من المؤكد أن القيادة الإسرائيلية، مثلها مثل إدارة الرئيس ترامب، قد صدمت بنتائج التصويت على مشروع القرار التركي اليمني الخاص بالإبقاء على وضعية مدينة القدس دون تغيير. وكما جاءت ردود فعل ساكن البيت الأبيض متشنجة غاضبة، حيث تضمنت تهديدا لعشرات الدول بحرمانها من المساعدات الأمريكية، بما في ذلك دول عرفت بصداقتها للولايات المتحدة، مثل المغرب وتونس على سبيل المثال، فقد انهال مندوب حكومة نتنياهو على الأمم المتحدة وهياكلها وأعضائها؛ بالغمز واللمز والانتقاد الذي بلغ حد السخف، عندما زعم بأن الدول التي اعترضت على قرار ترمب " ليست إلا دمى تحركها القيادة الفلسطينية"! وقلب الآية بقوله: "من المخجل أن يحصل ما يحصل اليوم، ومن المخجل أن يعقد هذا الاجتماع".. كل ذلك لمجرد كون هذه الدول قد عبرت عن وقوفها إلى جانب القرارات الدولية، ولم توافق على تزوير الواقع والتاريخ، وتسليم القدس لقمة سائغة للصهاينة.
لا شك في أن ما حدث خلال ذلك التصويت يمثل حدثا تاريخيا لا يمكن الاستهانة به. فالرئيس ترامب وجد نفسه معزولا، وبسبب قراره المتسرع والخاطئ؛ ارتدت الدبلوماسية الأمريكية إلى الخلف، ولم تتمكن من إقناع العالم بأن الولايات المتحدة هي الأقدر على القيادة ورعاية أزمة الشرق الأوساط الجوهرية ممثلة في قضية فلسطين. لقد فقدت واشنطن صفة "الراعي"، ولا شك في أن أبا مازن كان مدركا لما يقول؛ عندما صرح بأن أمريكا "لم تعد وسيطا نزيها في القضية الفلسطينية". لهذا عليه أن يتذكر جيدا هذه الكلمات المعبرة عن خطورة المرحلة.
قد يكون هذا الحدث من بين أهم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. لا يعني ذلك أن رؤساء أمريكا السابقين كانوا أقل تعاطفا مع إسرائيل، لكن جميعهم، بدون استثناء، لم يسرعوا الخطى نحو حسم مسألة شديدة الحساسية والخطورة تتعلق بمستقبل القدس؛ بمثل هذا الارتجال والحماقة.
قد يكون هذا الحدث من بين أهم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
لا يمكن أن تواصل القيادة الفلسطينية العمل بوسائلها القديمة؛ التي لم تعد صالحة في ظل كل هذه المتغيرات
بيروت محور اتصالات إسلامية قومية فلسطينية: هل تنتهز الفرصة لمراجعات جذرية؟
معركة القدس وموازين القوى الجديدة: بين الطروحات الكبرى والوقائع الميدانية