نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، تقول فيه إن معارضا سعوديا كشف عن علاقته مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأنه تعاون معه في عدة مجالات، وخططا لإنشاء جيش إلكتروني "جيش النحل".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن عمر عبد العزيز، قوله إن لديه تسجيلات صوتية لمحاولة النظام السعودي ملاحقته وإقناعه بالعودة إلى المملكة، مشيرا إلى أنه سجل 10 ساعات من المحادثات عندما حاول فيها عملاء سعوديون إقناعه بالعودة من منفاه في كندا.
وتذكر الصحيفة أن المعارض قابله في مونتريال مبعوثان سعوديان في مقهى في المدينة، وعندما سألهما عن سبب السفر الطويل لمقابلته، فإن أحدهما أجاب قائلا: "هناك سيناريوهان"؛ أحدهما عودته إلى السعودية، لأصدقائه وعائلته، والثاني "عمر يذهب إلى السجن"، وسألاه "أي منهما سيختار عمر؟"، وجلب الزئران معهما أحد أشقاء عمر الذي طلب منه الهدوء.
ويشير التقرير إلى أن تسجيلات عمر عبد العزيز، المقرب من الصحافي المختفي جمال خاشقجي، تكشف صورة عن الطرق التي استخدمها النظام السعودي لخداع معارضيه بإغرائهم للعودة إلى البلاد بوعود المال والأمن، وقال عدد من أصدقاء خاشقجي إن مسؤولين بارزين في السعودية اتصلوا به في الأشهر الماضية، وعرضوا عليه وظيفة مهمة لو عاد إلى المملكة، إلا أنه قال إنه لا يثق بالعرض، وخشي من أن يكون ذلك مجرد حيلة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤولين في المخابرات الأمريكية، قولهم إن المخابرات استمعت لمحادثات بين المسؤولين السعوديين، تكشف عن أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمر باختطاف خاشقجي وإعادته قسرا إلى السعودية، حيث لم يعرف عن مصير خاشقجي منذ 2 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، لافتة إلى قول المسؤولين الأتراك إنه قتل داخلها، وقطع على يد فرقة موت جاءت خصيصا من السعودية لتنفيذ المهمة، فيما نفت الحكومة السعودية أي معرفة بما حدث له.
وينقل التقرير عن اللاجئ السياسي في كندا عبد العزيز، قوله إنه كان يعمل مع خاشقجي على عدة مشاريع، وربما أعطى هذا المسؤولين السعوديين سببا لملاحقة الصحافي المعروف، وأرسل خاشقجي له مبلغ 5 آلاف دولار لمشروع أطلق عليه "جيش النحل"، وهي مبادرة لإنشاء جيش إلكتروني على الإنترنت لمواجهة الذباب الإلكتروني المؤيد للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف عبد العزيز أنهما كانا يعملان على إنتاج فيلم قصير وموقع على الإنترنت لمتابعة حقوق الإنسان والمؤيدين للديمقراطية.
وتقول الصحيفة إنه من المفترض أن العمل كان سريا، إلا أن عبد العزيز استهدف هذا الصيف بعملية تجسس على هاتفه، وقال: "أصبح لديهم كل شيء.. رأوا المراسلات بيننا واستمعوا للمكالمات".
ويكشف التقرير عن أنه في المحادثات التي سجلها عبدالعزيز للمبعوثين السعوديين، أكدا أكثر من مرة أنهما جاءا بناء على طلب من ولي العهد، وذكرا أنهما يعملان بناء على أوامر من سعود القحطاني المقرب جدا من محمد بن سلمان، وكان القحطاني هو من اتصل بخاشقجي قبل أشهر من اختفائه، وحثه على إنهاء منفاه الاختياري في أمريكا والعودة.
وتلفت الصحيفة إلى أن عبد العزيز وصل إلى كندا عام 2009 للدراسة، وأصبح له معجبون على "تويتر" خلال ثورات الربيع العربي، وبدأ في أثناء دراسته في جامعة ماغيل برنامجا ساخرا على "يوتيوب"، وحصل على اللجوء في كندا عام 2014، مشيرة إلى أن عبد العزيز أقام صداقة مع خاشقجي بعد مغادرة الأخير السعودية.
ويورد التقرير نقلا عن عبد العزيز، قوله: "كان وحيدا.. بدأنا في الحديث عن الحياة في الخارج بعيدا عن عائلاتنا، وعن الحياة والمشاريع التي سنقوم بها، وكان جمال بمثابة الأب والصديق"، مشيرا إلى أن فكرة "جيش النحل" كانت من بنات أفكار عبد العزيز، وأعجب بها خاشقجي، خاصة أنه واجه إهانات وهجمات من المؤيدين للنظام السعودي، الذين يطلق عليهم الذباب الإلكتروني.
وتنقل الصحيفة عن عبد العزيز، قوله: "تعرض جمال للإهانة الشديدة من الذباب السعودي.. ركزوا على جمال لأنه صوت في الإعلام الغربي"، واقترح عبد العزيز مواجهة الهجمات، لكنه كان بحاجة للمال لتنفيذ خطة ضدها، واقترح قائلا: "نسميهم جيش الذباب فلنسم أنفسنا جيش النحل".
