنه دخل السجن فسيدخله وهو المنتصر لثوابته، أما أنتم فستظل وصمة الخسران المبين لصيقة بكم، لأنكم ضيّعتم العدل واستبحتم الظلم وحاربتم الله تعالى وكتابه ورسوله ومسجده الأقصى والمرابطين فيه، وحاربتم اللغة العربية والفلكلور الشعبي الفلسطيني!! والله من ورائكم محيط.
أوروبا.. فضاء الحرية وقيود السياسة
"السراب".. لعبة استخبارية خدعت الاحتلال