ربما لا تكون هناك مشكلة من الناحية الفقهية في فرض رسوم على تكرار الحج والعمرة، كما فعل النظام العسكري في مصر. فيجوز لولي الأمر أن يقيد المباح، هذا عند الحكم بالظاهر من الأوراق؛ لأن ترك الظاهر إلى البحث فيما بين السطور سيقودنا إلى طرح سؤال وجيه مفاده: وأين هو ولي الأمر؟!.. غير أن هذا الامر يحتاج إلى فقيه يمكنه أن يستلهم حكم الدين في هذا القرار!
فريق من نشطاء السيوشيال ميديا الذين يرون في أي إجراء لتقييد ممارسة الشعائر الدينية (الإسلامية بالذات) أمراً يستحق التحية والتقدير
لقد فرض النظام الانقلابي في مصر رسوماً إضافية على تكرار العمرة، تزيد في كل مرة عن سابقتها إذا وقع التكرار خلال ثلاث سنوات، وهو ما أثار سعادة غامرة لفريق من نشطاء السيوشيال ميديا الذين يرون في أي إجراء لتقييد ممارسة الشعائر الدينية (الإسلامية بالذات) أمراً يستحق التحية والتقدير، باعتباره وثيق الصلة بالمدنية والتحضر، ومن فريق من العرب يرون في التمسك بمثل هذه الشعائر رجعية، وفيما دون ذلك دليل على التعلق بأهداب الحضارة، وهو أمر له علاقة وثيقة بتعطل ما في أعلى الرأس، إن كان له وجود من الأساس!
وهذا التعطل هو الذي يدفع البعض للتهليل للإجراءات المتخذة في المملكة العربية السعودية، بالاهتمام بالترفيه، وإقامة الحفلات الغنائية، باعتبار أن هذا هو المراد من ليبرالية العباد، في حين أن الليبرالية لا تعرف فكرة "الحاكم المتغلب" الوافدة من زمن الاستبداد الديني، كما لا تعرف قمع الحريات واسكات أصوات المعارضة. فالليبرالية نمط في الحياة وفي الحكم، عندما يؤخذ منه جانب فقط، فإننا نكون أمام عملية تلفيق، تستدعي تجريس من يقوم بها، وليس لتأييده، وكأنه بإقامة حفلة غنائية صار هو الخليفة العادل!
التضييق على المعتمرين هو محاولة التقرب للغرب بالنوافل، على غرار التصريح الشهير لقائد الانقلاب العسكري، الذي دار حول أن كل المسلمين يهددون سكان الكرة الأرضية!
فما المعنى من ألا يسرى القرار على من يكررون من المسيحيين الحج إلى بيت المقدس في كل عام، من باب المراكز القانونية المتماثلة
ما علينا، فمشكلة القرار في سياقه، وهو سياق يضيق ذرعاً بالتدين وأهله، ويرى في ممارسة شعائر الدين عبئاً ثقيلاً على سلطة تماهت مع الخارج، حتى أصبحت ترى في المناسك ما يمثل خلافا مع المدنية، وأن التضييق على المعتمرين هو محاولة التقرب للغرب بالنوافل، على غرار التصريح الشهير لقائد الانقلاب العسكري، الذي دار حول أن كل المسلمين يهددون سكان الكرة الأرضية! وإلا فما المعنى من ألا يسرى القرار على من يكررون من المسيحيين الحج إلى بيت المقدس في كل عام، من باب المراكز القانونية المتماثلة؟!
هناك دعوة قديمة للاقتصار على الحج والعمرة لمرة واحدة، لكنها مجرد دعوة وليست إجراء من السلطة لمنع تكرار السفر للأراضي الحجازية، وهي تلفت الانتباه إلى أنه من الأفضل التبرع بالنفقات عند تكرار ذلك لمصارف أخرى من أوجه الخير، كبناء المستشفيات والمدارس، أو التبرع للمحتاجين، وليس بأن تذهب هذه الأموال إلى خزينة الدولة، ليتم إنفاقها في مصارف السفه، التي يقوم عليها الحكم الذي يفتقد للرشد!
لا يمكن الترحيب بهذا القرار على أساس أنه للحفاظ على العملة الصعبة، في وقت تهدر فيه السلطة مئات الملايين من الدولارات في كل عام من خلال الحج على نفقة الدولة
صفقة نتنياهو السيسي.. وبيع فلسطين ألف ألف مرّة!