نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحررة رولا خلف، تحت عنوان "عام السعودية للعيش في خطر"، محاولة رسم صورة درامية عما حصل في المملكة خلال العام الحالي.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "دور السينما تحضر نفسها لتفتح في السعودية، متأخرة بعقود عدة عن بقية العالم، ومن الأفلام المتنافسة على العروض فيها أول فيلم محلي سعودي (عام السعودية للعيش في خطر)".
وتقول خلف: "يمكن أن يتخيل الشخص حبكة الفيلم الذي يبدأ بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاما، الذي برز في عام 2017، بصفته الحاكم الفعلي للبلاد، ويؤدي في الفيلم دور البطل المساعد جارد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصديق الأمير المقرب، أما دور الأشرار فهم رجال غلاظ وقساة الملامح من الأمراء أبناء العم وملالي إيران، ولن يخلو الفيلم من مشاهد دمار وحرب في بلدان مثل اليمن وسوريا، ويقف مع الأمير الشجعان ممن هم ضد الرجعيين من رجال الدين الذين يشعرون أنهم الحكام الحقيقيون للبلاد".
وتضيف الكاتبة: "لعل أهم خط في السرد الروائي هو المؤامرة لسرقة ثروات البلاد، التي تجعل من المشاركين فيها عرضة للاعتقال في فندق خمس نجوم اسمه ريتز كارلتون. وما يميز الأمير، ولي العهد أنه عندما يسأم من عمل البلاد ومحاولة إصلاح نظام المملكة الاقتصادي وشن حروب أو هز الأغنياء والمشهورين، يقرر أخذ إجازة في جنوب فرنسا ليستمتع بيخته الذي اشتراه بـ500 مليون دولار، واسمه (سيرين/ السكينة)، وربما قرر التنزه في المنطقة، ويقطع الحدود ليزور لوحته (يسوع المخلص) لليوناردو دافنشي التي اشتراها بـ450 مليون دولار".
وتلفت خلف إلى أن "الفيلم سيفتتح بمشهد الأمير الشاب وهو يتمشى ليكتشف أن بلاده ليست مملكة، بل قوة عظمى، فعلى مدى عام تقريبا منع الأمير من انهيار بلاده الذي توقعه الكثيرون أكثر من مرة إلى بلد سريع التطور ولا يمكن لأحد ملاحقته، ويقوم الملك، الذي كان دائما يشعر بموهبة ابنه الخاصة، بتلقي تقارير مثيرة للسرور عن مناقب ابنه، وبالتالي يفتح له مزيدا من الأبواب المغلقة".
وتبين الكاتبة أنه "قبل نهاية هذا العام، أصبح الأمير، الذي له عدد من الأمراء أبناء العم الطامحين للملك، الوحيد المرشح للعرش، حيث اقتنع عدد من أبناء عمومته أن مهاراته السحرية لا يمكن مجايلتها، فيما أقنع آخرين منهم بإقامة طويلة في الريتز، ويتخلى النقاد والشيوخ الذين لا يصفقون لتحركات الأمير الكثيرة عن معارضتهم، ويفضلون إقامة طويلة في فنادق النوم والفطور (بي أن بي) السعودية".
وتنوه خلف إلى أن "الشباب في المملكة يصفقون فرحا لأنهم يعرفون أن هناك أميرا يفهمهم، واكتشفوا خطأ الشيوخ الذين درسوهم منذ الصغر أن الاستماع للموسيقى هو أثم، والنظر للمرأة غير المحجبة شر، ويرقص اليوم الشباب طوال الليل في حفلات الموسيقى، ولم تعد هناك حاجة للسفر الطويل إلى دبي لمشاهدة فيلم على الشاشة الكبيرة، ولأن الأمير حرر النساء، وسمح لهن بقيادة السيارات، فسيطلب الشباب من الفتيات اللقاء في مواعيد، وهناك شائعات تقول إن الأمير يقوم ببناء مدينة مدهشة أكثر من سيلكون فالي، وسيعمل فيها الرجال والنساء والروبوتات جنبا إلى جنب، وسيطلق عليها اسم (الوادي السعودي)".
وتستدرك الكاتبة بأنه "رغم أن هناك مشكلة صغيرة، إلا أنه يمكن التغلب عليها، فالشباب والشابات مطالبون بالعمل لتوفير متطلبات الحياة اليومية، وقيل لهم إنهم سيدفعون الضرائب للأمير، ورغم أن الظروف التي يعيشونها أقسى من تلك التي عاشها آباؤهم، لكنه ثمن صغير مقابل كونهم جزءا من الدولة السريعة الحديثة والمتفوقة".
وتفيد خلف بأن "الأمير قدم في النهاية أمرا لا يقدر بثمن، وهو الشعور بأن السعودية على قمة العالم، فمثل الشهور الماضية أثبت الأمير أنه أبو الاستراتيجيات، ففي الوقت الذي كان فيه الجميع يهاجمون الرئيس الأمريكي الجديد، قدم له الأمير حفلة على طراز حفلة غاتسبي العظيم في الرواية المعروفة، وأصبح هو وجارد صديقين وثيقين، وهما يخططان لخطة تشكل الشرق الأوسط الجديد، وتصبح فيها السعودية قوة عظمى حقيقية".
وتقول الكاتبة: "بفضل صداقته الجديدة، ولحقيقة أن السعوديين الآن مقتنعون بأن إيران تشكل تهديدا مباشرا وجوديا، فإن الأمير لم يعد بحاجة إلى رجال دين ليؤكدوا له أنه الحاكم الشرعي المبارك للمملكة العربية السعودية والحرمين الشريفين، فأن تكون سعوديا تعني أن تقف وتظهر القوة".
وتختم خلف مقالها بالقول: "مع أن الانتصارات في الحروب لم تتحقق مباشرة، وشهدت نوعا من النكسات، إلا أن النصر مؤكد على المدى البعيد، وفي الفيلم، كما هو في العالم الحقيقي، فأبناء المملكة ومن حولها يعرفون الدرس المهم: هناك دولة سعودية جديدة وتحب العيش في خطر".
هل تمنع الرياض ترامب من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل؟
جيروزاليم بوست: إلى أين وصل التقارب السعودي الإسرائيلي؟
تلغراف: هذا ما قاله مسؤول إسرائيلي سابق عن السعودية