نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق جاكسون ديهل، يتحدث فيه عن نزعات التنمر والبلطجة لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويقول إنها لم تتوقف، مشيرا إلى أن هذه أخبار سيئة للناشطين السعوديين.
ويقول ديهل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الناشطة النسوية السعودية ملك الشهري، التي هربت إلى الولايات المتحدة قبل عام، وسط حملات الاعتقال التي طالت المدافعات عن حق المرأة بقيادة السيارة، تعد مثالا على خوف الناشطات.
ويشير الكاتب إلى أنه بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي وتقطيع جثته في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، فإنه كشف عن اعتقال الناشطات في مكان سري وخضوعهن للتعذيب الوحشي، لافتا إلى أنه "بعد الغضب الدولي الذي اندلع بعد الجريمة فإنه طرح سؤال كبير حول ما إذا كان ولي العهد، الذي أمر بشكل محتمل بالعمليتين، سيرد على المناشدات الغربية ويحد من سطوة بلطجيته".
ويستدرك ديهل بأن "الشهر الماضي جلب معه جوابا قاطعا، وهو: لا، ففي نيسان/ أبريل اعتقل زوج الشهري، أيمن الدريس، في مزرعة العائلة إلى جانب 14 شخصا لديهم علاقات بالناشطات السجينات، واعتقل السجناء الجدد دون توجيه تهم له، وسمح لهم بمكالمة واحدة لعائلاتهم، فيما لا يعرف شيء عن ظروف سجنهم".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذه ليست هي الرسالة الوحيدة التي أرسلها محمد بن سلمان، المعروف في الخارج باسم (أم بي أس) لمعارضيه في الداخل ونقاده في الخارج، ففي 25 نيسان/ أبريل أخبرت المخابرات النرويجية الناشط إياد البغدادي، الذي تعامل عن قرب مع خاشقجي ويعيش في أوسلو، أنه مهدد من الحكومة السعودية".
ويلفت ديهل إلى أنه في 16 أيار/ مايو قامت الطائرات السعودية بقصف أهداف مدنية في العاصمة اليمنية صنعاء قتل فيها سبعة أشخاص، أربعة منهم أطفال، مشيرا إلى أن هذا الهجوم جاء بعد أسابيع من إقرار الكونغرس وفيتو الرئيس ترامب على قرار يدعو لوقف الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
ويقول الكاتب إن "الناشطة الشهري اعتقلت في عام 2016؛ لوضعها صورة لنفسها على وسائل التواصل الاجتماعي دون حجاب، وأفرج عنها بعد احتجاج الناس في الخارج، وتقول إن الوقت قد تغير، فالقيادة السعودية في ذلك الوقت كانت حساسة للرأي العام الغربي، لكنها الآن لم تعد كذلك، وتقول: (لا أعتقد أنهم يهتمون لاعتقادهم أن ترامب يدعمهم)".
ويفيد ديهل بأن "الشهري وغيرها من الناشطات والناشطين السعوديين كانوا في واشنطن الأسبوع الماضي لتغيير حسابات (أم بي أس)، فكما اعتقد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من قبله، فإن (أم بي أس) يراهن على أنه لن يواجه أي عقوبات من الولايات المتحدة على الوحشية التي يرتكبها، سواء كانت تعذيب الناشطات السلميات، أم قصف الأطفال في مدارس اليمن، ولماذا لا؟ لأن ترامب ضاعف من دعمه للنظام السعودي بعد مقتل خاشقجي، فيما فشل الكونغرس رغم تعبيره عن الغضب في الاتفاق على عقوبات ذات معنى يمكن أن تمر دون فيتو من ترامب".
ويذكر الكاتب أن "المبعوثين من الكونغرس الذين زاروا (أم بي أس) طلبوا منه الإفراج عن السجناء السياسيين، ووقف الحرب في اليمن، أو مواجهة دفعة أخرى من التشريعات الجديدة، وكانت النتيجة الوحيدة هي الإفراج المؤقت عن ثماني ناشطات اعتقلن العام الماضي، وكانت لفتة مشروطة، فالناشطات يواجهن محاكمة في الرياض وممنوعات من التحدث علانية، ولا تزال الناشطات المعروفات، مثل سمر بدوي ولجين الهذلول، في السجن".
ويقول ديهل إنه "ليس صعبا التكهن بسبب يتم احتجاز الهذلول، فأفراد عائلتها، بينهم شقيقها وليد وشقيقتها لينا، تحدثوا نيابة عنها، خاصة بما يتعلق بالتعذيب الذي قالت إنها تعرضت له، مثل الإيهام بالغرق والضرب والصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي، وقال وليد الهذلول إنهم يقولون إن سبب سجنها (لأنكم تتحدثون ولن يفرج عن لجين)، وهي طريقة للتأكد من بقاء بقية العائلات صامتة على الاعتقالات وسوء المعاملة، ونتيجة لهذا الأسلوب لم تكن منظمات حقوق الإنسان ولا الناشطون السعوديون قادرين على تحديد عدد المعتقلين في سجون النظام السعودي".
وتنقل الصحيفة عن المخرجة السينمائية صفاء أحمد، التي وثقت للعنف في السعودية، قولها إن عدد المعتقلين، بينهم الشيوخ ورجال الدين، يتجاوز الآلاف، وأضافت: "تظل الكثير من العائلات صامتة.. لأن الخوف واضح، فنحن نخشى الحديث بشكل مباشر مع الناس على الأرض؛ لأن التحدث معنا جريمة".
ويعلق الكاتب قائلا: "لا تبالغ صفاء أحمد في كلامها؛ لأن من بين التهم الموجهة للهذلول هي التواصل مع صحافيين أجانب ومنظمة (هيومان رايتس ووتش)".
ويرى ديهل إن "الأخبار الجيدة وسط حالة القمع والتنمر لدى ولي العهد هي تركيز الكونغرس عليه؛ لاعتقادهم أنه قادر على تدمير التحالف الأمريكي السعودي الذي مضى عليه 75 عاما، وقد تم استقبال الناشطين والناشطات السعوديات بحفاوة في الكابيتال هيل، وكان بينهم المشرعون البارزون، فيما يعمل السيناتور الجمهوري عن ولاية إيداهو جيمس آر ريستش ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ على مشروع قرار يعاقب النخبة السعودية، إلا إذا أفرجت عن المعتقلين السياسيين".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الأخبار السيئة هي أن (أم بي أس) لا يتعامل مع التهديد من الكونغرس بجدية، وهذا يعني أن الناشطين المدافعين عن حقوق المرأة سيظلون تحت التهديد في الداخل والخارج، إلا في حال تم الكشف عن خطئه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)