نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافي السعودي المقيم في واشنطن جمال خاشقجي، يتساءل فيه عن مواقف الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب من
إيران والسعودية، وأي المواقف كان محقا فيها.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "السعوديين كانوا راغبين في انتصار دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة أنهم لم يكونوا راضين عن باراك أوباما، ولا يزال الكثيرون منهم يلومون أوباما على كل شيء خطأ في المنطقة أثناء رئاسته".
ويشير خاشقجي إلى أن "المشكلة الرئسية كانت هي إيران، حيث يعتقد السعوديون أن أوباما سمح لإيران بالتوسع في المنطقة عندما كان رئيسا، وقام بسذاجة بالتركيز على وقف الملف النووي، والتوصل لاتفاقية على حساب كل شيء, بما فيها أمور مهمة مثل العنف في
سوريا".
ويلفت الكاتب إلى أنه "بالنسبة لأوباما فإن الخيار كان هو مواجهة إيران، أو تشارك المنطقة معها، فهل سيكون ترامب مختلفا؟ وهل سيتبنى الموقف المتشدد الذي تأمل الرياض فيه؟ صحيح أنه لا يخفي عداءه للنظام الإيراني، وقام بالخروج من الاتفاقية النووية بشكل أفرح السعوديين والإسرائيليين ومدحوه على خطوته، وقامت
إسرائيل بشن هجمات ضد مواقع مرتبطة بإيران في سوريا، لكن إيران لا تزال موجودة وصامدة هناك، وهي الآن تُمارس تأثيرا أكبر في لبنان أكثر من أي وقت مضى، ولا حاجة لذكر تأثيرها في العراق".
وينوه خاشقجي إلى أن "إيران ليست بحاجة للكثير لتحافظ على تأثيرها في سوريا، وهي تقدم الدعم لرئيس النظام السوري بشار الأسد في عملياته ضد المعارضة المسلحة، وبمساعدة الروس وإيران نجح الأسد في سحق المعارضة، التي يتردد العالم بتقديم الدعم لها، أو توفير الحماية لأفرادها، وقاموا بإخراج المعارضين من مدنهم وبلداتهم من خلال الوحشية المتطرفة، وتقوم إيران على ما يقال بعملية هندسة ديمغرافية وثقافية في مناطق محددة في سوريا، ومن خلال القمع والتشريد".
ويؤكد الكاتب أنه "تم عمل هذا دون افتعال مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، بالإضافة إلى أنه يجب النظر إلى محاولات إسرائيل استهداف مواقع إيرانية على أنها محاولة لتحديد معالم اللعبة، ومن هنا فإن إجبار إيران على الخروج من سوريا يحتاج إلى تدخل بري، ولهذا السبب طلب الإسرائيليون من السعوديين الخروج من المخبأ ودعمهم علنا لإكمال المهمة".
ويتساءل خاشقجي قائلا: "هل كانت
السعودية جاهزة لهذا التحدي؟ فما يجري في المنطقة حاليا معقد، وما يحدث هو تحول تاريخي، حيث تقوم إيران بإحياء المزاج الطائفي الذي لا يتوافق مع وقتنا، فمن بين عشرين مليونا أو يزيد كانوا يعيشون في سوريا، غادر حوالي أحد عشر مليونا، وفِي أيار/ مايو فرض الأسد قانون 10، الذي يطلب من المواطنين الذين يريدون استعادة أملاكهم العودة خلال شهر والتقدم بأوراق الملكية وإحضار موافقة أمنية، وفِي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب والدمار فان معظم الذين هربوا سيظلون لاجئين وسيعيدون تشكيل المنطقة".
ويرجح الكاتب أن "يحل محلهم سكان شيعة من العراق، سيقيمون في منطقة ظلت ولقرون ذات غالبية سنية، وهذا يعني تغيير التاريخ الذي جعل الشيعة أقليات والسنة غالبية حاكمة، وفِي هذه الحالة بالقوة".
ويقول خاشقجي إن "نظام الأسد وإيران يقومان بتهيئة المسرح لحرب طائفية، وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال الأسبوع الماضي إن إيران قد تشعل حربا دينية بشكل يقود إلى هجرات جديدة نحو أوروبا، وسينتظر الطرف الضعيف، وهو الغالبية، لأن يقوم بالانتقام حتى يصبح الوضع المتدهور في المنطقة مهما لأمريكا".
ويقول الكاتب: "على ما يبدو فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اكتشف أن ترامب ليس مستعدا للقيام بعمل ضد طهران، ولهذا يحاول بناء قضية مشتركة مع نتنياهو، لكن إسرائيل، ورغم الخطاب الحربي، لن تخاطر وتعرض يافا وتل أبيب للخطر من أجل طرد إيران من دمشق أو حلب".
ويختم خاشقجي مقاله بالقول إن "ترامب كان محقا في الطلب من السعوديين أداء دور أكبر في سوريا، ولو كانت السعودية فعلا قلقة من الوجود الإيراني في سوريا فإن عليها أن تقوم بإخراج طهران من هناك بنفسها، وألا تنتظر الأمريكيين أو الإسرائيليين، وعندما يحصل السوريون على الحرية التي يطالبون بها منذ عام 2011 فعندها ستخرج إيران من بلادهم ومن اللعبة".