نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا أعدته مراسلة شؤون أفريقيا جين فلانغان، تقول فيه إن الجيش السوداني منقسم بشأن التظاهرات وحماية من أسمته "جزار دارفور"، في إشارة لعمر حسن البشير.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القوات الأمنية الموالية للسودان قامت بهجوم جديد لكسر الاعتصام السلمي خارج مقرها، وأطلقت الرصاص الحي، وهاجمت المعتصمين بالشاحنات الصغيرة، وقام رجال بالزي العسكري بمحاولتين فاشلتين مع دخول الاعتصام في الخرطوم يومه الرابع، لافتا إلى أن الاعتصامات تمثل أكبر تهديد لحاكم السودان.
وتقول فلانغان إنه في تكرار للمشاهد غير العادية التي شوهدت يوم أمس، تدخلت القوات لحماية المتظاهرين من قوات الأمن، وأطلق الرصاص الحي في الهواء، وفتحت أبواب المقر لحماية المتظاهرين.
وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم الناشطين من النقابات المهنية سارة عبد الجليل، قولها إن ستة متظاهرين قتلوا، بالإضافة إلى ضابط في الجيش، قتل وهو يحاول حماية المتظاهرين، ما يرفع عدد القتلى إلى 15 منذ السبت.
ويلفت التقرير إلى أن موجات من المتظاهرين تجمعوا منذ السبت أمام مجمع يضم قيادة الجيش ومقر البشير ووزارة الدفاع، وحث المتظاهرون قيادة الجيش على دعمهم، وإجبار الرئيس البالغ من العمر 75 عاما على الرحيل، وتعيين حكومة انتقالية مكانه، مشيرا إلى أن المتظاهرين احتشدوا في الشوارع والجسور وهم يهتفون منادين برحيل البشير.
وتفيد الكاتبة بأن المزاج كان فرحا، حيث رقص الناس وغنوا، وانتشرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لفتاة على ظهر سيارة وهي تشير إلى مركز سلطة البشير، ونظر إليها على أنها رمز للانتفاضة التي اندلعت في نهاية الشهر الماضي.
وتجد الصحيفة أن مشاركة النساء بنسبة عالية تمثل تطورا مهما في الاحتجاج ضد البشير، الذي طبق نظامه قوانين الأخلاق، وفرض شروطا على الملابس وطريقة الاختلاط، مشيرة إلى أن الفتاة التي وقفت على ظهر السيارة أصبحت تعرف باسم "كانداكا"، التي ترمز كما تقول هند مكي إلى محاربة نوبية، حيث أظهر شريط فيديو الفتاة وهي تهتف "جدتي كانت كانداكا"، ورد المتظاهرون "ثورة".
وينوه التقرير إلى أن قوانين الطوارئ وزيادة حالات الاختطاف والضرب المبرح لم تمنع المتظاهرين من الاحتجاج، مشيرا إلى أن التظاهرات بدأت أول مرة في مدينة عطبرة احتجاجا على ارتفاع الأسعار والوقود، لكنها تطورت بشكل سريع لاحتجاجات في أنحاء البلاد كلها.
وتقول فلانغان إن "البشير يعرف بجزار دارفور؛ بسبب ما ارتكبته قواته من جرائم، واتهمته الجنائية الدولية لاحقا بالقيام بجرائم حرب، وأصدرت أمرا باعتقاله، ويبدو أن وقته قد قارب على النهاية منذ وصوله إلى السلطة بانقلاب عام 1989".
وتورد الصحيفة نقلا عن وزير الداخلية بشارة جمعة، قوله إن سبعة من المتظاهرين قتلوا وجرح 15 شخصا، عندما حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين، وأضاف أن 42 من قوات الأمن جرحوا واعتقل 2496 آخرين.
وبحسب التقرير، فإن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف أكد أن قواته ستعمل على إعادة النظام، وقال: "تتفهم القوات السودانية المسلحة أسباب التظاهرات، وهي ليست ضد مطالب وتطلعات المواطنين، لكنها لن تسمح لها بالتحول للفوضى".
وتفيد الكاتبة بأن المحتجين طالبوا الجيش بالانضمام إليهم وتشكيل حكومة انتقالية تمثل أماني الثورة، مشيرة إلى أن "أكبر معوق للبشير للخروج من السلطة هو الأمر الصادر من الجنائية في لاهاي، وقد عرضت عليه عدة دول، منها السعودية ومصر، الخروج إلى المنفى، وحتى لو وافق البشير على الخروج فإنه من غير المعلوم ماذا سيحدث".
وتتساءل الصحيفة عن الطريق الذي مضى فيه الاحتجاج ضد الرئيس البشير، مشيرة إلى أنه مع أن الاحتجاجات بدأت على بعد 225 ميلا من الخرطوم، إلا أنها انتشرت مثل عاصفة الصحراء، التي اكتسبت زخما، حيث وصلت إلى مقر قيادته.
وبحسب التقرير، فإنه خارج أسوار القيادة آلاف المتظاهرين السلميين، الذين لم يعرفوا زعيما غيره، وبعد 110 أيام من الضرب والرصاص، فإنهم أوصلوا السودان إلى نقطة اللاعودة، مشيرا إلى أن الأحداث قد تتحرك مع ضيق خيارات البشير.
وترى فلانغان أن التظاهرات أدت إلى مقارنات مع الربيع العربي قبل 8 أعوام، إلا أن المراقبين يحذرون من المقارنة، فالجيران الذين ليس لديهم شغف بالرئيس السوداني يفضلون رحيلا منظما له، ويخشون في الوقت ذاته أن تؤدي الإطاحة به إلى اضطرابات في الجنوب ودارفور.
وتشير الصحيفة إلى أن الدبلوماسية المكوكية من دول الخليج ومن الجامعة العربية فشلت في إقناع البشير بأن ايامه باتت معدودة، لافتة إلى أنه يتعرض في الداخل لضغوط من العناصر التقدمية والإصلاحية في الجيش ليتقبل مصيره؛ لأن مصيرهم بات مهددا أيضا.
ويذهب التقرير إلى أن "الأمر الصادر من الجنائية الدولية يبدو هو السبب الذي جعله يتمسك بالسلطة، ولأنه لم يعد يخشى شيئا، ولم يبق لديه ما يخسره فقد يلجأ للعنف الذي علم حياته في الحكم على مدى 30 عاما".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن جماعات الرد السريع، التي أنشئت من بقايا الجنجويد في عام 2003، لقمع دارفور، تنتشر في الشوارع القريبة من مقر إقامته، إلا أن العدد يتزايد، خاصة من النساء اللواتي يطالبن برحيله.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: الثورة الجزائرية لم تنته بل بدأت الآن
فورين بوليسي: رحل بوتفليقة وهذه هي التحديات القادمة
لوفيغارو: ما هي تفاصيل الصراع النهائي بين الجيش وبوتفليقة؟