أثار إعلان وزارة الدفاع البريطانية أن "مدنيا واحدا" فقط قتل خلال عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة في
سوريا والعراق؛ تشكيكا واسعا من منظمات حقوقية وسياسيين بريطانيين، حيث وُصف هذا الرقم بأنه "غير واقعي".
وكانت الوزارة قد أعلنت قبل أيام أن القوات الجوية البريطانية، خلال مشاركتها في عمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، استهدفت 4315 من مقاتلي التنظيم، ما أدى لمقتل 4013 منهم، إضافة إلى مدني واحد.
وقالت الوزارة إنها قواتها الجوية نفذت 1700 غارة في سوريا والعراق (5.6 في المئة من مجمل غارات التحالف الدولي) منذ أيلول/ سبتمبر 2014 وحتى الآن، مشيرة إلى أن هذا المدني قتل في 26 آذار/ مارس 2018، خلال عبوره بدراجته النارية بالتزامن مع بدء
القصف.
وجاء هذا الإعلان في سياق رد وزارة الدفاع البريطانية على طلب تقدمت به منظمة "مكافحة العنف المسلح" (Action on Armed Violence - AOAV).
وقالت الوزارة إنها جمعت المعلومات من خلال تحليل الصور وتسجيلات الفيديو التي التقطت من الجو، لكنها أوضحت في المقابل أن الأرقام تبقى تقديرات، حيث أن "المملكة المتحدة ليست في وضع يتيح لها الوصول إلى المواقع التي يتم قصفها في سوريا لتدقيق الحقائق". وأضافت أن تحقيقا شاملا في مقتل مدنيين يتوقف على وصول مزاعم محددة بهذا الصدد للمسؤولين في الوزارة.
وعلقت "AOA" بالقول إن هذا الادعاء بمقتل مدني واحد، أو ما نسبته 0.09 في المئة من مجمل 1900 مدني أعلنت الولايات المتحدة عن مقتلهم، "هو رقم عالمي في النزاعات الحديثة"، مضيفة أن "قلة من الخبراء يعتبرون هذا الرقم صحيحا".
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية إن قصفا جويا في مناطق "مكتظة بالسكان" مع "خسائر مدنية شبه معدومة (..) أمر يصعب تصديقه، ويظهر مدى عمق إنكار وزارة الدفاع لدورها في التفجيرات الجماعية في الموصل والرقة"، بحسب دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات في المنظمة.
وأشارت روفيرا إلى أن أستراليا والولايات المتحدة اعترفتا بمسؤوليتهما عن مقتل مدنيين خلال قصف قواتهما في سوريا والعراق، "لماذا لا يعترف البريطانيون بدورهم في هذا الأمر؟".
وطالبت العفو الدولية "المملكة المتحدة بالكشف عن معلومات مفصلة بشأن غاراتها الجوية، وإجراء تحقيق دقيق في ادعاءات سقوط ضحايا من المدنيين، وتقديم تعويضات كاملة لضحايا الانتهاكات"، مشيرة إلى أن المنظمة أجرت "تحقيقات ميدانية متعمقة، ومقابلات مع الناجين والشهود في كل من الرقة والموصل، ووثقت المئات من حالات المدنيين الذين قُتلوا في غارات قوات التحالف".
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "مترو" البريطانية عن الطيار العسكري السابق ميكي كي، أن نسبة الضحايا المدنيين المشار إليها "لا يبدو أنها واقعية، حيث أن
داعش يستخدم المدنيين كدروع بشرية"، وفق قوله.
كما رأى النائب عن حزب العمال، كليف لويس، أن إعلان وزارة الدفاع البريطانية سيواجه بـسخرية" من جانب الناس، وهو الإعلان الذي وصفته الباحثة في جامعة أكسفورد، ليديا ويلسون بأنه "غامض".