في حين يطغى الهدوء على الجبهات السورية باستثناء دوما في الغوطة الشرقية، يجمع محللون سوريون على أن المرحلة المقبلة ستشهد بداية لظهور الخلافات الروسية الإيرانية إلى العلن.
فقد أكد محللون تحدثوا لـ"عربي21" أن سياسة "احتواء الخلافات الجانبية" التي انتهجتها موسكو وطهران في سوريا لم تعد قابلة للتنفيذ، لأن الحاجة التي كانت تفرضها طبيعة المهام العسكرية المشتركة وحاجة كل طرف للآخر، "باتت في حدها الأدنى".
وأبعد من ذلك، فإنهم نظروا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد توترا روسيا إيرانيا على توسيع نفوذ كل منهما، آخذين بعين الاعتبار تداخل نفوذ موسكو وطهران في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
روسيا تستفيد من عزلة إيران
وفي هذا الصدد، قال رئيس "مركز الشرق للدراسات" الدكتور باسل جنيدي، إن تطور العلاقات الروسية الإيرانية الاستراتيجية وتجاوزها للملف السوري، وزيادة الاستقطاب بين روسيا والمجتمع الدولي، وغيرها من العوامل كانت وراء احتواء الخلافات الجانبية على مناطق النفوذ والموارد في سوريا.
وأوضح جنيدي لـ"عربي21"، أنه "يمكن تشبيه العلاقة بين روسيا وإيران بعلاقة الصين وكوريا الشمالية، وكما تستعمل بكين بيونغيانغ كبلطجي خاص بها، فإن موسكو تفعل الأمر ذاته مع طهران أمام دول الإقليم والمجتمع الدولي".
اقرأ أيضا: هل تعرقل روسيا جهود إيران في جني ثمار استثماراتها بسوريا؟
وأضاف أن روسيا تستفيد من العزلة الدولية لإيران، خصوصا أن هناك تنافسا بين الدولتين على أسواق الطاقة، وفي الوقت ذاته تحصد سياسيا ثمار "البلطجة" الإيرانية، خصوصا في سوريا، وتحديدا مع إسرائيل.
ورأى جنيدي أن التحالف الروسي- الإيراني في سوريا لا يمكن أن ينفض إلا في حال تعرضه لتهديدات عسكرية مباشرة وكبيرة، لا يستطيع أي طرف القيام بها باستثناء الولايات المتحدة.
وأوضح أنه "على الرغم من أن احتمال قيام حرب من هذا النوع يبقى قائما مع تعقد المشهد السوري، إلا أن الولايات المتحدة لا تبدي استعدادا لها، كما أنها تمنع حلفاءها الإقليميين من تصعيد التوتر إلى الحد الذي يجبر موسكو على أخذ مسافة من طهران في سوريا".
من جهته، يرى رئيس وحدة الأبحاث والدراسات في "مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية"، محمود إبراهيم، أن العلاقة التي تجمع روسيا بإيران في سوريا هي علاقة تحالفية ظاهريا، لكنها على الأرض بعكس ذلك تماما.
وأضاف لـ"عربي21"، أن ما جرى في الغوطة مؤخرا يشير بوضوح إلى أن إيران هي المنتصرة، بعكس روسيا التي استدرجت إلى معركة ليست معركتها، إذ أمنت مقاتلاتها الغطاء الجوي للمليشيات الموالية لإيران.
وأردف بأن "هناك سباقا حقيقيا يجري الآن في الغوطة، ما بين روسيا وإيران، لتثبيت النقاط على الأرض، في الوقت الذي تشي فيه التحركات الإيرانية بأن دمشق باتت مدينة إيرانية بشكل كامل".
توجس روسي
وفي السياق، وضع إبراهيم الإعلان الروسي المستعجل عن استثمار الفوسفات السورية في البادية في خانة السباق الروسي-الإيراني، رغم عدم استقرار البادية السورية عسكريا.
وأشار الباحث إلى ما يجري في الشمال السوري من تبادل جغرافي ما بين روسيا وتركيا، معتبرا أن ذلك يشير إلى توجس روسي من توسيع طهران لنفوذها في المنطقة.
لكن هل من المحتمل أن يتطور الخلاف الروسي-الإيراني إلى مواجهة مباشرة؟ أجاب إبراهيم بأنه "ليس هناك من احتمال لنشوب مواجهة مباشرة على الأقل في المدى المنظور أو المتوسط، لكن قد يصل إلى مرحلة صراع الوكلاء".
وقال: "هناك قوات موالية لإيران تطعن القوات الروسية من الخلف، وشركات روسية تعطي إحداثيات تموضع القوات الإيرانية في منطقة نهر الفرات الأوسط لقوات التحالف".
اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: روسيا وإيران قد تتخليان عن الأسد لهذه الأسباب
لكن، وبحسب إبراهيم، فإن فصل المواجهة الروسية-الإيرانية الأكبر قد يتجلى في الصراع على كرسي الرئاسة، ففي حين تريد إيران تثبيت الأسد على كرسي الحكم، تبدو روسيا أنها فعلا بدأت بالتفكير بتشكيل مجلس عسكري يحد من صلاحيات الأسد، والعميد سهيل الحسن "النمر" على رأس الأسماء المطروحة لتوليه، وفق قوله.
ما جدية دول غربية بتوجيه ضربة للأسد.. وما الذي يؤخرها؟
لماذا أجّل النظام تهجير أهالي حي القدم الدمشقي للآن؟
بعد تهديدات.. لماذا أرجأ النظام العملية العسكرية بريف حماة؟