نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحافيين روي جونز ومارغاريتا ستانكاتي، يقولان فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يخطط لجذب المستثمرين، ويغير وجه الاقتصاد في بلد تواجه تهديدات رهيبة بعد اختفاء واحتمال قتل كاتب معارض في القنصلية السعودية في تركيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه منذ اتهام تركيا للسعودية في قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، بدأ المستثمرون الأجانب في إعادة تفحص علاقاتهم مع ولي العهد محمد بن سلمان ومشاركتهم في خططه لإصلاح اقتصاد بلده.
ويقول الكاتبان إن البعض يخشون من أن ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما، والحاكم الفعلي في الأمور اليومية، قد عرض استقرار المملكة للمخاطر، من خلال استهدافه كاتبا له علاقات جيدة في واشنطن وأوروبا والشرق الأوسط، فيما تنكر الحكومة السعودية أي تورط لها في اختفاء خاشقجي.
وتنقل الصحيفة عن رجل الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون، قوله في بيان له مساء الخميس على موقع مجموعة "فيرجين" التابعة له، بأنه سيتخلى عن منصبين إداريين في مشروع سياحة سعودي؛ بسبب التساؤلات حول مصير خاشقجي، وقال أيضا إنه، وبانتظار التحقيقات في مصير الصحافي، فإنه سيعلق المفاوضات مع صندوق الاستثمار العام السعودي حول اقتراح استثمار مليار دولار في "فيرجين أوربيت" و"فيرجين غلاكتيك" الفضائيتين.
وأضاف برانسون: "ما ذكرته التقارير بأنه حصل (لخاشقجي) سيغير بوضوح إمكانية أي منا في الغرب من إقامة علاقات تجارية مع الحكومة السعودية".
ويلفت التقرير إلى أن وزير الطاقة الأمريكي السابق،إيرنست مونيز قام، بشكل منفصل، بتعليق عمله في مشروع مدينة "نيوم"، وقال إن ذلك بسبب "مخاوف عميقة" بشأن خاشقجي، بالإضافة إلى أن مؤسس مختبرات "سايدووك" دان دوكتروف، قال أيضا إنه لن يعمل في مشروع "نيوم"، بعد إعلان الحكومة السعودية بأنه سيكون في مجلس إدارتها، فيما قال المستثمر في الشركة المبتدئة "واي كومبانيتر" سام التمان: "سأعلق مشاركتي في المجلس الاستشاري لـ(نيوم) حتى تظهر الحقائق بالنسبة لاختفاء جمال خاشقجي".
ويورد الكاتبان نقلا عن نيلي كوريس، وهي أيضا عضوة في المجلس الاستشاري لـ"نيوم"، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية سابقا، قولها في بريد إلكتروني يوم الخميس، إنها أيضا تعلق عضويتها في المجلس "حتى يعرف المزيد" بشأن مصير الصحافي.
وتذكر الصحيفة أن مؤتمرا تجاريا كان يؤمل منه أن يجدد تفاؤل المستثمرين، وأطلق عليه اسم "دافوس الصحراء"، تحول إلى اختبار لأعصاب الشركات الأجنبية وإداراتها التنفيذية، مشيرة إلى أن من بين المتحدثين في المؤتمر، الذي سيقام في 23 – 25 من الشهر الحالي، مدير مجموعة "بلاكستون" ستيفين شوارزمان، ومدير "جي بي مورغان تشيس" جيمس ديمون، ومؤسس "سوفتبانك غروب" ماسايوشي سون، بالإضافة إلى أنه من المفترض أن يحضر المؤتمر وزير الخزانة ستيفن منوشين.
وينوه التقرير إلى أن عدة وسائل إعلام قامت بالانسحاب يوم الأربعاء والخميس، بحسب ممثليها، فانسحبت "نيويورك تايمز" من رعاية المؤتمر، كما انسحب مالك "لوس أنجلوس تايمز" باتريك سون شيونغ، ولا يخطط للتحدث في المؤتمر، بالإضافة إلى أن المديرة الإعلامية أريانا هوفنغتون، المستشارة في مجلس المؤتمر، لم تعد تخطط لحضور المؤتمر، كما أن مدير "فياكوم" بوب باكيش قرر أيضا ألا يحضر.
وينقل الكاتبان عن مدير "أوبر تكنولوجيز" دارا خوسوروشاهي، قوله يوم الخميس: "ما لم تظهر حقائق مغايرة جدا"، فإنه لا يخطط الذهاب للمؤتمر، حيث كان من المخطط أن يتحدث، وأضاف: "أنا منزعج من التقارير حول جمال خاشقجي إلى الآن"، فيما قالت شركة "أيه بي بي" التكنولوجية السويدية السويسرية بأنها ترقب تداعيات اختفاء خاشقجي قبل القرار بحضور المؤتمر من عدمه.
وتورد الصحيفة نقلا عن المؤسس الشريك في صندوق التمويل في سيليكون فالي "فيفتي ييرز" سيث بانون، قوله: "ليست هناك أي حجة لاحتجاز أو مضايقة صحافي، ويجب ألا يكون هناك حتى القليل من الاشتباه بأن بلدا ما قتلت صحافيا.. ما هو موجود هنا يقول الكثير"، وقال بانون إنه سيحضر المؤتمر ويتحدث فيه، قائلا إنه قابل الأمير محمد، وبأنه يميل لاعتباره بريئا بسبب الشك.
