نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، تتحدث فيه عن الغارات التي شنتها إسرائيل في حزيران/ يونيو على الحدود السورية العراقية، متسائلة عن الهدف من تلك الغارات والرسائل التي تنبئ عنها هذه التحركات.
وتقول الصحيفة إن إسرائيل وسعت من نطاق حربها ضد إيران، مشيرة إلى أن الغارات التي نفذت في حزيران/ يونيو على الحدود السورية العراقية كان الهدف منها منع وصول شحنات أسلحة إلى حزب الله عبر العراق وسوريا ومن ثم إلى لبنان.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن إسرائيل ترغب بدفع عدوتها إيران بعيدا عن الحدود، حيث كانت الغارة في حزيران/ يونيو تستهدف موقعا بعيدا على الحدود السورية العراقية، بحسب مسؤول أمني، بعدما شن الطيران الإسرائيلي سلسلة من العمليات على مواقع يشتبه بأنها لمقاتلين وأرصدة عسكرية لإيران في سوريا.
وتذكر الصحيفة أن إسرائيل، وطبقا لممارساتها المعتادة، لا تنفي أو تؤكد أنها قامت بالهجوم في الشهر الماضي، الذي نفت الولايات المتحدة أي علاقة لها به، فيما أكد مسؤول أمريكي أن إسرائيل هي الجهة التي تقف وراء الهجوم.
وينقل التقرير عن مسؤول أمني، قوله إن الغارة، التي شنت في ظلام الليل، استهدفت فيلا في بلدة الهري الواقعة جنوب بلدة البوكمال، حيث تعمل في هذه المنطقة مليشيات تابعة لإيران مع عناصر من الحرس الثوري الإيراني لنقل الأسلحة إلى سوريا، مشيرا إلى أنه قتل في الغارة أكثر من 20 مقاتلا من كتائب حزب الله، وهي المليشيات الشيعية التي يعتقد أنها تنقل الأسلحة لإيران عبر العراق ومن ثم إلى سوريا.
وتؤكد الصحيفة أن الهدف من وراء هجوم إسرائيل على بعد مئات الأميال عن حدودها، هو إرسال رسالة بأنها لن تتسامح مع المحاولات الإيرانية لبناء جسر بري من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان، لافتة إلى قول إسرائيل إنها قلقة من وصول صواريخ بعيدة المدى وأنظمة دفاعية مضادة للطائرات إلى حزب الله.
ويلفت التقرير إلى أن إيران والمليشيات التي تدعمها أنشأت قواعد عسكرية في مناطق مختلفة من سوريا؛ للمساعدة في قتال تنظيم الدولة والجماعات المعارضة لنظام بشار الأسد، مشيرا إلى أن إسرائيل تخشى من توسيع إيران للمناطق التي تسيطر عليها في سوريا، ما يسمح لها بنقل التقنيات العسكرية والعناصر من خلال البر من إيران وقريبا من حدود إسرائيل.
وتجد الصحيفة أن الغارات الإسرائيلية تعبر عن النزاع الأوسع الذي يتكشف في المنطقة، حيث أدت هزيمة تنظيم الدولة إلى تصارع على السلطة بين القوى الإقليمية والأجنبية، منوهة إلى أنه من المتوقع أن يكون الحديث عن سوريا محور المحادثات في لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب، الذي سيعقد اليوم الاثنين في هلنسكي، خاصة أن روسيا برزت بصفتها وسيطا مهما في النزاع في سوريا، من خلال تشاركها مع إيران في تقوية نظام بشار الأسد.
وينوه التقرير إلى أن ترامب تعهد بالانسحاب من سوريا مع بداية العام المقبل على الأرجح، إلا أن المسؤولين العسكريين أضافوا لمهمة القوات الأمريكية، البالغ عددها ألفي جندي، مهمة جديدة، وهي مواجهة التأثير الإيراني، بعدما كان التركيز الرئيسي هو على هزيمة تنظيم الدولة.
وتفيد الصحيفة بأن حلفاء أمريكا في المنطقة يشعرون بالقلق من ترك الولايات المتحدة لهم وشأنهم في الحرب، التي توسعت من ثورة شعبية إلى حرب أهلية وصراع بين القوى الدولية والإقليمية.
وبحسب التقرير، فإن إسرائيل تعتقد أن هدفها الرئيسي هو الحد من توسع إيران الإقليمي قبل انسحاب القوات الأمريكية، لذلك كان الهجوم في حزيران/ يونيو شرق سوريا تعبيرا عن الوضع الطارئ الذي تتعامل فيه إسرائيل مع الخطر الإيراني، مشيرا إلى أن إسرائيل ركزت هجماتها في الغارات السابقة على جنوب سوريا ووسطها.
وتورد الصحيفة نقلا عن عضو المكتب السياسي في كتائب حزب الله الشيخ أبي طالب السعيدي، قوله إن مقاتلي جماعته كانوا على الأراضي العراقية عندما استهدفهم الطيران، فيما قالت القوات العراقية إن المقاتلين الذين ضربوا لم يكونوا تابعين لقيادتها، ومن الناحية الرسمية تتبع كتائب حزب الله الحكومة العراقية، إلا أنها من الناحية العملية تتبع أوامر إيران التي تمولها وتدربها.
وينقل التقرير عن مسؤول في الحرس الثوري، قوله إن بناء ممر بري هدف إيراني رئيسي لتقوية دفاعاتها ضد القوى الإقليمية، حيث كانت إيران تستخدم الأجواء لإرسال الأسلحة لحلفائها حزب الله وغيره، إلا أن الطيران تسهل مراقبته أكثر من النقل البري، لافتا إلى أن إيران تنقل شحنات الأسلحة بين القرى والبلدات مع البضائع العادية، فهي استخدمت البر لنقل الأسلحة، إلا أن ممرا أمنا سيعطيها القدرة لنقل السلاح على نطاق واسع.
وتفيد الصحيفة بأن الممر يمر عبر مناطق العراق وقواعد عسكرية استخدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، مثل قاعدة "أتش3" في مدينة الرطبة، وقاعدة سبايكر، وبلدات مثل عكاشات وسبع البور، مشيرة إلى قول مسؤولين إنهم لاحظوا شحنات أسلحة تتحرك عبر الحدود الإيرانية، وتجتازها إلى بغداد وأبعد من ذلك.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي تعد فيه الولايات المتحدة وإسرائيل الممر البري تهديدا، إلا أن آخرين لا يرون أنه معبر مهم، حيث قال محلل أمني يراقب الشأن السوري: "قد يكون الممر البري تهديدا، وسواء امتد إلى سوريا أو العراق فإسرائيل قادرة على استهداف نقاطه الرئيسية".
وترى الصحيفة أن استهداف المواقع الإيرانية هو جزء من استراتيجية ذات شقين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، الذي يستعرض عضلاته لوقف التأثير الإيراني، ففي الأسبوع الماضي زار موسكو قبل قمة ترامب بوتين؛ للحصول على دعم موسكو لمنع القوات الإيرانية أو الموالية لها من الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، وناقش نتائج زيارته مع الرئيس ترامب، الذي تعهد بحماية أمن إسرائيل.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول محللين إن القادة الإسرائيليين يعرفون أن انسحابا إيرانيا كاملا من سوريا غير واقعي، وأن النفوذ الروسي على إيران محدود.
لماذا تسعى الإمارات والسعودية وإسرائيل لتقارب أمريكي روسي؟
دينس روس: خسرنا أوراق اللعبة كلها في سوريا
أسوشيتد برس: هذه خطوط إسرائيل الحمراء للأسد