نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على اختلاف مواقف كل من الملك السعودي وولي العهد محمد بن سلمان حول ملف القدس.
وقالت في تقرير للصحفي بنيامين بارت ترجمته "عربي21" إن "السعودية قد أكدت مؤخرا على أن الرياض ستواصل دعم المواقف الفلسطينية، وتمسك الفلسطينيين برفض أي خطة سلام في الشرق الأوسط تفرض عليهم التخلي عن القدس".
ويتماهى هذا التأكيد السعودي مع مطالب الفلسطينيين وشروط حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، التي تدافع عنها جامعة الدول العربية والعواصم الأوروبية الكبرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفي تصريحات تم الإدلاء بها لوسائل إعلام، تطرقت حاشية الملك سلمان إلى تحديد الموقف السعودي من الملف الفلسطيني، إثر سلسلة من المقالات الصادرة في الأشهر الأخيرة التي توحي بإمكانية تخلي الرياض عن دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ورجح الكثيرون أن ذلك يعود إلى سعيها للتقرب من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ونقلت عن دبلوماسي عربي رفيع المستوى في الرياض تصريحه لـ"رويترز"، قال فيه إنه "في المملكة العربية السعودية، يعد الملك الطرف المسؤول حاليا عن أخذ القرار بشأن هذا الموضوع وليس ولي العهد. ويتمثل خطأ الولايات المتحدة في الاعتقاد بأن بلدا واحدا قد يجبر بقية البلدان الأخرى على الاستسلام. لكن الأمر ليس رهين الضغوط فقط. لا يستطيع أي زعيم عربي تقديم تنازلات في موضوع القدس أو فلسطين".
وفي أواخر سنة 2017، أفادت مصادر دبلوماسية عديدة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ابن الملك والمشرف على شؤون الدولة، قَدم الضمانات اللازمة لدعم خطة السلام التي أعدها رجل الأعمال جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتهدف هذه الخطة إلى التوصل إلى "الاتفاق النهائي" حول هذه القضية الرئيسية.
وأوردت الصحيفة أنه حسب ما كشفته جملة من التسريبات المتزامنة، يحيل النص المقترح من كوشنر، رجل الأعمال الذي يفتقر للخبرة في مجال الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، بإقامة دولة فلسطينية "صورية" مشتتة، تفصل بين مناطقها مستوطنات يهودية لن يتم إخلاؤها، وتكون عاصمتها إحدى ضواحي القدس الشرقية.
في ذلك الوقت، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التي كانت صاحبة هذا السبق الصحفي، مع بعض وسائل الإعلام الأخرى، عن دبلوماسيين عرب أن "ولي العهد السعودي البالغ من العمر 32 سنة آنذاك، قد مارس ضغوطا على الرئيس الفلسطيني حتى يقبل بهذا المشروع الجديد. وتقطع خطة كوشنير مع مبادرة السلام العربية التي تقدم بها الملك عبد الله سنة 2002".
وبينت الصحيفة أن هذه المبادرة، التي دعمتها جامعة الدول العربية، تشترط انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة سنة 1967 وإقامة دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية مقابل الاعتراف بالدولة اليهودية.
وقد أرجأ المحللون رغبة محمد بن سلمان في عدم مواصلة دعم خطة السلام العربية إلى نواياه في إضفاء صبغة رسمية على جبهة معادية لإيران، تضم الولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل.
وتطرقت إلى أنه بالعودة إلى أساسيات الدبلوماسية السعودية، تنكر الملك سلمان لابنه المغامر، الذي لم تكن قراراته الأخيرة أولى خطواته الخاطئة على الساحة الإقليمية. ففي شهر نيسان / أبريل، اضطر الملك سلمان إلى تصحيح أقوال ولي عهده بالفعل، بعد تصريحات للأمير محمد بن سلمان نُشرت في مجلة "الأتلنتيك" الأمريكية.
وردا على سؤال حول حق "الشعب اليهودي" في امتلاك "دولة قومية تمتد على جزء من وطن أجدادهم"، أجاب محمد بن سلمان أن "للفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك أرض خاصة بهم"، الأمر الذي فسر على أنه دعوة سرية لإقامة دولة إسرائيل. في ذلك الوقت، سارع الملك إلى التأكيد على "أن موقف المملكة راسخ وثابت ويؤمن بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس".
وذكرت الصحيفة أنه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، كان ولي العهد قد دفع برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى الاستقالة القسرية. ووضع هذا الأمر المملكة في موقف محرج، لم تتمكن من تجاوزه إلا حين تدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحل هذه المسألة.
ووفقا لـ"هآرتس" الإسرائيلية، أبلغت الرياض، فضلا عن عدة عواصم عربية أخرى، بما فيها عمان، واشنطن بمعارضتها لمشروع جاريد كوشنر. ويبدو أن قرار البيت الأبيض القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والتأثير الكارثي لهذا الإعلان على الرأي العام العربي، قد دفع المملكة إلى تغيير مواقفها من الدعم الأمريكي.
وفي الختام، نقلت الصحيفة تصريح مصدر دبلوماسي جاء فيه أنه "فيما يتعلق بهذه المفاوضات، أعلم هؤلاء القادة الإدارة الأمريكية بأن المساعدة التي كان من الممكن أن يُقدموها لها قبل هذا الاعتراف الرسمي لم تعد ممكنة في الوقت الحالي". وبالتالي، سيتعين على هذا "الاتفاق النهائي" الانتظار.
وول ستريت جورنال: لماذا ضربت إسرائيل شرق سوريا؟
ترامب: يمكن لبوريس جونسون أن يكون "رئيس وزراء رائعا"
فورين أفيرز: لماذا تجعل انتصارات الأسد الحرب أكثر خطورة؟