عديدة هي المؤشرات التي تشير إلى استعجال روسي لحسم الوضع العسكري في الغوطة الشرقية، والتي بدأت بالظهور تباعا، ومن أبرزها المضي في استخدام القوة العسكرية المفرطة، بالرغم من القرارات الأممية الداعية إلى هدنة.
وإلى جانب ذلك، سرعت موسكو بدرجة كبيرة من وتيرة عملياتها
المشابهة تماما لتلك العمليات التي طبقتها في حلب قبيل سقوط الأحياء الشرقية بيد
النظام أواخر العام 2016، من الحديث المزعوم عن تطبيق هدن مؤقتة وفتح معبر لإجلاء
المدنيين، إلى الاتهامات للمعارضة بمنع خروج المدنيين، وهو الأمر الذي يوحي بأن
موسكو دخلت في سباق للظفر بحسم عسكري دون النظر إلى العواقب.
وفي هذا السياق، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي
العقيد حاتم الراوي إلى وقوف روسيا في وجه إرادة "المجتمع الدولي"
الداعي إلى تهدئة لمدة 30 يوما فقط في الغوطة، واصفا ذلك بـ"الأمر المثير
للريبة".
واعتبر الراوي في حديثه لـ"عربي21"، أن ما
يجري في جبهات الغوطة من تعنت واستعجال روسي يعكس مدى أزمة موسكو في سوريا عموما،
متسائلا عن الأسباب التي تدفعها للوقوف بوجه العالم بأسره في الغوطة.
اقرأ أيضا: مدنيون ينزحون من الغوطة وتعذر دخول قوافل الإغاثة (صور)
وضمن رؤيته لأسباب الاستعجال الروسي، تطرق الكاتب
الصحفي المتخصص في الشأن الروسي طه عبد الواحد، إلى جملة منها وفي مقدمتها حدة
الانتقادات الدولية التي تزداد باستمرار التصعيد العسكري في الغوطة.
ولفت عبد الواحد في حديثه لـ"عربي21"، إلى
خشية موسكو من تطور غير مرغوب قد تنعكس نتائجه على الترويج داخليا للانتصار في
سوريا، ويكشف أنها تشارك اليوم في معارك ضد أطراف كانت بالأمس تتفاوض معهم، منوها
إلى النتائج السلبية لمثل هذه الوقائع على الرأي العام الداخلي.
وألمح إلى خشية موسكو من حدوث تطور في الغوطة يدفع
القوى الكبرى إلى الخروج من إطار التهديدات السياسية والقيام فعلا بضرب النظام
السوري، في إشارة منه إلى التهديدات الأمريكية والأوروبية لنظام الأسد، واستدرك
قائلا: "بالتأكيد حينها لن تذهب روسيا إلى مواجهة الغرب لعيون الأسد".
وتساءل بالمقابل: "لكن هل من السهل الحسم في
الغوطة اعتمادا على القوة العسكرية؟"، مضيفا أن "هنا مكمن أزمة روسيا في
الغوطة".
اقرأ أيضا: موسكو: الفصائل خرقت الهدنة بحلب واللاذقية ودمشق والغوطة
وعن ما إذا كانت هناك مخاوف روسية من أن تتمكن فصائل
الغوطة من قلب الطاولة عسكريا على نظام
الأسد من بوابة دمشق، وذلك في حال تعرضها
لضغط أكبر، رأى عبد الواحد أن روسيا تخشى أكثر ما تخشى ردود الفعل الدولية في حال
استمرت بالقصف العنيف، وهي غير مكترثة بمصير السوريين.
وبالمقابل، لم يستبعد أن تضطر روسيا ضمن سيناريوهات
الخروج من أزمة الغوطة إلى تبني جانب من اقتراح فصائل الغوطة الذي يبحث في إخراج
مقاتلين من هيئة تحرير الشام.
ولم يذهب المعارض السوري فهد المصري بعيدا عن عبد
الواحد، حيث عزا الاستعجال الروسي في الغوطة إلى المخاوف الناجمة من تدخل عسكري
غربي وشيك ضد نظام الأسد.
وقال المصري لـ"عربي21" إن الجميع يعلم
بأن الحرب على الأبواب، الحرب التي تستعد لها الولايات المتحدة ودول وأوربية
وإقليمية، مضيفا أنه "لذلك هناك رغبة روسية في تغيير المعادلة العسكرية في محيط
دمشق قبل الإعلان عن الحرب، التي قد تشعل نتائج التقرير الأممي في منتصف الشهر
القادم حول استخدام الكيماوي شرارتها الأولى".
وكان النظام السوري حقق تقدما عسكريا في جبهات
الغوطة السبت، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من التصعيد والقصف الجوي، الذي تسبب بمقتل
وجرح المئات من المدنيين في الغوطة الشرقية.
الكعكة السورية.. الحصة الأكبر لروسيا والإيرانيون غاضبون
لماذا ترفض روسيا عرض فصائل الغوطة إخراج "تحرير الشام"؟
مجلس الأمن الدولي يؤجل التصويت على قرار بشأن هدنة سوريا