تحول تفاؤل الشارع
الأردني بتكليف وزير التربية عمر الرزاز لتشكيل الحكومة إلى تشاؤم، وجاء هذا
التحول كردة فعل على وجود 15 وزيرا من الحكومة السابقة.
وانتشرت مطالبات
للمواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بتغيير النهج الحكومي وليس فقط الأسماء،
وأكدت النخبة السياسية التي شاركت في الاحتجاجات بأن التشكيل الوزاري الجديد لم
يلب مطالب المواطنين.
وبحسب عضو حزب الوحدة الشعبية
جواد دويدار فإن التشكيلة الجديدة لا تزال تعكس الآلية التقليدية في تشكيل
الحكومات، سواء من ناحية آلية اختيار رئيس الوزراء أم من ناحية اختيار الطاقم
الوزاري، الذي خصع لحسابات طرفي الحلف الطبقي الحاكم -البيروقراط والكومبرادور- إضافة إلى التوازنات العشائرية والمناطقية والشللية.
وتابع دويدار في حديث
لـ عربي21: "ما حصل هو إعادة تشكيل لهيئة رئاسة الوزراء، لكن بدون وجود
الملقي، ودليل ذلك وجود 16 وزيرا من الحكومة السابقة وإعادة تكليفهم بوزارات
جديدة".
واعتبر أن ما حصل كان "التفافا
علي مطالب الجماهير التي خرجت تنادي بتغيير النهج وليس الوجوه، وأن الحكومة
لاتزال ترتهن لإملاءات صندوق النقد الدولي ولا تمتلك الولاية العامة، التي تعطيها
القدرة على المحاسبة والتغيير الحقيقي".
وعن قرار العودة
للاحتجاج أشار دويدار إلى أن "الشارع مستمر في حراكه فهو الآن أصبح أكثر وعيا
وقدرة على طرح مطالبه، وأعتقد أنه سيصطدم مع الحكومة الجديدة لأنها لن تكون قادرة
على تنفيذ ما خرج من أجله".
"وبالتأكيد
لا أحد مع وقف الحراك، ولكن آليات العمل يجب أن يتم تحديدها بالتنسيق بين القوى
والفعاليات الشبابية والحراكات الشعبية".
من جهته أكد الناشط
والحراكي ليث أبو جليل أن التشكيلة الجديدة لم تكن على قدر التوقعات.
وتابع أبو جليل
مستدركا في حديث لـ عربي21: "لكن مشكلتنا في الأردن ليست مع الأشخاص وحسب، بل
مع النهج و الطريقة التي يتم على أساسها تشكيل الحكومات".
وقال إنها "تشكيلة
تعكس مصالح و مكتسبات القوى المختلفة التي تؤثر في القرار على مستوى الدولة، وليس
من بينها الشعب ولا ممثليه في البرلمان، إذا اعتبرنا أن مجلس النواب يمثل الناس في
الأردن تمثيلا حقيقيا".
وأضاف أبو جليل:
"غالبا سننتظر و نراقب أداء الحكومة في أول مائة يوم، وسنحكم بعدها وفي حال كانت لا تلبي طموحات
الناس فإن الطريق إلى التغيير بات واضحا أكثر من ذي قبل".
ورأى أنه "ليس
شرطا أن يكون من خلال الاعتصام والإضراب فقط، هناك أفكار أخرى يمكن من خلالها
الضغط على النظام، لتغيير نهج تشكيل الحكومات بحيث تكون أكثر تمثيلا للمواطنين و
تعكس طموحاتهم و تطلعاتهم و مخاوفهم".
وحول ما إذا لبت
التشكيلة طلباتهم وطموحاتهم أشار عضو نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة إلى أن
الرزاز بصفته الشخصية هو شخص توافقي، ولكن جاء التشكيل الوزاري بنسبة ليست
بالبسيطة مخيبا للآمال، بحسب قوله.
