نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن رفض كل من الأردن وإسرائيل فتح حدودهما أمام المدنيين الهاربين من عمليات القصف التي ينفذها نظام بشار الأسد وحليفه الروسي في محافظة درعا. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد خلف القصف قرابة مئة قتيل في غضون عشرة أيام، وتسبب في تشريد الآلاف هربا من تكرر مجزرة حلب.
وقالت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النظام السوري تمكن
بمساعدة حليفه الروسي من استعادة السيطرة على محافظة درعا الواقعة جنوب غرب سوريا،
التي تعتبر إلى جانب محافظة إدلب، الواقعة شمال غرب سوريا، آخر معاقل
المعارضة. في الأثناء، أجبر الأهالي على
الفرار نحو الحدود الأردنية وهضبة الجولان، أملا في الابتعاد عن أعمال العنف.
ويبدو أن النزوح يشكل ضغطا على جارتي سوريا، حيث رفض كلاهما فتح الحدود أمام أفواج
النازحين، الأمر الذي ينذر بحدوث كارثة إنسانية جديدة.
ونقلت الصحيفة
ما أدلى به محمد، وهو تقني تابع لمنظمة غير حكومية تعنى بالأنشطة الإنسانية، الذي
قال: "لقد مررت بريف شمال شرقي درعا ولم أر سوى بلدات أشباح مدمرة. وقد تسببت
ضربات النظام في هروب الأهالي والمقاتلين على حد سواء".
وأشارت
الصحيفة إلى أن دمشق وموسكو تركزان على استهداف البنى التحتية التابعة للمدنيين،
على غرار التكتيك المتبع في كل من حلب والغوطة الشرقية. وبحسب مكتب الأمم المتحدة
لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإنها لم تعد غالبية المرافق الصحية صالحة للاستغلال نظرا
لأنها كانت عرضة للقصف. كما أن قرابة نصف المساكن في قرية الكرك والمليحة،
المحاذيتين لمحافظة درعا، كانت قد دمرت نتيجة الضربات النارية.
وعلى الرغم من
كثافة القصف، إلا أنه أقل دموية مقارنة بما تعرضت له الغوطة، التي وصلت فيها حصيلة
القتلى إلى 1600 شخص خلال ثمانية أسابيع من المعارك. وينتاب الكثيرين مخاوف من
ارتكاب النظام وحلفائه مجزرة جديدة بحق المدنيين.
وذكرت الصحيفة
أنه بتاريخ 28 حزيران/ يونيو، لجأ 17 شخصا بينهم خمسة أطفال، إلى الجزء السفلي من
منازلهم هربا من القصف، قبل أن يلقوا حتفهم جراء ضربة جوية استهدفت بلدة المسيفرة،
الواقعة شرقي درعا. وبعد هذه الحادثة، لم تتردد آلاف العائلات في الرحيل والهرب.
ونوهت الصحيفة إلى أن الأمم المتحدة تقدر عدد النازحين بقرابة الـ160 ألف شخص. وفي هذا السياق، أكد
باسل، وهو ناشط في العمل الإنساني، أن "البلديات التي تستقبل النازحين قد
أضحت مكتظة للغاية، والأمر سيان بالنسبة للمدارس. وأنا أتكفل بإيواء أربع عائلات
نازحة في منزلي الخاص، فالناس ينامون في كل مكان... في سياراتهم وتحت الأشجار".
وأوردت
الصحيفة أن رفض الأردن استقبال النازحين فيه انتهاك صارخ لالتزاماته الدولية. وقد
تم تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر نساء ورجالا يمشون على طول الحدود
السورية الأردنية وخلفهم سيارات مصفحة. وقد عللت عمان رفضها لعدم استضافتها
للنازحين بأنها تستقبل قرابة 1.3 مليون لاجئ سوري، وهو رقم تعتبره المنظمات
الإنسانية مبالغا فيه. وترفض المملكة الأردنية الهاشمية، التي تعاني صعوبات
اقتصادية، استقبال لاجئين جدد على أراضيها.
وأفادت
الصحيفة بأن الموقف الأردني عرضه لوابل من الانتقادات، حيث اعتبرت منظمة العفو
الدولية أن "الأشخاص الفارين من الحرب، يجب التعامل معهم على أنهم في وضعية
حياة أو موت" مشيرة إلى أن "عمان لم تحترم التزاماتها الدولية".
والجدير
بالذكر أن الأردن كان يلعب دور حامي المعارضة عبر تزويد كتائبها بالأسلحة، إلا أنه
غير موقفه خلال السنوات الأخيرة نتيجة الضغوط التي تسلطها عليه روسيا. وقد بدا ذلك
جليا من خلال موافقة المملكة على إعادة انتشار قوات الجيش السوري على طول الحدود
المشتركة.
وذكرت الصحيفة
أن إسرائيل لم تستقبل اللاجئين السوريين التزاما منها بمبدأ الحياد في ما يخص الصراع السوري. وفي هذا السياق، صرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي المنتهية
ولايته، يعقوب عميدرور، بأنه "منذ اندلاع الحرب في سوريا، كنا نعلم جيدا أن
طرفي النزاع، أي الطائفة العلوية والسنية، لا يكنان أي عاطفة لإسرائيل".
وأكدت الصحيفة
أن رفض إسرائيل استقبال اللاجئين يعكس حرصها على تجنب انتقال الصراع إلى حدودها
المتاخمة لسوريا، وسعيها إلى ردع تقدم المليشيات الموالية لإيران التي تنشط على
مقربة من أراضيها. ولتحقيق ذلك، أعادت إسرائيل فتح قنوات الاتصال مع طوائف من هضبة
الجولان عملا بسياسة "الجار الطيب". في المقابل، تعهدت إسرائيل باستقبال
مئات الجرحى لعلاجهم في المستشفيات الإسرائيلية، وتقديم المساعدات الإنسانية، ودعم
بعض كتائب الثوار باعتبارهم حليفا ظرفيا.
وفي الختام،
قالت الصحيفة إن إسرائيل توافق جارها الأردني بشأن استعادة الجيش السوري لمراكزه
في هضبة الجولان. ولكن، تبقى الأولوية المطلقة بالنسبة لإسرائيل في وضع حد للتجذر
العسكري الإيراني في سوريا عبر مليشياته الشيعية، وقد حذرت كل من موسكو وواشنطن
من تداعيات ذلك.
موسكو التي أخافتها تل أبيب تزود دمشق سرا بأنظمة "أس300"
خاشقجي: هل كان ترامب محقا في موقفه من السعودية وإيران؟
هكذا تعزز موسكو وتل أبيب الضغط على طهران لتخرج من سوريا