نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للكاتب روجر بويز، يقول فيه إن هناك صورة تتكرر في قصص الرعب: وهي رائحة جثمان تتسلل من تحت خشب الأرضية.
ويقول بويز في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "في السياسة، كما هو في روايات الكاتب الأمريكي ستيفن كينغ، فإن لدى صاحب المنزل المرتبك خيارا في أن يتعامل مع جذر المشكلة بإخراج الجثة من تحت الأرضية ودفنها، وإما أن يستمر برش الملطفات الجوية ليصرف انتباه الزوار عن الرائحة الكريهة".
ويشير الكاتب إلى أن "ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، ذهب لتكتيك لفت الانتباه، فقام بتشغيل جيش من مستشاري العلاقات العامة لدفن ذاكرة الصحافي جمال خاشقجي، الذي قتل وقطع في القنصلية السعودية في إسطنبول قبل أكثر من عام بقليل".
ويلفت بويز إلى أن "آخر التكتيكات تلك كانت معروضة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، فتم إعداد استاد يتسع لـ15 ألف شخص لمباراة أنثوني جوشوا للوزن الثقيل والتكلفة الثقيلة، وكانت هذه طريقة الأمير محمد للصراخ: (ليس هناك ما ترونه هنا أيها الناس، الرجاء أن تمضوا)".
ويستدرك الكاتب بأن "هذه البهرجات كلها قد تكشف ضعف الأمير محمد (المعروف أيضا بـ أم بي أس) بدلا من قوته، وعملية التبييض من خلال الرياضة السعودية ليست محدودة للملاكمة، فالمملكة تقدم نفسها على أنها المكان الأفضل لمباريات المصارعة وسباقات الرالي للسيارات والغولف والسنوكر، وقريبا ستنجذب الرياضات الكبيرة بإغراء المال لتجعل السعودية أحد الأماكن التي تقيم فيها مبارياتها".
ويقول بويز إن "المال سيشتري، ان لم يكن الثقة، على الأقل شعورا بالمساواة مع الأمم الرياضية، وما هو مفيد في الرياضة مفيد في السياسة: فقد حصلت السعودية مؤخرا على رئاسة مجموعة العشرين G20 وهو ما تراه فرصة لأن تستخدمه لتقديم نفسها على أنها قائدة للعالم العربي".
ويلفت الكاتب إلى أنه "على مدى العام الماضي في أمريكا فقط، أنفق الديوان الملكي والشركات المرتبطة به 32 مليون دولار على استشارات العلاقات العامة ولشركات الضغط لتحقيق ذلك، وانسحبت بعض شركات العلاقات العامة بعد مقتل خاشقجي، لكن السعوديين ردوا ببساطة عن طريق البحث عن خبراء علاقات عامة مستعدين للعمل معهم، أو اقل أخلاقية".
وينوه بويز إلى أن "كتابا جديدا هو The Killing in the Consulate يقوم بكشف طبقات الخداع التي استخدمها السعوديون لإخفاء العلاقة بين عملية القتل و(أم بي أس)، فقال (قائد فريق الإعدام) من خلال (سكايب) للمستشار الموثوق للأمير محمد، سعود القحطاني: (أخبر مديرك)، وبعد الاستشارة اعترف (أم بي أس) بأنه يقوم ببعض المسؤوليات العامة بصفته قائدا، لكنه أضاف أن القتلة كانوا 12 من بين (ثلاثة ملايين شخص يعملون لصالحه)".
ويقول الكاتب إن "من الواضح أن هناك حاجة للحد من الأضرار وتغيير الصورة، ليس فقط للبلد، لكن أيضا للقيادة السعودية ذاتها، وبشكل عام فإن أساسيات حكم (أم بي أس) ليست متسقة، صحيح بأن هناك اهتماما عالميا واسعا بسعودية تسمح لشعبها بمواكبة الحداثة، وتعيش بسلام مع جيرانها، وتبعد دعاتها عن التطرف، وتنأى بنفسها عن الإرهاب، وهذا كله كان جزءا من الرزمة التي عرضها (أم بي أس) على العالم عندما برز بصفته وليا للعهد دون منافس".
