خبير أمريكي: هل ينجو ملك الأردن من ضغوط حلفائه التقليديين؟

نشر موقع معهد "بروكيغنز" مقالا للمحلل والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية والخبير الأمريكي بروس ريدل، يقول فيه إن الملك عبد الله الثاني يواجه مخاطر جديدة من أصدقائه. 

ويشير ريدل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الملك عبدالله واجه خلال عشرين عاما من حكمه تحديات مستمرة لاستقرار المملكة وازدهارها، تماما كما واجه والده الملك حسين خلال نصف قرن من الحكم. 

ويعلق الكاتب قائلا إن "النجاة في منطقة خطرة هي أهم ملمح من قوة الهاشميين، ويواجه الملك عبد الله اليوم تهديدات ومخاطر جديدة تتلاقى مع بعضها، ومن بينها تحديات من الحلفاء التقليديين". 

ويلفت ريدل إلى أن الملك عبد الله تولى العرش بعد قرار والده قبل وفاته بفترة قصيرة بنقل ولاية العرش من شقيقه الأمير حسن، وتعيين ابنه الأكبر وليا للعهد، مشيرا إلى أن الملك الجديد واجه تحديات متمثلة بانهيار محادثات كامب ديفيد، واندلاع الانتفاضة الثانية، التي وضعت ضغوطا على اتفاقية السلام الأردنية مع إسرائيل. 

ويقول الكاتب إن "غالبية سكان الأردن من الفلسطينيين (بمن فيهم الملكة)، وهم مرتبطون بشكل كبير بالتطورات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لهذا لم تحظ معاهدة السلام بشعبية واسعة". 

ويفيد ريدل بأن هناك تحديا جديدا أضيف بغزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، الأمر الذي أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين، وزيادة الضغوط على الاقتصاد، ويعتقد أن هناك نصف مليون عراقي لا يزالون في الأردن". 

وينوه الكاتب إلى أن تنظيم القاعدة استهدف فنادق في الأردن، فيما لا يزال تنظيم الدولة تهديدا على البلاد، ثم جاء التهديد التالي الذي نبع من الحرب الأهلية السورية، فهناك حوالي 700 ألف لاجئ سوري مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وتعيش نسبة 80% منهم في المدن المكتظة. 

ويجد ريدل أنه "بانتصار الأسد فإن من غير المرجح عودة هؤلاء إلى بيوتهم، وفي الوقت الذي يتردد فيه السوريون في العودة إلى بيوتهم، فربما لجأ الأردنيون لإجبارهم على العودة، خاصة الذين يعيشون في المخيمات على طول الحدود، لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، بما في ذلك التجارة". 

ويرى الكاتب أن "هذه الأزمات مجتمعة تضع ضغوطا على الاقتصاد الأردني، وبحسب مجلة (إيكونوميست)، فإن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 41%، فيما تبلغ نسبة الدين العام 95% من الناتج المحلي العام، وهناك مليون أردني يعدون رسميا (فقراء)، وأصبحت التظاهرات أمرا عاديا ومنتظما، ومع أن الملك ظل خارج الغضب العام، إلا أن المتظاهرين باتوا الآن يلومونه علنا". 

ويذهب ريدل إلى أن "الوضع أصبح خطرا بعدما أعرب حلفاء المملكة عن عدم التزامهم بدعمها، كما فعلوا في الماضي، ويحصل الأردن على مليار دولار سنويا من الولايات المتحدة، وتعد واشنطن من داعمي الأردن وحماته، فمنذ أيزنهاور دعم الرؤساء الأمريكيون كلهم الهاشميين، رغم فترات مؤقتة من التوتر في العلاقات". 

ويستدرك الكاتب بأن "إدارة دونالد ترامب كانت مختلفة، فقد رفضت الاستماع لنصيحة الأردن قبل اتخاذ قرارات مهمة، مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقطع العلاقات مع الفلسطينيين، وفي أثناء الإعداد للخطة التي أطلق عليها (صفقة القرن)، وكان الملك صريحا بضرورة بقاء ملف القدس على طاولة المفاوضات، ويعتمد الملك على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، التي تم الاعتراف بها في اتفاقية السلام، إلا أن ترامب قرر تجاهلها". 

ويشير ريدل إلى أن السعودية وبقية دول الخليج تعد مصدرا آخر للدعم المالي، ففي العام الماضي قدم الكويتيون والإماراتيون 2.5 مليار دولار للأردن على شكل قروض، التي لم يصل منها أي شيء بعد. 

ويقول الكاتب إن "السعوديين غاضبون لعدم قطع الأردن علاقاته مع قطر، ولعدم دعمه حرب اليمن، ويعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المحرك وراء هاتين السياستين، وهو ليس صديقا للملك عبدالله".

ويؤكد ريدل أن "هناك شائعات انتشرت عن محاولة ابن سلمان التدخل في شؤون المملكة، ففي العام الماضي عندما أعفي اثنان من إخوة غير الأشقاء للملك من منصبيها (أحدهما كان قائد الحرس الملكي والثاني سلاح الجو) قيل إن محمد بن سلمان حاول التدخل، ويقال إنه كان وراء محاولات أخذ مكان الملك عبد الله كونه وصيا على القدس، لكن محاولات ابن سلمان صعبة؛ نظرا لدعم والده للموقف العربي التقليدي بشأن القدس".  

ويلفت الكاتب إلى أن "ورشة المنامة، التي ستعقد في الفترة ما بين 25- 26 من الشهر الحالي وبرعاية أمريكية، تمثل تحديا آخر للملك عبد الله، فهو لا يستطيع إغضاب الولايات المتحدة ولا السعودية، مع أن اجتماع المنامة لا يحظى بشعبية في الأردن". 

وينوه ريدل إلى أن الملك عزل في الشهر الماضي مدير المخابرات، وعين مكانه ضابطا شركسيا يدعى أحمد حسني، الذي يتمتع بخبرة طويلة، مشيرا إلى أن المجتمع الشركسي يضم لاجئين فروا من روسيا إلى ولايات الدولة العثمانية قبل قرن، وهم من الجماعات الأكثر ولاء للعائلة المالكة. 

ويقول الكاتب إن "الملك يقوم الآن بمحاصرة الوضع، وهو ماهر في التلاعب في التحديات التي تواجه بلاده، تماما كما فعل والده، لكن نجاحات الماضي لا تضمن نجاحا في المستقبل، ولو كانت إدارة ترامب تهتم باستقرار الأردن فعليها التخلي عن خطتها غير الناضجة قبل أن تعلن عنها". 

ويختم ريدل مقاله بالقول إنه "مع التوتر الحالي في الخليج بعد تفجير ناقلات النفط فإن الأردن سيكون في مرمى النيران القادمة من طهران وواشنطن والرياض".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)