ويفيد التقرير بأن الخطة كانت تقوم على شراء رقائق إلكترونية "سيم كارد" بأرقام كندية وأمريكية، يمكن لمن هم في السعودية استخدامها، فحسابات التويتر يجب التأكد منها، ويخشى الناشطون في من ارتباط أرقامهم السعودية بحساباتهم؛ وذلك خشية مراقبتهم واعتقالهم بسبب انتقادهم للحكومة، وخصصا 200 "سيم كارد" لهذا الغرض، كما قال عبد العزيز.
وتذكر الصحيفة أن خاشقجي طلب من عبد العزيز المساعدة في فيلم قصير يصور الطريقة التي تقوم فيها القيادة بتمزيق البلد وتقسيمه، وطلب أيضا المساعدة في تصميم شعار المؤسسة الجديدة، التي يعمل عليها وهي "الديمقراطية في العالم العربي الآن"، مشيرة إلى أن خاشقجي كان مترددا من فكرة الـ"سيم كارد".
وينقل التقرير عن عبد العزيز، قوله: "قال لي هذا المشروع خطير"، وأضاف: "طلب مني الحذر، (تويتر) هو الشيء الوحيد الذي نملكه، وليس لدينا برلمان".
وتنوه الصحيفة إلى أن خاشقجي كتب في 21 حزيران/ يونيو لعبد العزيز، قائلا: "سأحاول توفير المال... ويجب أن نعمل شيئا، وتعرف أنني أتضرر أحيانا من هجماتهم"، وقام عبد العزيز بعد يومين بوضع طلب على موقع "أمازون"، وعندما نقر على رابط للتعرف على وضعية الطلبية شعر أن هاتفه أصيب بفيروس، وحذره "سيتزن لاب/ مختبر المواطن"، وهو معهد في مونتريال يحقق في التجسس الرقمي ضد المجتمع المدني في آب/ أغسطس، من أن هاتفه ربما تعرض لقرصنة إلكترونية، وبعد أسبوعين توصل المعهد "وبثقة عالية" إلى أن هاتفه تعرض لهجوم، وقال إنه يعتقد أن الهجوم مرتبط بالحكومة السعودية وأجهزتها الأمنية.
وينقل التقرير عن عبد العزيز، قوله إن أحد الرجلين الذي قابلهما كان يحاول منذ أشهر إعادته للسعودية، وقالا إنه سيبدأ حياة جديدة في السعودية، وبأنهما جاءا لتشكيل مجموعة على "واتساب" تسمى "نيو إيرا"، في تلك الفترة كان ابن سلمان قد أنهى زيارة ناجحة لأمريكا، قابل فيها النخب الثقافية ورجال الأعمال والنجوم.
وتستدرك الصحيفة بأن الناشطين والمعارضين شعروا بالخوف بعد اعتقالات ريتز كارلتون، واعتقال الدعاة والمدافعين عن حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الناشطين في الخارج لم يعودوا بمنأى عن القمع، فتم اختطاف الناشطة لجين الهذلول من شارع في أبوظبي في الإمارات، ونقلت على طائرة خاصة إلى السعودية، ومن ثم إلى السجن.
ويورد التقرير نقلا عن المعارض المقيم في ألمانيا الأمير خالد بن فرحان، قوله إنه تعرض للمحاولات ذاتها، حيث طلب منه السفر للقاهرة، وتسلم صك مالي من القنصلية هناك، لافتا إلى أنه لم يغادر ألمانيا منذ 7 أعوام خشية الاختطاف.
وتكشف الصحيفة عن أن خاشقجي نصح عبد العزيز بمقابلة الرجلين في مكان عام، وأن يرفض العودة، وقال له: "لو كنت تريد المال فهذا قرارك لكن لا تعد، ولا تثق بهما"، مشيرة إلى أنه عندما بدأ الرجلان محاولتهما مع عبد العزيز في مقهى "جولييت إي تشوكلا" في مونتريال، يوم 15 أيار/ مايو، قال أحدهما إن خاشقجي هو "صداع"، لكنه يفكر بالعودة وعلى عمر العودة أيضا، فيما قال الآخر: "عمر، للتعامل معك لم نأت من وزارة أو سفير بل أردنا المجيء من رأس الهرم، الأمير.. لا أحد يمكنه التعامل مع الموضوع أفضل من الأمير".
واستمعت الصحيفة لتسجيلات من 10 ساعات، سجلها عبد العزيز مع الرجلين على مدار أربعة أيام، وكانت المقابلة مريحة، حيث بدأا "بجزرة"، وأحضرا شقيقه لإقناعه بالعودة، واعتقد في نقطة أنهما يريدان عودته واستخدام المعجبين به على "تويتر" لدعم الدعاية السعودية، وطلبا منه في أثناء الحديث الذهاب معهما إلى السفارة السعودية لأخذ جوازه، وعرضا عليه المال، وأجاب بأنه مدين للدولة بـ421 ألف دولار لأنه قطع بعثته لكندا، وقال إنه سيأخذ المال ويفعل به ما يريد، وظل طوال الوقت على اتصال مع الناشط في حقوق الإنسان في لندن يحيى العسيري.
وتختم "واشنطن يوست" تقريرها بالإشارة إلى قول عبد العزيز إنه لم يكن راغبا بالعودة، وبعد محاولات الرجلين غادرا كندا، وتم اعتقال شقيقيه بالإضافة إلى ثمانية من أصدقائه.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
NYT: ما أثر اختفاء خاشقجي على المعارضين السعوديين؟
الغارديان: مخاوف على سلامة الصحافي السعودي جمال خاشقجي
التايمز: هل تم ترحيل المعارض السعودي خاشقجي من تركيا؟