نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده تايلور لورينز، يقول فيه إن مجموعات تعرف على منابر التواصل الاجتماعي، خاصة "إنستغرام"، بـ"إنفلونسرز" أو المؤثرين، ممن لهم حضور وجمهور يثق بهم، باتت تتعرض للنقد بسبب علاقتها بالسفر إلى السعودية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المملكة قامت بتبني عدد من الشخصيات المعروفة على الإنترنت، ودعوتهم لزيارة المناطق السياحية في البلاد، وتكون التكاليف كلها مدفوعة؛ في محاولة لتحسين صورتها الدولية عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي مرت ذكرى جريمة اغتياله في قنصلية بلاده يوم الأربعاء.
ويقول لورينز قال إن حفنة من الشخصيات المؤثرة على "إنستغرام" تواجه انتقادات وردة فعل سلبية لقبولها السفر في حملة دعاية تدعمها السعودية.
وتلفت الصحيفة إلى أن هيئة السياحة السعودية وبرنامج "غيتوي/ بوابة" للمملكة العربية السعودية وفرا رحلات لعدد من المدونين المعروفين في مجال السياحة لزيارة المملكة، في وقت كانت تخطط فيه البلاد لتوسيع برنامج التأشيرات، مشيرة إلى أن السعودية اعلنت يوم الجمعة عن فتح الباب أمام سياح 49 دولة للزيارة، ومنحهم تأشيرات، في محاولة لتنويع مصادر الاقتصاد وتخفيف اعتماد البلد على النفط.
ويفيد التقرير بأنه في الأيام التي تبعت الإعلان عن برنامج التأشيرات بدأ "المؤثرون" بوضع صور لهم من الرياض والعلامات السياحية، بما فيها جرف يعرف بحافة العالم، وتغنوا فيها بجمال البلد، وعبروا فيها عن امتنانهم للفرصة التي سنحت لهم لزيارة المملكة.
وينقل الكاتب عن "المؤثرة" لانا روز، التي لديها أكثر من 1.6 مليون متابع، وتعيش في دبي، قولها إن زيارة السعودية كانت مثل "علاء الدين" في ديزني لاند قد عاد للحياة، وشملت معظم المنشورات على هاشتاغ "ad" وحساب على "تويتر" باسم زيارة السعودية.
وتنوه الصحيفة إلى أن عددا من المتابعين المثقفين المؤثرين شعروا بالقلق من المنشورات الإيجابية عن السعودية، خاصة في ضوء الدور السعودي في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، فعلق أحد المتابعين، على صورة وضعها المؤثر ميك سالاس، قائلا: "هل قمت بفحص عدد الذين أعدموا عام 2019 في السعودية؟"، ففي يوم واحد من نيسان/ أبريل أعدمت المملكة 37 شخصا، بينهم 33 شخصا من الأقلية الشيعية في المملكة.
ويورد التقرير نقلا عن معلق، قوله في رد على صورة وضعتها المؤثرة @Lyss، التي لديها حوالي 1.8 مليون متابع: "نعم، علينا أن ننسى إذا التمييز ضد المرأة وغياب أبسط حقوق الإنسان والفساد، وطالما هناك معالم سياحية جميلة فلا يهم، هل هذا صحيح؟".
ويشير لورينز إلى أن عددا من المؤثرين ممن شاركوا في الحملة المدعومة حاولوا حذف التعليقات، أو حجب التعليقات الناقدة عن صفحاتهم.
وتنقل الصحيفة عن كريس سكالكس، العامل في مجال الضيافة، قوله عبر حسابه على "إنستغرام" إنه ترك تعليقا على حساب @TaraMilkTea التي يتابعها 1.3 مليون معجب، عن الناشطة السعودية لجين الهذلول المعتقلة منذ 500 يوم بعدما طالبت بحق المرأة لقيادة السيارة: "قيل إنها تعرضت للتعذيب"، إلا أن رد المدونة تاراميلكتي جاء بوجوب احتفاظ السياح "بعقلية منفتحة" عن الدول التي يزورونها، وعندما رد عليها قائلا إن الأشخاص في السجن لمطالبتهم بأبسط حقوق الإنسان، وأن صحافيا قتل العام الماضي، "قامت بحظر حسابي"، وقال آخرون على "تويتر" إنها حظرت حساباتهم أيضا.
وبحسب التقرير، فإن عددا من المدونين المتخصصين في السفر قاموا بالحديث علنا ضد الحملة السعودية، وأشاروا إلى حملة الرقابة التي تمارسها على المواطنين.