وبحسب التقرير، فإن ممثلي صندوق الاستثمار العام السعودي، الذي ينظم المؤتمر، رفضوا الاستجابة لطلب التعليق، مشيرا إلى أن الحكومة السعودية أنكرت مكررا أي دور لها في اختفاء خاشقجي، ويقول المسؤولون السعوديون إن خاشقجي ذهب الى القنصلية في اسطنبول، واستلم بعض الوثائق وخرج دون أي حادث، فيما قالت خطيبته، التي رافقته إلى القنصلية وانتظرته خارجها، إنه لم يخرج أبدا من القنصلية.
ويورد الكاتبان نقلا عن المسؤولين الأتراك، قولهم بأن السعوديين أرسلوا فريق اغتيال على طائرة تملكها الحكومة السعودية إلى اسطنبول، في اليوم الذي ذهب فيه خاشقجي إلى القنصلية، حيث يعتقد المسؤولون الأتراك أن خاشقجي مات في القنصلية، لكن لا يزال عليهم تفصيل استنتاجاتهم خارج تسريباتهم للإعلام المحلي.
وتذكر الصحيفة أن الزعماء الغربيين، وبينهم الرئيس ترامب، طالبوا السعوديين بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بخاشقجي، في حملة من الضغط لوحت بشبح العقوبات ضد الرياض.
وينقل التقرير عن جاسون توفي، وهو خبير اقتصادي في شركة "كابيتال إيكونوميكس"، قوله: "اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول يثير أسئلة جديدة حول سمعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بصفته مصلحا، والتطورات السياسية تشكل تهديدا متعاظما للمستقبل الاقتصادي".
ويورد الكاتبان نقلا عن كارين يونغ، من معهد "أميركان إنتربرايز"، قولها إنها لحظة للمديرين بأن يفكروا إن كانوا يريدون ربط أسمائهم بالأمير محمد، وأضافت أنه بالنسبة لكبار المديرين فإن هذه ليست لحظة جيدة لالتقاط الصور معه.
وتقول الصحيفة إن محمد بن سلمان ارتقى من أمير شاب إلى حاكم السعودية الفعلي، الذي يخطط لتحديث المملكة وسياستها الخارجية، وتنويع الموارد بدلا من الاعتماد على النفط فقط، وقام بتحركات لها شعبية، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، وفتح دور السينما لأول مرة في ثلاثين عاما، وأعطى السعوديين سببا للافتخار، ووعد بفتح السعودية أمام المستثمرين، وبخطط طموحة لتعويم جزء من شركة النفط الحكومية، واستثمار المليارات في السيارات الكهربائية وفي الطاقة الشمسية، وبناء مدينة مستقبلية بتكلفة 500 مليار دولار، تدخل السعودية القرن الحادي والعشرين بصفتها مركز تطوير.
ويستدرك التقرير بأن ثقة المستمثرين تأثرت بسلسلة من التحركات التي تعرقل التجارة في السعودية، فقامت المملكة بقطع علاقاتها الدبلوماسية بكندا، وحاصرت قطر، وأطلقت حملة مكافحة للفساد، حيث تم سجن رجال أعمال ومسؤولين في فندق ريتز كارلتون العام الماضي، وهو المكان ذاته الذي سيعقد فيه المؤتمر الاقتصادي.
وينوه الكاتبان إلى أن خطة الأمير الاقتصادية ترنحت في بعض أجزائها، فتم تأجيل تعويم جزء من "أرامكو"، وتعمل المملكة على تحجيم طموحات الطاقة الشمسية، وتراجعت الاستثمارات الأجنية إلى أدنى مستوياتها منذ 14 عاما، مع أنها انتعشت قليلا هذا العام، مشيرين إلى أن السعوديين حاولوا تغيير مزاج المستثمرين بخلق صناديق بمليارات الدولارات لإطلاق شراكات جديدة مع شركات دولية.
وتجد الصحيفة أن قضية خاشقجي تعد عامل مخاطرة جديدا للمستثمرين القلقين أصلا من وضع المملكة، وقال أستاذ الدراسات التنموية في جامعة ساواس في لندن غيلبيرت أتشكار: "هذه التصرفات رادع قوي للمستثمر الخاص".
وبحسب التقرير، فإن الأمير محمد ساعد على ارتفاع أسعار النفط، وأعطت حكومته المزيد من المال لضخه في الاقتصاد، بعد عامين من إجراءات شد الأحزمة، وقال المحللون بأنهم يتوقعون أن يقوم الأمير محمد بحملة تحسين صورة عندما يحضر المستثمرون إلى الرياض في أقل من عشرة أيام.
وينقل الكاتبان عن ديفيد باتر من برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس"، قوله: "هؤلاء الناس من المفروض أن يصدقوا قصتك، لكن يأتي وقت تصبح فيه هذه القصة غير قابلة للتصديق، وحينها لا يريدون أن يكونوا جزءا منها"، لافتين إلى أن بعض الشركات لا تزال تخطط للحفاظ على علاقات قوية مع السعودية.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي، وهو عضو مجلس إدارة فنادق "آكور"، التقى لقاء خاصا مع الأمير محمد في الرياض، يوم الأربعاء، كجزء من زيارة كان مخطط لها مسبقا، وهناك مفاوضات بين "آكور" والحكومة السعودية حول عدة مشاريع فندقية.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
نيويورك تايمز: تزايد الغموض حول مصير خاشقجي.. ماذا حدث؟
"نيويورك تايمز" تكشف تفاصيل اعتقال خاشقجي في تركيا
إندبندنت: هذا ما على الرياض فعله لتنجو من تراجع أسعار النفط