وتابع القضاة في حديث
لـ عربي21: "ولكننا ما زلنا نراهن على قوة الشعب الأردني، الذي فرض إرادته
التي أفضت لتغيير الحكومة، وهو أيضا الذي سيفرض إرادته على الحكومات لتنفيذ
مطالبه، وذلك من خلال برنامجها الاقتصادي أو من خلال معالجة المشكلات الاقتصادية
التي تسببت بهذا الوضع المتأزم".
وأكد على أن مطالب
المحتجين كانت إقالة الحكومة كاملة، والمطلب الحقيقي أيضا كان إقالة النهج الحكومي
ككل، وليس الأشخاص وكذلك إقالة حكومة الجباية التي لا تحاول معالجة الاقتصاد بشكل
حقيقي، بحسب قوله.
وعن العودة للاحتجاج
أشار القضاة إلى ضرورة التريث ومراقبة عمل الحكومة خلال المائة يوم الأولى من
عملها.
وقال: "حاليا نحن
نراقب الوضع عن كثب خاصة الفريق الاقتصادي، ونراقب كإعلاميين أيضا أداء الحكومة
في ما يخص قضايا الإعلام ومنها قانون الجرائم الإلكترونية".
ولفت إلى أن "هناك
بوادر مبشرة بالخير، حيث كانت هناك تصريحات طيبة لرئيس الحكومة الرزاز، والناطقة
باسمها جمانة غنيمات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن نحن أيضا نعلم أن الحكومة
لا تملك عصا سحرية، ولكن يجب أن لا يكون الحل الاقتصادي على حساب جيب
المواطن".
بديل المعارضة
وأجمع المحللون على أن
البديل هو تغيير النهج، وليس فقط تغيير الحكومات، حيث يرى الناشط والحراكي ليث أبو
جليل، أن البديل بات متداولا على نطاق واسع بين النخب السياسية و الفاعلين في هذا
الحراك الإصلاحي وهو تغيير نهج الحكم.
وأردف قائلا:
"التغيير يتم بعدة نقاط، أولها تعديلات دستورية تنص على الحكومات البرلمانية،
وتعديل قانون الانتخاب بشكل جذري ليكون على القائمة الوطنية ويعكس كتلا وبرامج، و
كف يد الأجهزة الأمنية وبعض مؤسسات الدولة مثل الديوان الملكي عن التدخل في الحياة
العامة وأعمال الحكومة، وأخيرا إعادة النظر في طريقة تشكيل مجلس الأعيان".
وأشار إلى أنه "على
المستوى الاقتصادي هناك أيضا مجموعة من الأفكار التي تتعلق بقانون الضريبة وغيره
من القوانين، ولكن بالنهاية فإن الشأن الاقتصادي هو قرار سياسي بامتياز".
وقال: "لا يمكن
المضي قدما في إنقاذ البلد من وضعها الاقتصادي دون توافق على الإصلاحات السياسية
ونهج الحكم، وبرأيي علينا أن نكون منطقيين وأصحاب نفس طويل في مشروع الإصلاح
السياسي في الأردن، خاصة أن معظم الناس غير منخرطين في هذا المشروع".
من جهته أكد جواد
دويدار على أن البديل هو حكومة وحدة وطنية تقوم بالقطع مع صندوق النقد الدولي،
وتعمل على برنامج اقتصادي وطني يضع مصلحة الأردن بعمقها العروبي أولاً.
ووافق القضاة دويدار في طرحه وقال: "البديل الذي نطلبه هو تغيير النهج الحكومي ككل، ومحاسبة
الفاسدين وإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية بطريقة تحفظ حق المواطن بعيش حياة
كريمة، وعدم اعتماد الحل الاقتصادي على جيب المواطن".
ملفات اقتصادية صعبة على طاولة حكومة الأردن الجديدة
رئيس حكومة الأردن الجديد يتعهد بسحب مشروع "ضريبة الدخل"
أول تعليق للرزاز على قانون الضريبة الذي أدى لاحتجاجات الأردن