ويفيد بويز بأن "سوق النفط يحتاج إلى سعودية مستقرة، لكن (أم بي أس) يجد نفسه عالقا في وضع يشبه وضع لويس السادس عشر: فحتى التغيير البسيط الآتي من الأعلى الى الأسفل قد يؤدي إلى المقصلة، ولتحقيق خطته، السعودية رؤية 2030 للإصلاحات الاجتماعية وتحول البلد إلى التقنيات العالية، فإن البلد تحتاج إلى المال الذي يمكنها الحصول عليه من خلال بيع حصص في شركة النفط التي تملكها الحكومة (أرامكو)، وعن طريق جذب المستثمرين الأجانب، لكن لتحقيق ذلك يجب عليه أن يظهر أن بإمكانه الابتكار دون أن يزعزع استقرار بلده، ولذلك يقوم بسجن منتقديه، متسببا بذلك بتوحيد المعارضة في المهجر".
ويشير الكاتب إلى أن "أفكار تلك المعارضة متنوعة، عابرة للطائفية، وتؤدي النساء فيها دورا بارزا، بالضبط المعارضة حرة التفكير كالتي كان ينادي بها خاشقجي، والنتيجة: هي تغذية شعور البارانويا لدى الأمير، وشعور في الخارج بأن السعودية لن تستطيع ضمان الاستثمارات التي تسعى لجذبها".
ويلفت بويز إلى أن "كثيرا من السياسيين ورواد الأعمال قاطعوا العام الماضي مؤتمر (دافوس الصحراء) السنوي الذي يقيمه (أم بي أس) لأنه جاء بعد فترة قصيرة من قتل خاشقجي، وهذا العام حضر عدد أكبر، لكنهم بدوا أكثر اهتماما بالحصول على رسوم من عمليات جمع التمويل الجديدة بدلا من الاستثمار في السعودية".
ويقول الكاتب إن "المحور الغربي السعودي، الذي يقوم على إمداد السعودية بكميات الأسلحة لحروب يبدو أنها دائما خاسرة، ليس بالقوة التي يتم تصويره بها، ومن المؤكد أن (أم بي أس) لا يتعامل مع فلاديمير بوتين بصفته عدوا أيديولوجيا، حتى أنه ينظر الى الصين على أنها نموذج لكيفية تحديث الاقتصاد دون التحول إلى الديمقراطية، وبالتأكيد فهو مهتم بتكنولوجيا المراقبة الصينية، واستخدام كاميرات التعرف على الوجه، كما أنه لا يهمه أن يتم اختبار هذه التكنولوجيا على المسلمين الإيغور في إقليم سنجان، فلم يصدر عن القيادة السعودية أي صوت مهما كان ضئيلا ينتقد ممارسات الصين ضد المسلمين هناك".
ويرى بويز أن "ما يهم بالنسبة لـ(أم بي أس) هو الفعالية في السيطرة الشعبية، وتحسين أساليب الدولة البوليسية بدلا من قيادة مواطنيه نحو مجتمع منفتح ويملك سلطة، ويشعر المصلحون الليبراليون بأن هذا هو اتجاه سيره، ويخشون ان تتحول رؤية 2030 إلى كابوس 2030، ويكرهونه لسجنه الناشطين في مجال حقوق المرأة ليستطيع الادعاء بأنه هو من يحدد وتيرة التغيير، ولأنه يسجن المدونين، ويراقب مواقع التواصل الاجتماعية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "المحافظين المتدينين يبغضون الطريقة التي (يؤمرك) فيها الثقافة السعودية بالسينما وحفلات الروك، ويرى الفقراء بأن التحديث سيتجاوزهم، ويخشى الأثرياء رحلة ابتزاز جديدة في فندق ريتز كارلتون، ويرى المتشددون أنه قائد عسكري مضطرب، ولا أحد يعرف حقا إلى أين يقود السعودية، وكل ما يستطيعون رؤيته هو رجل خائف في عجلة من أمره يسارع نحو مأزق".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إندبندنت: كيف يرتبط انتعاش الاقتصاد السعودي بالتحرر؟
MEE: ناشطون يتساءلون.. من هم ضحايا التجسس على "تويتر"؟
عمر عبد العزيز: جواسيس السعودية اخترقوا هاتفي لإسكاتي