يعيش حزب "جبهة التحرير الوطني"، الحاكم في الجزائر، على وقع انقسامات حادة، إثر إعلان قيادات من داخله عن تأسيس تنسيقية لدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة بانتخابات الرئاسة المتوقعة العام المقبل.
وأعلن أعضاء باللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، الأحد، عن تأسيس تنسيقية دعم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة، والبالغ من العمر 80 عاما، تتألف من وزراء سابقين وشخصيات سياسية بارزة.
وأفاد عضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم في الجزائر، صاحب مبادرة التنسيقية، بهاء الدين طليبة، أن "أسماء ثقيلة أعلنت عضويتها بالتنسيقية بينهم الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، ووزير السياحة عبد الوهاب نوري ووزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، وعبد العزيز بلخادم مدير الديوان السابق بالرئاسة، ووزير الاتصال السابق حميد قرين".
اقرأ أيضا: نائب يدعو بوتفليقة للترشح لولاية خامسة أسوة بأركان الإسلام
وأثار إعلان بهاء الدين طليبة، عن تأسيس التنسيقية، غليانا بقيادة الحزب الذي يرأسه الرئيس بوتفليقة نفسه، ويمسك بأمانته العامة جمال ولد عباس، الذي شدد خلال لقاء مع كوادر حزبه، بمحافظة وهران، السبت، أنه " لا يحق لأي كان الحديث عن الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة بالوقت الراهن".
ودعا ولد عباس ، قياداته إلى "الكف عن التطرق بأي شكل من الأشكال إلى الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة"، كما دعا أحزاب الموالاة الحليفة لحزبه إلى تفادي الترويج للولاية الخامسة بالوقت الراهن.
وفي هذا الصدد قال ولد عباس في تصريح لصحيفة "عربي21"، الإثنين :"الحديث عن العهدة الخامسة ممنوع، وقرار الترشح بيد الرئيس وحده"، مضيفا أن "الحزب سيتناول هذه المسألة في حينها".
وأكد ولد عباس بخصوص عدم تقيد أعضاء باللجنة المركزية بتعليماته إزاء الولاية الخامسة، "لم أكلف أحدا بتأسيس تنسيقية دعم ترشح بوتفليقة، وسأعمل على وقف مبادرته".
جدير بالذكر أن الأمين العام للحزب الحاكم كان أول من أعلن تزكيته ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وكان ذلك خلال تجمع دعائي نشطه بالعاصمة، في إطار حملة الدعاية للانتخابات المحلية التي جرت بالجزائر يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، الماضي، لكنه تراجع عن ذلك، لأسباب "انضباطية"، بحسب مقربين منه، قالوا إنه تلقى تعليمات من رئاسة الجمهورية تفيد بعدم الحديث عن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة العام 2019.
دعاية سابقة لأوانها
وتعتقد السلطة بالجزائر، أن تداول مشروع الولاية الخامسة، لبوتفليقة بالوقت الراهن، لا يخدم الرئيس، بسبب غليان يسود الجبهة الاجتماعية على وقع غلاء المعيشة، وانتهاج الحكومة خطة تقشف صارمة، أثرت على جيوب قطاع واسع من الجزائريين البسطاء.
وتسود البلاد موجة من الإضرابات و الاحتجاجات، على غرار أساتذة التعليم بالمدارس وطلبة الجامعات والأطباء، الذي يطالبون بزيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل، كما شهدت بعض المحافظات بالآونة الأخيرة احتجاجات شعبية بسبب الغلاء وتدهور مستوى المعيشة.
وانقسمت قيادات حزب جبهة التحرير الوطني، إلى مؤيد ومعارض لمبادرة الولاية الخامسة، وصرح منسق المبادرة، بهاء الدين طليبة، وهو برلماني ورجل أعمال نافذ بالجزائر، بتصريح لصحيفة "عربي21"، الإثنين" أن المبادرة ليست محسوبة على حزب بعينه أو تكتلات معينة، وجرت العادة، كما في العهدات السابقة، أن تتشكل تنسيقيات لهذا الغرض استجابة لنداء الشعب.
وشجب طليبة منع مسؤوله بالحزب، جمال ولد عباس، كوادره الحزبية من الترويج للولاية الخامسة لبوتفليقة، قائلا بذات التصريح: "الذين يتحاشون الخوض في الحديث عن العهدة الخامسة، هم يريدون أن يكون لديهم السبق في إعلان ذلك، وعودنا الرئيس بوتفليقة دوما أنه يلبي نداء الشعب دون سواه".
وتابع طليبة: "إن الذين يعارضون العهدة الخامسة للرئيس أو المانعين أو المتحفظين عن الحديث عنها، يعرضون خدماتهم تحت جنح الليل للسير في ركب العهدة الخامسة مع اشتراط بقائهم وراء الستار".
وألقى إعلان تأسيس تنسيقية دعم ترشح بوتفليقة، لولاية خامسة، بظلاله على المشهد السياسي بالبلاد، باعتبار أن الحزب الحاكم في الجزائر يشكل المرجعية في رسم المرحلة السياسية المقبلة، وبالتالي أضاف بداية الترويج للولاية الخامسة، مزيدا من الغموض والخوف من المستقبل.
وبهذا الصدد، أوضح عمارة بن يونس، رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، ثالث الأحزاب المتحالفة مع حزب الرئيس بوتفليقة، أن "ما يتداول بشأن الولاية الخامسة للرئيس، لا يستند إلى منطق بالوقت الراهن"، وتابع بمؤتمر صحفي عقده، الأحد بالعاصمة، الجزائر: "اتركوا الرئيس بوتفليقة ينهي عهدته (ولايته) الرابعة قبل دعوته للتقدم إلى عهدة خامسة، فضلا عن أن 2019 مازالت بعيدة".
تراجع المعارضة
يأتي ذلك في وقت تراجعت فيه المعارضة السياسية عن المطالبة بتطبيق البند 102 من الدستور الذي ينص على حالة الشغور بمنصب الرئيس، باعتبار أن بوتفليقة يعاني من مرض يعيقه عن أداء مهامه الدستورية، منذ العام 2013.
اقرأ أيضا: رئيس وزراء الجزائر يكشف قرار ترشحه لـ"رئاسيات 2019"
وعادة، لا يعلن الرئيس الجزائري الذي وصل إلى سدة الحكم بالجزائر عام 1999، عن رغبته بالترشح لانتخابات الرئاسة إلا بالربع ساعة الأخير، وحدث هذا عندما أعلن ترشحه لولاية ثانية العام 2004، ثم ولايته الثالثة العام 2009، فالرابعة العام 2014.
وكان رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية، فاروق قسنطيني، أعلن شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، عن رغبة بوتفليقة الترشح لولاية خامسة، قائلا بتصريحات صحفية حينها: "التقيت الرئيس بوتفليقة وأبان لي رغبته بالترشح لولاية خامسة".
لكن الرئاسة بالجزائر وبعد تصريح قسنطيني، أعلنت عن بيان أكدت فيه أن ما تداوله رئيس اللجنة الحقوقية "عار من الصحة". لكن قسنطيني وبعد بيان التكذيب الرئاسي، ثبت على موقفه في تصريح سابق لـ"عربي21".
كيف سلم مسلحون أنفسهم للجيش الجزائري؟