وينقل الكاتب عن ديانيل ريفرز- ميتشل، وهي مؤسسة "بلاك غيرلز ترافيل تو"، قولها إن على المدونين "المؤثرين" التعلم عن الأماكن التي يطلب منهم زيارتها قبل الترويج للرحلات المجانية إليها، وأضافت: "جلست في قاعات الاجتماعات مع هيئات سياحية عرضت علي فرش البساط الأحمر لي من أجل الترويج لوجهاتهم السياحية.. خرجت من عدة اجتماعات مع هيئات سياحية بسبب الطريقة التي يعاملون فيها مواطنيهم داخل البلد، إنه أمر لا يستحق التعب".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي تقدم فيه الكثير من الدول الحراس الشخصيين والأمن لتسهيل رحلة المدون المؤثر، إلا أن ريفرز- ميتشل تقول إنها لن تقوم بالتوصية بزيارة البلد إلى المتابع العادي الذي لا يحظى بالمعاملة ذاتها، قائلة: "هناك متابعون يتنفسون ويأكلون وينامون على كل شيء تقوله لهم.. لو كان لديك متابعون أخذوا نصيحتك وزاروا المكان ذاته لكن التجربة كانت مختلفة فإنهم سيقومون بالحديث بصوت عال من قمة الجبل عما حدث لهم".
ويلفت التقرير إلى أن المؤثرين يكتشفون أنه من السهل تعرضهم لردود الأفعال عندما ينظر إليهم على أنهم يحاولون التلاعب بالحقائق القاسية حتى مع التجربة الجيدة التي شعروا بها، مشيرا إلى أنه عندما قامت المدونة بروك سوارد بوضع منشور وهي في باكستان في نيسان/ أبريل، فإن بعض المتابعين علقوا بأنها تحاول إظهار البلد وتلميعه على حساب مظاهر القلق التي يشعر بها السياح الغربيون، وسجل البلد في مجال حقوق الإنسان.
ويورد لورينز نقلا عن الصحافية ميرندا غرين، تعليقها قائلة: "أنا مسرورة بأنك نظمت الرحلة التي ساعدتك على اكتشاف البلد بطرق جديدة، وفي الحقيقة فالأمن والسلامة لن يتوفرا للكثير من السياح، وحتى المواطنين في ذلك البلد".
وتفيد الصحيفة بأن مجموعة من السياح الغربيين تعرضت للنقد في عام 2016، عندما سافروا إلى كوريا الشمالية، ووضعوا أشرطة فيديو نظر إليها على أنها دعاية للنظام هناك على "يوتيوب"، وقال أحد الناشطين على "يوتيوب" وهو لوس كول: "أحاول أن أركز على الأمور الإيجابية في البلد ومواجهة الصورة السلبية التي نراها عن البلد في الإعلام".
وينقل التقرير عن المدير التنفيذي لشبكة "براند" للترفيه ريكي ري باتلر، قوله إن المدونين عادة لا يهتمون بالشؤون السياسية، ويحاولون تجنبها أو اتخاذ مواقف، وكل ما يهتمون به هو المتعة والتعرف على الأشياء الجديدة، وعليهم كما يقول الحذر من الوقوع في مصيدة الدعاية.
ويورد الكاتب نقلا عن المدونة المؤثرة جيسكا نابونغو، قولها إن السياسة والسفر لا يلتقيان، وأضافت أن النقد لهم على زيارة دول يأتي من المتصيدين وغير المتابعين، بالإضافة إلى أن ردة الفعل تنبع عادة من الطريقة التي يتم فيها تصوير بلد ما في الإعلام الغربي.
وتقول نابونغو إن أمريكا لديها مشكلاتها، و"تحديت الكثير من الأمريكيين للنظر في الداخل قبل توجيه التهم إلى الخارج".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم حصول نابونغو على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من مدرسة لندن للاقتصاد، وعملها في الأمم المتحدة، إلا أنها تفضل أن تركز عناوينها على حسابها في "إنستغرام" على الثقافة في الأماكن التي تزورها، لكن "بعض المؤثرين لا يهتمون بالثقافة"، وهم "لا يريدون تثقيف جمهورهم عن أي شيء، وكل ما يهمهم هو الصور".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
بوليتيكو: خطر السعودية بات من قيادتها ليس من متطرفيها
واشنطن بوست: هل محمد بن سلمان ضحية أم مجرم؟
فيسك: انتهى نتنياهو وبقي ترامب وحيدا ليواجه إيران