نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن قرار إلغاء
الاتفاق النووي الذي يشكل تهديدا مباشرا للاقتصاد
الإيراني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بعد رفع العقوبات بشكل فعلي عن إيران في سنة 2016، أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن اقتصاد البلاد سينمو بنسبة 4 بالمئة، الأمر الذي يعد نتيجة مباشرة للزيادة التي شهدتها صادرات النفط. كما توقع صندوق النقد الدولي أن إنتاج النفط الخام سيكون في حدود 4 ملاين برميل في اليوم، وأن تدفقات الاستثمارات الدولية ستحقق قفزة نوعية في بلد آيات الله. وبعد سنتين ونصف من رفع العقوبات، يبدو أن الاقتصاد الإيراني حقق قدرا من الاستقرار المتباين.
وبينت الصحيفة أن الناتج المحلي الإجمالي في إيران نما بنسبة 12.5 بالمئة في سنة 2016. لكن في السنة الماضية، توقف مؤشر النمو في حدود 3.7 بالمئة، في حين تجاوز معدل التضخم آنذاك 30 بالمئة. في الأثناء، استمر مؤشر البطالة في النمو ليصل إلى حدود 12.5 بالمئة خلال السنة الماضية، كما تراجعت ثقة السكان في المزايا الاقتصادية للاتفاقية بشكل واضح.
وأوردت الصحيفة أن الركود الذي شهده الاقتصاد الإيراني يعود إلى أسباب عديدة. فعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي رفع معظم العقوبات، إلا أن الولايات المتحدة استمرت في فرض جميع العقوبات التي ليس لها أي علاقة مباشرة بالاتفاق النووي. وبالتالي، كان لهذه العقبات دور في عرقلة المعاملات بين البنوك الإيرانية والأمريكية، فضلا عن العمليات الجارية مع عناصر الحرس الثوري الإيراني، الذي يضطلع بدور هام في صلب اقتصاد البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، لم تنفذ حكومة طهران الإصلاحات والتغييرات المخطط لها، سواء على مستوى الحسابات العامة أو البنكية، التي أثقل كاهلها نحو 12 بالمئة من عدم الالتزام بدفع المبلغ المستحقة. كما غضت الحكومة الطرف عن مكافحة الفساد المتفشي في صفوفها.
وأبرزت الصحيفة، من ناحية أخرى، أن تقريرا صادرا عن مشروع الاقتصاد العالمي الديناميكي، أكد أنه منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، أدى احتمال فرض عقوبات جديدة على إيران، إلى تثبيط رغبة العديد من شركات الصناعات الأجنبية والبنوك في إقامة علاقات اقتصادية مع إيران. وفي اجتماع عقدته الجهات الرائدة في قطاع النفط في شهر آذار/ مارس في لندن، أكد نائب وزير النفط الإيراني، أمير حسين زامنينيا، للمستثمرين أن طهران وقعت في هذا الوقت مذكرات تفاهم تشمل حوالي 28 مشروعا مع شركات مختلفة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المذكرات شملت شركة توتال الفرنسية، وشركة إيني الإيطالية، إلى جانب شركة شال الأنجلو-هولندية. كما شملت هذه الاتفاقيات كلا من شركة روسنفت ولوك أويل الروسية، فضلا عن الشركة النفطية الصينية سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية.
وأفادت الصحيفة بأن الاتفاق مع شركة توتال الفرنسية يعد الأكثر تطورا وأهمية بقيمة 4.800 مليون دولار، كما هو الشأن بالنسبة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية، الذي يعد بمثابة جزء من مشروع حقل غاز الشمال، أكبر حقل غاز في العالم. وفي هذا السياق، اعترف الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز الفرنسية توتال، باتريك بويان قائلا: "في حال تمكنا من إنهاء إجراءات العقد بشكل قانوني سنقوم بتنفيذ المشروع. هناك فرص هائلة في إيران، لكن دعونا نرى أولا، ما إذا كان بإمكاننا المضي قدما في هذا الاتفاق المبدئي".
وأقرت الصحيفة بأن العزوف عن الاستثمار في إيران، مرتبط أساسا بالقطاع المالي، الذي سُحق جراء العقوبات التي تقدر بملايين الدولارات، والتي فرضتها الولايات المتحدة على بنوك شركة هونغ كونغ وشنغهاي للخدمات المصرفية ومجموعة بي إن بي باريبا، التي تراوحت بين 1.900 و8.900 مليون دولار.
في الأثناء، يعد تحديث الأسطول الجوي واحدا من أكثر المجالات التي يوليها النظام الإيراني أهمية قصوى. فقد قامت طهران بشراء أكثر من 100 مركبة جوية من شركة إيرباص لفائدة شركة إيران للطيران (إيران أير)، إلى جانب 80 طائرة أخرى من شركة بوينغ.
وأضافت الصحيفة أن قطاع صناعة السيارات حظي بدوره باهتمام كبير. فقد وقعت شركة بيجو اتفاقات بقيمة 700 مليون يورو مع إيران، وتعهدت شركة رينو ببناء مصنع جديد في البلاد لإنتاج ما يصل إلى 350 ألف سيارة في السنة. ومن جهتها، أعلنت شركة فولكس فاغن أنها ستحيي من جديد عمليات التصدير الموجهة للبلاد بعد 17 سنة. في المقابل، قامت شركة بي إم دبليو، التي تشهد رواجا كبيرا في السوق الأمريكية، بتأجيل مشاريعها التي ترتبط بإيران.
وأوضحت الصحيفة أن كلا من شركة سيمنز وألستوم، جنبا إلى جنب مع شركة السكك الحديدية الإيطالية، فيروفي ديلو ستاتو، وشركة السكك الحديدية الصينية، قد تعهدت ببعث استثمارات ضخمة في إيران. ويكمن الهدف من وراء هذه الاستثمارات في تحديث القطارات وبناء خطوط سكك عالية السرعة، علاوة على تطوير شبكات المترو. ولكن في ظل الوضع الراهن، يمكن أن يضطر الجميع إلى إيقاف تنفيذ هذه المشاريع والانتظار.